حصد رئيس الوزراء العراقي الجديد، حيدر العبادي، خلال مؤتمر الدول الـ 60 الأعضاء في «التحالف الدولي» المنعقد في مقر حلف شمال الأطلسي بالعاصمة البلجيكية بروكسل، ترحيباً دولياً وإقليمياً (أميركياً ـ سعودياً خصوصاً) بتوجهات حكومته، محاولاً، في الوقت ذاته، تكريس دور بلاده ضمن «التحالف» الذي تقوده واشنطن وتقول إنها تسعى من خلاله إلى محاربة تنظيم «الدولة الإسلامية».
وترافقت المشاركة العراقية في المؤتمر مع إعلان أميركي، فصل بين تطورات «الحرب» على التنظيم في العراق، وبين التطورات في سوريا، الأمر الذي يضفي أبعاداً جديدة على أي تعاون مستقبلي في هذا الصدد بين القوى الدولية وبين الحكومة العراقية. وقال الرئيس الأميركي، باراك أوباما، إنه «واثق» من قدرة «التحالف» على «دحر الدولة الإسلامية» في العراق، لكن مشكلة سوريا «أوسع وأصعب وطويلة الأجل».
وتأتي مشاركة الوفد العراقي في المؤتمر بعد يوم واحد من توصل بغداد إلى اتفاق مع حكومة إقليم كردستان، ينهي، بشكل مبدئي، أزمة تصدير النفط العالقة بين الطرفين، تمهيداً لتسوية مشاكل أخرى لا تزال عالقة بين المركز وأربيل. ويطوي هذا الاتفاق المزعوم صفحة خلافات طويلة طغت على ولاية رئيس الوزراء السابق، نوري المالكي.
وعلى هامش المؤتمر، برزت يوم أمس سلسلة اللقاءات السياسية التي أجراها الوفد العراقي، فضلاً عن الزيارة التي قام بها العبادي، مساءً، لباريس، حيث التقى الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، الذي أعلن أن بلاده مستعدة «لمضاعفة التحرك» ضد مسلحي تنظيم «الدولة الإسلامية» في العراق «وبسرعة وفعالية».
وجاء من ضمن أبرز اللقاءات التي أجراها العبادي في بروكسل، لقاؤه وزير الخارجية السعودي، سعود الفيصل، الذي توجه إلى رئيس الوزراء العراقي بالقول إن «استقرار العراق ونجاحه سيغير وجه المنطقة، ونحن فرحون بالإنجازات التي تتحقق الآن في العراق وبالتوجه الوطني لحكومتكم»، مؤكداً أنه «سيقوم بزيارة العراق قريباً».
من جهته، رحب وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، بمنجزات الحكومة العراقية. وقال بعيد لقاء جمعه بالعبادي، إن رئيس الوزراء العراقي «قام بخطوات من أجل توحيد البلاد ومحاربة الفساد والتهديدات التي يشكلها داعش»، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن «وزراء الخارجية والسفراء الذين كانوا في مؤتمر بروكسل أعجبوا بالعبادي وبإنجازات حكومته».
وكان كيري قد أشار في كلمته أمام المؤتمر إلى أن قوة الدفع التي كانت لتنظيم «الدولة الإسلامية» في العراق «تبددت»، في الوقت الذي استعادت فيه القوات العراقية أراضي حول الموصل وفي تكريت ووسعت نطاق الأمن حول عدد من مصافي تكرير النفط.
وأضاف كيري أن القوات الكردية تخوض القتال ضد التنظيم في شمال العراق وغربه، فيما بدأ مقاتلو العشائر «الانضمام» إلى صف «التحالف».
وشملت اللقاءات التي أجراها العبادي في بروكسل، إضافة إلى لقائه الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية، فيديريكا موغريني، اجتماعاً آخر عقده مع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، ينس شتولتنبرغ. وأعلنت المتحدثة باسم الحلف، أوانا لانجيسكو، أن رئيس الوزراء العراقي أبلغ شتولتنبرغ بأن بغداد ستتقدم بطلب لتدريب قوات الأمن العراقية. وأضافت أن سفراء الدول الأعضاء بالحلف سيراجعون هذا الطلب بمجرد تسلمه.
وتجدر الإشارة إلى أن «الأطلسي» كان قد أرسل، في السابق، فريقاً لتدريب قوات الأمن العراقية، لكنه سُحب في نهاية عام 2011، عندما لم يتسنّ التوصل إلى اتفاق بشأن الوضع القانوني لقوات الحلف العاملة في البلاد. أما إذا وافق حالياً على استئناف تدريب قوات الأمن العراقية، فمن غير الواضح ما إذا كان التدريب سيكون في العراق أو خارجه.
ويبدو أن رئيس الوزراء العراقي قد أنهى مشاركته في «مؤتمر بروكسل» بنتيجتين مفصليتين لجهة وضعية حكومته ضمن المشهد الإقليمي ولجهة علاقاتها مع عواصم القرار في «التحالف الدولي». فهو أولاً حصل على مباركة أميركية ـ سعودية بحكومته، ترافق مع إقرار أميركي بأن خطط «التحالف» في العراق تختلف عمّا يجري في سوريا.
وكان مسؤول بارز في وزارة الخارجية الأميركية قد قال للصحافيين في بروكسل، أمس، إن المؤتمر يشكل «نهاية بداية تشكيل التحالف، وهنا سنشهد اكتماله»، فيما «رحب» البيان الختامي للمؤتمر «بمداخلة... العبادي الذي عرض بالتفصيل خطة حكومته لإلحاق الهزيمة بتنظيم الدولة الإسلامية/داعش عبر المزج بين الإجراءات الأمنية والسياسية والاقتصادية».
(تفاصيل كلمة العبادي على موقع الأخبار)
وتزامنت أعمال «مؤتمر بروكسل» مع إعلان وزارة الدفاع الأميركية، في وقت متأخر أول من أمس، أن مقاتلات إيرانية من طراز «أف -4 فانتوم» شنت خلال الأيام الماضية غارات على مواقع للجهاديين في محافظة ديالى قرب الحدود مع إيران. وعلّق وزير الخارجية الأميركي، على الإعلان، بالقول: «إذا كانت إيران تهاجم (الدولة الإسلامية) في مكان ما، وإذا كان هذا الهجوم محصوراً بالدولة الإسلامية، وكان له تاثير، فسيكون إذن تاثيراً واضحاً إيجابياً».
من جهتها رفضت إيران تأكيد أو نفي شنّ غارات جوية. واكتفت المتحدثة باسم الخارجية الإيرانية، مرضية أفخم، بالقول إنه «لا يوجد أي تغيير في سياسات إيران في ما يتعلق بمحاربة الجماعات التكفيرية ومساعدة الحكومة العراقية وتقديم الاستشارة في مواجهة الجماعات التكفيرية». وأضافت أن الأنباء بشأن التعاون العسكري الإيراني لمواجهة الجماعات الإرهابية مثل «داعش» ليس صحيحاً.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)