أوقف «البنك الدولي» الدفعة الأولى من قرض ثلاثة مليار دولار، الذي وُقّع نهاية العام الماضي لدعم موازنة الدولة المصرية. وكان مفترضاً حصول مصر على مليار دولار، كجزءٍ أوّل من القرض، نهاية الشهر الماضي. لكن تأجيل الحكومة التصديق على القرض، واتخاذها جزءاً من الإجراءات الاقتصادية لتصحيح مسار الموازنة، دفعا «البنك الدولي» إلى تأجيل الصرف.
تزامن تعثّر تحويل القسم الأوّل من القرض، مع الجدل الدائر في مصر حول قيمته. فقرض «المليارات الثلاثة» هو الأضخم منذ إطاحة نظام حسني مبارك، إضافةً إلى الشروط التي فرضها «البنك الدولي»، في وقتٍ أعلن فيه رئيس الحكومة، شريف إسماعيل، جديّة الحكومة في اتخاذ إجراءات إصلاحية، تأخّرت الحكومات السابقة عن اتخاذها.
إسماعيل أوضح أن هناك قرارات «صعبة ومؤلمة» يجري اتخاذها لإصلاح العديد من القطاعات، التي تعاني مشكلات عدّة، وخاصّةً الصحة والتعليم، كإدخال القطاع الخاص في منظومة التعليم من أجل إصلاحها، في ظل انخفاض دَخل المدرّسين، وارتفاع عدد الطلاب في المدارس الحكومية.
في هذا الوقت، رأى وزير الشؤون القانونية ومجلس النواب، مجدي العجاتي، أن الحكومة ستعرض برنامجها على البرلمان في الثامن عشر من الشهر الجاري، عبر كلمة لإسماعيل، يستعرض فيها السياسات التي ستتخذها الحكومة، وخطّة عملها في الشهور المقبلة، قبل أن يمنحها النواب ثقتهم.
أكد مصدر عسكري أن القاهرة لن تشارك في أي تدخل بري في سوريا

أما «المبادرة المصرية للحقوق الشخصية»، فأصدرت، يوم أمس، تقريراً طالبت فيه البرلمان برفض القرض، باعتبار أنه يحتوي على شروطٍ تهدد السيادة الديموقراطية للشعب، كما ربط صرف الدفعات الثلاث بتنفيذ المراحل التي جرى الاتفاق عليها قبل توقيع القرض.
وانتقد التقرير «سريّة» المفاوضات، وغياب الإجراءات الدستورية في إبرام القروض الدولية، ما حرم الوثيقة فرصة النقاش أمام الرأي العام، وخاصّةً أن الحكومة بدأت المفاوضات قبل أكثر من عام على الإعلان الرسمي، ووقعته قبل أيام من انعقاد الجلسة الأولى للبرلمان؛ وذلك تفادياً لأي نقاش حوله، كما أن ذلك مخالف للمادة 127 من الدستور، التي تنص على رفض الاقتراض أو الارتباط بمشروعٍ غير مدرج في الموازنة العامة المعتمدة.
وأشار التقرير، أيضاً، إلى أن الحكومة ألزمت نفسها ثلاثة مجالات للإصلاح هي: تعزيز انضباط المالية العامة، والتحقق من استدامة عرض الطاقة، وتحسين مناخ الأعمال، في وقت تعجز فيه عن تلبية المطلب الشعبي برفع جودة وإتاحة التعليم والصحة، بجانب عجزها عن زيادة الإنفاق العام على هذين القطاعين، وعلى البحث العلمي وفقاً لمقتضيات الدستور. كذلك لم تطلب مساعدة «البنك الدولي» في تنويع الاقتصاد أو تعزيز تقديم الخدمات العامة أو زيادة التشغيل أو تطوير المالية العامة، وهي وفق موقع «البنك الدولي» مجالات ينطبق عليها هذا النوع من القروض، وتمثّل أولويات للإصلاح في الجمهورية.
وشدّد التقرير على أن الحكومة «تخفي الوضع الحقيقي المتعلق بحالة الاقتصاد والسياسة، ويمكن إجمال أهمّها في تباطؤ النمو، وزيادة أسعار الطاقة، وفتح قطاعات ذات طبيعة احتكارية أمام القطاع الخاص، وغياب الاستقرار السياسي، إضافةً إلى تباطؤ النمو بصورة أكبر مما توقعته الحكومة، وهو ما سيظل راكداً حتى عام 2018-2019، إضافةً إلى عودة الخصخصة ورفع أسعار الطاقة على محدودي الدخل»، الأمر الذي جعل الجكومة تتعهد للبنك الدولي بمعاداة العدالة الاجتماعية، وخفض فاتورة الأجور في القطاع الحكومي.
وتزايدت توقعات الاقتصاديين من انخفاض جديد لقيمة الجنيه بسبب النقص الحاد في العملة الصعبة، وعجز الحكومة عن توفير الدولار للمستثمرين، وفرضها قيودا حادة على الاستيراد، فيما تتوقع تقارير اقتصادية غير رسمية انخفاضاً بقيمة 10% على الأقل، مع زيادة الفارق بين السعر الرسمي والسوق السوداء لأكثر من 15%، في الأسابيع الماضية.
سياسياً، قال وزير الخارجية المصري السابق نبيل فهمي، إن مصر رفضت مشاركة قوات برية في حرب اليمن بقيادة السعودية خلال المدة الماضية، مؤكداً أن تأييد مشاركة مصر في العمليات ليس بالضرورة أن تصحبه مشاركة قوات برية.
لكن مصدرا عسكريا قال لـ«الأخبار»، إن مصر لن تشارك في أي تدخل بري في سوريا، وخاصّةً أن القاهرة لا تزال تؤمن بسبيل الحوار للخروج من الأزمة السورية، لا التدخل العسكري، الذي سيزيد تعقيد الأمور، مشيراً إلى أن زيارة الملك سلمان إلى القاهرة، المقررة مطلع نيسان المقبل، لا يتوقع أن يكون لها تأثير في القرار المصري، النابع من قناعة سياسية وتقارير استخبارية وأمنية اطلعت عليها قيادات على أعلى مستوى.