حسمت الديبلوماسية الروسية وجهة حراكها الراهن في الأزمة السورية. فلا مؤتمر دولياً جديداً على نسق مؤتمرات جنيف السابقة، بل عمل ديبلوماسي يرتكز على محاولة جمع طرفي النزاع بناءً على أسس واضحة. ضمن هذه الثوابت استقبلت روسيا، يوم أمس، وزير الخارجية السوري، وليد معلم، الذي سبق اجتماعه بنظيره الروسي، سيرغي لافروف، لقاء جمعه برأس السلطة الروسية، الرئيس فلاديمير بوتين، وصفه المعلم بـ»البناء جداً».
وفي ختام محادثاتهما في مدينة سوتشي جنوبي روسيا، أعلن لافروف، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره السوري، أن بلاده ستواصل دعم سوريا في مجال مكافحة الإرهاب، منتقداً في الوقت ذاته ضربات «التحالف الدولي» بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، التي رأى أنها تتعارض والأعراف الأساسية للقانون الدولي. وقال إن رفض واشنطن التعاون مع الحكومة السورية في مكافحة الإرهاب غير مبرر على الإطلاق، نظراً إلى أن النجاحات التي أُحرزت بشكل مشترك في تفكيك الأسلحة الكيميائية السورية أكدت قدرة السلطات السورية على العمل المشترك.
وشدد في سياق حديثه على أن بلاده تدين المحاولات لاستخدام المتطرفين في تغيير أنظمة الحكم، مشيراً إلى أن موسكو ودمشق تتفقان على أن خطر الإرهاب هو العامل الرئيسي الذي يحدد كيفية تطور الأحداث في المنطقة.
أردوغان يندد
بـ«وقاحة» الولايات المتحدة في
الأزمة السورية


وفيما أعلن لافروف دعم مبادرة المبعوث الدولي إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا، لـ»تجميد القتال» في سوريا بدءاً من حلب، فقد رفض فكرة تنظيم مؤتمر دولي واسع النطاق بشأن التسوية في سوريا على نمط مؤتمرات جنيف. لكنه أكد أن بلاده «تعمل باستمرار مع الحكومة السورية والمعارضة على السواء من أجل إيصالهما إلى إدراك مصالح بلدهما وشعبهما». ورأى أنه «نظراً إلى نقاط الخلاف التي تراكمت منذ سنوات والمحاولات المستمرة للتدخل الاجنبي في النزاع السوري، فإن هذا العمل ليس بسيطاً ويستغرق وقتاً».
ورداً على سؤال عن «سرقة النفط السوري وبيعه عبر وسطاء أتراك»، قال لافروف: «إننا بلا شك نحصل على معلومات من مصادر متعددة حول تهريب النفط من سوريا... أرسلنا قبل أيام وثيقة إلى هذا المجلس (مجلس الأمن) طلبنا فيها وضع حد لشراء النفط المسروق وإنهاء هذه الممارسات وأن هذه الأفكار تلقى استجابة اليوم لدى دول في الاتحاد الأوروبي».
من جهته، قال وزير الخارجية السوري إن اللقاء مع الرئيس الروسي «كان بناءً جداً»، مشيراً إلى أن بوتين «أكد تصميم روسيا على تطوير علاقاتها مع سوريا ومكافحة الإرهاب». وقال مسؤول سوري رفيع المستوى، رافضاً الكشف عن هويته لوكالة «فرانس برس»، إن «استقبال بوتين للوفد فور وصوله يدل على الأهمية التي يوليها لهذه الزيارة لأن الاجتماعات في موسكو تعقد في العادة مع وزير الخارجية سيرغي لافروف». وكان نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف، قد قال: «لدينا الكثير من المسائل المتعلقة بالتسوية السياسية» في سوريا «ولا يمكننا بالتأكيد مناقشتها من دون السوريين، ولهذا السبب تكتسي هذه الزيارة مثل هذه الأهمية».
وبعيداً عن الحراك الديبلوماسي الروسي بخصوص الأزمة السورية، كانت أنقرة تعيد طرح علاقاتها الشائكة مع واشنطن ضمن «التحالف الدولي» عبر موقف تميز بلهجته المرتفعة. فقد ندد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، يوم أمس، بـ«وقاحة» الولايات المتحدة في الأزمة السورية، ما يشير مرة جديدة بعد زيارة نائب الرئيس الأميركي جو بايدن لتركيا، إلى وجود خلافات بين الحليفين في هذا الملف. وقال، أمام مجموعة من رجال الأعمال المجتمعين في أنقرة أثناء التطرق إلى المطالب التي وجهتها واشنطن إلى تركيا في مجال محاربة تنظيم «الدولة الإسلامية»: «أود أن تعلموا أننا ضد الوقاحة والمطالب اللامتناهية». وأضاف: «لماذا يقطع شخص ما مسافة 12 ألف كلم ليأتي ويبدي اهتمامه بهذه المنطقة؟»، في إشارة إلى زيارة بايدن في نهاية الأسبوع الماضي لإسطنبول.
(الأخبار، أ ف ب)