القاهرة | بعد عمل استمر ما يقرب من عام، أعلنت لجنة تقصي الحقائق في أحداث ما بعد «30 يونيو» التي شكلها الرئيس السابق عدلي منصور برئاسة القاضي الدولي فؤاد عبد المنعم رياض موجز تقريرها للرأي العام أمس، بعدما تسلم الرئيس عبد الفتاح السيسي قبل أيام قليلة التقرير الكامل واحتفظ بالتقرير الكامل سرياً، حفاظاً على حياة الشهود الذين وردت أسمائهم في التقرير.
موجز التقرير تناول تظاهرات «30 يونيو» والفترة التي سبقتها وجميع الأحداث التي وقعت خلال المرحلة الانتقالية الثانية التي تسلم فيها السلطة رئيس المحكمة الدستورية لحين انتخابات رئيس جديد للجمهورية، وهي الفترة التي استمرت أقل من عام، بينما أغفل التقرير حادثة سيارات الترحيلات بأبو زعبل التي راح ضحيتها 36 شخصاً توفوا داخل السيارة نتيجة إلقاء قنابل غاز عليهم من رجال الشرطة.
صحيح أن اللجنة رصدت رفض جميع قيادات جماعة الإخوان المسلمين التعاون معهم والإدلاء بشهاداتهم عن تلك الفترة، لكن الأمر اللافت في التقرير هو غياب شهادة النائب السابق لرئيس الجمهورية، محمد البرادعي الذي اعتذر عن عدم الإدلاء بشهاداته رغم استقالته من منصبه احتجاجاً على العنف المفرط الذي استخدمته قوات الشرطة في فض اعتصامي «رابعة» و«النهضة» يوم 14آب 2013.
رغم المحاولات القوية التي بذلتها اللجنة لإظهار الحياد في التعامل مع رصد الأحداث ومتابعتها وادعاء مواجهة عقبات عدة في جمع الأدلة ما بين تردد الشهود وخوفهم وعدم الموافقة على إجراء زيارات رسمية إلى سيناء لصعوبة التأمين، إلا أن انحياز التقرير في صيغته النهائية جاء لمصلحة الدولة والدفاع عنها، خاصة مع تجنب ذكر اسم الرئيس عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع وقت الأحداث وذكر منصبه فقط في نقاط محدودة على استحياء.
موجز التقرير لم يختلف كثيراً عن البيانات الرسمية الصادرة عن الجهاز الإعلامي لوزارة الداخلية خلال الشهور الماضية، تضمن اتهام «الإخوان» بالمبادرة في إطلاق الرصاص على رجال الشرطة وقتل عدد منهم خلال فض اعتصامي «رابعة العدوية» و«النهضة» قبل أن تستعين الشرطة بالعناصر القتالية لاقتحام الاعتصام، بينما رصد التقرير وقوع حالات وفاة لمواطنين سلميين نتيجة استخدامهم كدروع بشرية من قبل أفراد جماعة الإخوان المسلمين.
وشدد التقرير على أن «الجماعة» حاولت من خلال اعتصام «رابعة» تهديد الأمن بإنشاء دولة موازية داخل الدولة، وهو ما كان يستلزم تدخل الأمن، بينما أدان التقرير العنف المفرط من قبل وزارة الداخلية التي قال إنها استخدمت أساليب الفض التدريجي للاعتصام، لكنها لم توفر جميع المخارج الآمنة لخروج المعتصمين خلال اشتداد الاشتباكات بين رجال الشرطة وعناصر قناصة جماعة الإخوان المسلمين الذين ظهروا على أسطح العقارات الموجودة في منطقة رابعة العدوية.
تقرير اللجنة اتهم «الإخوان» بمحاصرة دار الحرس الجمهوري والتحريض على اقتحامها لتحرير الرئيس المعزول محمد مرسي الذي وضع قيد الإقامة الإجبارية بعد عزله، بينما تضمن المؤتمر الصحافي لإعلان التقرير فيديو لأكثر من 30 دقيقة لأحداث العنف ظهرت فيه المحاولات الواضحة لتحميل «الإخوان» مسؤولية كافة الأحداث.
واتهم التقرير جماعة الإخوان المسلمين بنقل جثث لمتوفين من مناطق عدة بالقاهرة إلى مقر الاعتصامات بالتزامن مع عمليات الفضّ، فيما قال إن إجمالي عدد المتوفين بلغ 860 شخصاً في كافة الأحداث، لافتاً إلى أن الأسلحة الثقيلة باعتصام «رابعة» عُثر عليها لاحقاً في الأيام اللاحقة للفض.
تحميل التقرير «الإخوان» مسؤولية حرق الكنائس التي تزامنت مع إجراءات الفض جاء ليحمّل الجماعة أيضاً مسؤولية خطف أقباط من أجل طلب فدية، وهي ظاهرة انتشرت في الصعيد بسبب الانفلات الأمني وليس لها علاقة بالجماعة.