لا تتطور العلاقة بين واشنطن وأنقرة في الشأن السوري وفقاً لما ترغب فيه تركيا. هذا ما أكدته حصيلة الزيارة، الطويلة، التي قام بها نائب الرئيس الأميركي، جو بايدن، لتركيا، واختتمها يوم أمس. وفي غضون ثلاثة أيام في اسطنبول، التقى بايدن لساعات الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، ورئيس الوزراء احمد داود اوغلو، لمناقشة سبل مواجهة تنظيم «الدولة الإسلامية»، لكن من دون تقليص حجم الخلافات الثنائية بشأن مكافحة الجهاديين، المزعومة، في سوريا والعراق، وذلك على الرغم من ان المقربين منه أشاروا إلى تحقيق نوع من التقارب بين هذين البلدين الشريكين في الحلف الأطلسي.
وقال بايدن إنه بحث مع اردوغان، خلال الاجتماع الذي استمر أول من أمس لأربع ساعات، فترة انتقالية في سوريا لا يشارك فيها الرئيس بشار الأسد، وهو أحد المطالب الرئيسية لتركيا. وقال، في مؤتمر صحافي مع اردوغان، «في ما يتعلق بسوريا بحثنا... ليس فقط حرمان تنظيم الدولة الاسلامية من ملاذ آمن ودحره وهزيمته، لكن ايضاً تقوية شوكة المعارضة السورية وضمان فترة انتقالية بعيداً عن نظام (الرئيس بشار) الأسد». وتابع إنه بحث أيضاً موافقة تركيا على تدريب وتسليح «مقاتلي المعارضة السورية المعتدلين»، لكنه لم يدل بتفاصيل بشأن الأعداد ولا المكان الذي سيجرى فيه التدريب.
الأسد: مكافحة الإرهاب تتطلب جهوداً جدية لا إعلانية واستعراضية

وفيما لم يعلن بايدن وأردوغان أي شيء ملموس في ما يتعلق بمساهمة محتملة لأنقرة في التحالف العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة، إلا ان نائب الرئيس الاميركي شدد على القول ان «شراكتنا قوية اكثر من اي وقت مضى». فيما رحب من جهته اردوغان بوضع العلاقات بين البلدين ووصفها بأنها «اكثر تكاملا وأكثر قوة».عموماً، قد يكون التقدم الوحيد الملموس يكمن في اعلان الولايات المتحدة تقديم مساعدة بقيمة 135 مليون دولار اضافية للاجئين السوريين في تركيا. لكن مسؤولاً أميركياً كبيراً اختصر أجواء الزيارة بالقول إن غياب إعلان رئيسي يجب ان لا يعتبر بمثابة فشل. ورأى ان هذه السلسلة من اللقاءات سمحت بتقريب المواقف بين البلدين، مقارنة بما كانت عليه قبل بضعة أشهر.
وقال هذا المسؤول «لدينا تفاهم حول اهداف رئيسية للاستراتيجية العسكرية»، مشدداً على الأهمية التي يوليها الحليفان لكي «ينسقا» تعاونهما العسكري. وأقر بأن البلدين لا يزالان بحاجة إلى العمل على تعاونهما العسكري في هذه الأزمة مثل ضوء أخضر من انقرة لاستخدام «قاعدة انجرليك» (جنوب) على سبيل المثال.وفي كلمة مثقلة بالدلالات، قال المسؤول الأميركي إن «كوباني (عين العرب) أصبحت حقل الاختبار الذي سنتمكن من العمل عليه معاً»، مشيراً الى «ثقة عملانية» بين الطرفين.
إلى جانب ذلك، أعادت روسيا والسعودية وضع مصير الأسد، على رأس اهتماماتهما عندما اعلنتا يوم الجمعة الماضي تأييدهما لإطلاق عملية «جنيف 1» الرامية الى تشكيل حكومة انتقالية في سوريا. وهذا الاتفاق المنبثق من مؤتمر عقد في المدينة السويسرية عام 2012 بقي حبراً على ورق، لكنه وحده سيسمح بـ"حل المسألة السورية"، كما رأى وزيرا خارجية البلدين سيرغي لافروف وسعود الفيصل، مشيرين الى ارادتهما «الحفاظ على الوحدة الوطنية السورية وسلامة اراضيها وسيادتها». وكان لافروف قد ندد، أول من أمس، بمحاولات الإرادة الأميركية لإطاحة نظام دمشق «بعيداً عن الأضواء». وقال «عندما تشكل التحالف... سألت جون كيري لماذا لا تتوجهون إلى مجلس الأمن بخصوص هذه المسألة وعندها أجابني: إذا ذهبنا إلى مجلس الأمن فيجب عندها تثبيت وضع نظام الأسد». من جهته، أكد، أمس، الرئيس السوري، خلال استقباله وفداً برلمانياً روسياً رفيع المستوى، أن مكافحة الارهاب تتطلب «جهوداً جدية» و"ممارسة ضغوط فعلية" على الأطراف الداعمة له وجهوداً لا تتسم «بالطابع الإعلاني والاستعراضي». وعبّر عن تقديره لدعم موسكو لبلاده، وذلك قبل ايام من لقاء مرتقب بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير الخارجية السوري وليد المعلم.
وتبقى راهناً مدينة حلب في الشمال السوري في خلفية مجمل الحراك الدبلوماسي الإقليمي والدولي، وخصوصاً بعد الاقتراح ـ الخطة الذي قدمه المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا. وكان اجتماع الهيئة العامة لـ«الائتلاف السوري» المعارض، قد اتفق خلال اليومين الماضيين على تشكيل «خلية أزمة لمتابعة التطورات العسكرية في مدينة حلب» وتشكيل «لجنة من ثلاثة أعضاء لصياغة مشروع بيان حول موقف الائتلاف من مبادرة دي ميستورا».
(الأخبار، رويترز، أ ف ب)