في خطوةٍ من شأنها أن تستكمل التغييرات الجذرية التي أحدثها حراك جماعة «أنصار الله» (الحوثيين) في اليمن، في الأشهر القليلة الماضية، أعلن وزير الدفاع اليمني محمود الصبيحي، أمس، عن دمج مجموعات من عناصر جماعة «أنصار الله» في الجيش اليمني والأمن. وبينما ينظر إلى هذا القرار على أنه مجرد تنفيذ لبنود اتفاق «السلم والشراكة الوطنية» بين الجماعة والرئاسية اليمنية، والذي نصّ على إشراك الحوثيين في مختلف مؤسسات الدولة، تحدّثت معلومات صحافية عن مفاوضات بين الرئيس عبد ربه منصور هادي والجماعة بشأن القرار الذي قد يدخل عشرات الآلاف من المقاتلين الحوثيين إلى المؤسسة العسكرية.
ودعا الصبيحي القوى السياسية في اليمن إلى «تفهم ظروف المرحلة والتنفيذ الدقيق لاتفاق السلم والشراكة الوطنية وملحقه الأمني»، مضيفاً: «بالقدر الذي نعمل على استيعاب ودمج مجاميع من شركائنا في العمل الوطني، جماعة أنصار الله، في القوات المسلحة والأمن لخلق التوازن الوطني المطلوب، فإن المؤسسة الأمنية والعسكرية هي المعنية للقيام بالدور العسكري والأمني والرقابي وفقاً لمهامها الدستورية وأطرها القيادية».
وأكد الصبيحي، خلال زيارته معسكر الشرطة العسكرية في صنعاء، أن هذا القرار «جرى الاتفاق عليه مع قيادات الجماعة الذين يتفهّمون دلالات ومضامين تقوية الدولة وتعزيز هيبة قواتها المسلحة»، معتبراً أن أي «دعم وتعاون شعبي لتثبيت الأمن والاستقرار يجب أن ينطلقا من خطة مدروسة متفق عليها تشمل كافة فئات المجتمع وشرائحه».

وكانت صحيفة «الشارع» اليمنية، تحدّثت، يوم أمس، عن طلب جماعة «أنصار الله» من الدولة إدخال 75 ألفاً من عناصرها في القوات المسلحة والأمن، لكن الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي رفض هذا العدد، عارضاً عليها إدخال 20 ألفاً فقط في المؤسستين العسكرية والأمنية، غير أن الجماعة رفضت العرض.
وقالت الصحيفة المقرّبة من الجماعة، نقلاً عن مصادر عسكرية، إن المفاوضات مستمرة بين الحوثيين والسلطة المركزية في صنعاء، وإن وفداً من ضباط الجيش والأمن زاروا محافظة صعدة معقل الحوثيين، الأسبوع الماضي، للتفاوض على هذا الأمر، وجرى الاتفاق على تشكيل لجنتين لتحديد الأعداد التي سيتم استيعابها في المؤسستين، وكذلك نسبة المواقع القيادية الميدانية والإدارية فيهما.
وأضافت الصحيفة أن المفاوضات مستمرة أيضاً بالنسبة إلى المناصب العسكرية والأمنية للحوثيين الذين يريدون تعيين ضباط في قيادات الألوية والوحدات ودوائر وزارة الدفاع، وتابعت أنه في حال انتهت المفاوضات إلى اتفاق، فـ«سوف ينتهي وجود المسلحين الحوثيين فى العاصمة والمحافظات، وسيتحولون إلى جنود ضمن أجهزة المؤسستين، كما قالت الجماعة».
وختمت الصحيفة اليمنية بإشارة المصدر إلى «نقطة خلاف» بين الجانبين، تكمن في إصرار الحوثيين على استيعاب ضباط تابعين لهم في جهاز الأمن القومي، غير أن دبلوماسيين أميركيين في صنعاء يرفضون، وأبلغوا الرئيس اليمني أن ذلك سينعكس على مستوى التعاون الأمني والعسكري معه، بحسب الصحيفة.

من جهةٍ أخرى، دعا الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، أول من أمس، إلى «ضرورة فتح صفحة جديدة تتضمن المسؤولية الوطنية من الجميع». وأكد، خلال اجتماع ضم رئيس مجلس الوزراء خالد بحاح وهيئة المستشارين من المكوّنات السياسية، «أهمية الحفاظ على كيان الدولة ومؤسساتها الدستورية، باعتبار ذلك الضمان الأكيد لتحقيق الأمن والاستقرار».
رفض دبلوماسيون أميركيون في صنعاء استيعاب ضباط حوثيين في جهاز الأمن القومي


وناقش «هادي» خلال الاجتماع مشروع القرار الخاص بتشكيل لجنة مشتركة لإعداد مصفوفة تنفيذية عاجلة لمخرجات الحوار الوطني الذي اختتم فعالياته في كانون الثاني الماضي، خصوصاً قضية صعدة، ولجنة أخرى مماثلة للقضية الجنوبية، والمهمات المنوطة بتلك اللجان والوزارات المعنية المشاركة فيها ومقترحات بأسماء الخبراء المرشحين من قبل المكونات السياسية التي ستشارك نيابة عنها في هذه اللجان.

وبالنسبة إلى حكومة «الكفاءات» التي تشكّلت بعد أزمةٍ دامت أكثر من شهر في البلاد، أعلن رئيس الحكومة اليمنية، خالد بحاح، أول من أمس، أن الحكومة «تعكف على إعداد برنامجها العام الذي يتضمّن أولويات عملها للفترة المقبلة، تمهيداً لتقديمه إلى مجلس النواب لنيل الثقة». ولم يقدم بحاح موعداً محدداً للانتهاء من إعداد البرنامج أو تقديمه للبرلمان، غير أن أمامه مدة شهر (من تاريخ تأليف الحكومة) لإنجازه، بحسب اتفاق «السلم والشراكة» الذي أدى إلى ولادة الحكومة، ووقّعت عليه القوى السياسية، عشية سيطرة جماعة «أنصار الله» على العاصمة، في أيلول الماضي.

في هذا الوقت، يواصل الحوثيون تقدّمهم الميداني في محافظة مأرب (شمال شرق صنعاء) ومحيطها، وتمكنوا في الأيام الماضية من الوصول إلى صحراء العبر من الجهة الشرقية لمحافظة مأرب الحدودية مع وادي حضرموت، وفق معلوماتٍ صحافية.

(الأخبار، الأناضول)