القاهرة | يبدو أن موافقة القاهرة على مبادرة الملك السعودي، عبد الله بن عبد العزيز، لاحتواء الخلافات بين مصر وقطر لم تأت إلا بعد اجتماعات ومشاورات، وخاصة أن الرئاسة المصرية استقبلت البيان وهي على علم بتفاصيله قبل صدوره على المستوى الإعلامي، فيما من المتوقع أن تجري ترجمة المبادرة إلى لقاء ثنائي يجمع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وأمير قطر تميم بن حمد، قبل القمة العربية المقررة في آذار المقبل.
الموافقة المصرية على البيان السعودي أيضاً لم تكن وليدة 120 دقيقة تقريباً فصلت بين صدور البيان من الديوان الملكي، ثم الموافقة والترحيب من الرئاسة المصرية، لكن ثلاثة أيام من العمل الدبلوماسي بين مسؤولين مصريين وخليجيين، تحديداً من السعودية والكويت، أسهمت في ذلك. ويقال إن تفاصيل المصالحة، التي بدأ الإعلام المصري الرسمي قبل أيام نشرها، جاء الاتفاق عليها خلال لقاء وزيري الخارجية المصري سامح شكري، ونظيره السعودي سعود الفيصل، في باريس قبل يومين، وهو اللقاء الذي جرت فيه مناقشة بنود بيان الملك السعودي باعتباره «كبير الزعماء العرب»، كما جرت مناقشة مطولة بين شكري والسيسي بعد انتهاء لقاء الأول مع الفيصل.
في المحصلة، وافق السيسي على جميع ما جاء في بيان عبد الله الذي أخذ على عاتقه تطبيق النظام القطري بنوده كافة، بالإضافة إلى السرعة في بدء التطبيق. ووفقاً لمصادر دبلوماسية تحدثت لـ«الأخبار»، تضمن الاتفاق تغيير لغة الخطاب الإعلامي، وخاصة «التحريضي» الذي تقوده «قناة الجزيرة ـ مباشر مصر»، بالإضافة إلى تغيير الخطاب في «الجزيرة» نفسها والاعتراف بشرعية النظام المصري، كذلك نقلت تلك المصادر أنه اتفق على طرد من بقي من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين الموجودين في الدوحة، أو على الأقل التزامهم الصمت خلال المرحلة الحالية، مع التزام تسليم المتهمين المطلوبين على ذمة قضايا منظورة أمام القضاء المصري إن كانوا على الأراضي القطرية.
رفضت القاهرة
طلب بقاء الوديعة القطرية حتى لا تستغل سياسياً

المصادر أضافت أن من بين الشروط المصرية ضرورة وقف التمويل القطري لأعضاء الإخوان في مصر الذي يقدم بصورة رسمية وغير رسمية، مؤكدة أن البنك المركزي سيتابع عمليات التحويل المالية الواردة من الدوحة. وكذلك قالت إن الاتفاق تضمن ضرورة إبداء حسن النية من الجانب القطري وتغيير لغة التواصل مع المسؤولين المصريين، وكل ذلك ساعد في موافقة السيسي على المبادرة السعودية.
أما من جهة مصر، فقالت مصادر دبلوماسية في القاهرة لـ«الأخبار» إنه في حال الشعور بالاستجابة القطرية السريعة، يُعاد السفير المصري إلى الدوحة من الفور، بالإضافة إلى استقبال السفير القطري الذي من المقرر اختياره بعدما انتهت ولاية السفير السابق لدى القاهرة قبل تسعة أشهر ومغادرته البلاد.
على جانب آخر، عادت المصادر المصرية لتوضح أنه برغم الضغط المالي الذي سيسببه رد الوديعة القطرية قبل نهاية الشهر الجاري والمقدرة بملياري دولار، فإن مصر لم تتطرق إلى هذا الأمر مطلقاً «كي لا يستخدم في الضغط من أجل تقديم تنازلات سياسية». وعن مصير أعضاء الإخوان على الأراضي القطرية، قالت: «الدوحة عرضت التوسط لإجراء مصالحة مع الجماعة في المرحلة المقبلة، وذلك في إطار منفصل عن مصالحتها مع القاهرة، لكنه خيار لا يزال المسؤولون يدرسونه»، لافتة إلى أن قادة مجلس التعاون الخليجي سيتابعون التزام الدوحة هذه المعطيات خلال القمة الخليجية المقررة خلال الأسابيع المقبلة.
هنا تحديداً، كشفت المصادر نفسها عن وجود اتجاه لعقد لقاء ثنائي بين السيسي وتميم قبل القمة العربية في آذار المقبل، وذلك على اختيار أن يكون اللقاء على هامش زيارة الأمير القطري لمصر خلال انعقاد مؤتمر دعم الاقتصاد المصري المقرر في الشهر نفسه.
هذه الإفادة تطابقت مع رأي مساعد وزير الخارجية الأسبق، السفير حسن هريدي، الذي أكد أن بلورة المصالحة بصورة نهائية ستكون قبل انعقاد القمة العربية، مشيراً إلى أن الواقع السياسي العربي والتهديدات المشتركة التي تواجه الدول العربية تفرض «ضرورة تنحية الخلافات جانباً». وأضاف هريدي لـ«الأخبار» أن «رسالة الملك السعودي تؤكد الدور الكبير لمصر في المنطقة، فيما مناشدة الملك للشعب المصري جاءت مقصودة لإدراكه أن المصالحة مع الدوحة تتطلب موافقة شعبية فضلاً عن الرسمية».
في المقابل، رأى رئيس مركز ابن خلدون، سعد الدين إبراهيم، أن توقف الهجوم الإعلامي من الدوحة «سيكون أكبر دليل على البدء الفعلي في تطبيق المصالحة». ورأى في حديث مع «الأخبار»، أن الاستثمارات ستؤدي دوراً في المصالحة بين البلدين.