تونس | أكدت مصادر مطلعة في كل من البنك المركزي التونسي ووزارتي الاقتصاد والمالية أن حكومة مهدي جمعة تواجه صعوبة بالغة في التفاوض مع صندوق النقد الدولي لإقناعه بصرف بقية قسط القرض الائتماني البالغة قيمته 1.78 مليار دولار، وذلك بسبب تعثر الإصلاحات الاقتصادية المتفق عليها.
وأوضحت المصادر لـ«الأخبار» أن صندوق النقد أبدى قلقه لعدة أسباب، منها أنه لم تنفذ الإصلاحات الهيكلية المتفق عليها، إلى جانب تعطل مسار القوانين في المجلس الوطني التأسيسي، الذي أنهى أعماله برفض أغلب نوابه الموافقة على القوانين المتعلقة برسملة البنوك الوطنية الثلاثة بعدما خربها نظام زين العابدين بن علي المخلوع.
وقالت إن المجلس التأسيسي أخفق في تعويض ما نهبته عائلة بن علي وأصهاره من مبالغ ضخمة تسببت في إغراق البنوك بالمديونية التي لم تستطع مواجهة آثارها حتى اليوم، بالإضافة إلى فرض المجلس قوانين أخرى كإحداث شركة التصرف في الأصول التي رفضها أغلب المهنيين وخاصة في القطاع السياحي، وهم من الذين يعانون مديونية كبيرة لمصلحة البنوك.
وكان جمعة قد أعرب عن اعتقاده بأن تونس تحتاج على الأقل إلى ثلاث سنوات من «الإصلاحات المؤلمة» من أجل إنعاش اقتصادها، قائلا إن استعادة نمو مستقر في البلاد لن يكون من دون «سلسلة إصلاحات منتظمة للسياسات الاقتصادية» التي بدأت حكومته تنفيذها. وفي المناسبة نفسها، أشار إلى جملة من العراقيل التي أعاقت الوصول إلى نسبة النمو التي كان يؤمل لها أن تكون بين 2.5 و2.8 لسنة 2014، لكن البنك المركزي التونسي ذكر في آخر بيان أصدره أن النسبة كانت أقل بكثير من 2.5، وهو ما يعني أن الوضع الاقتصادي يحتاج إلى الكثير من الإصلاحات والوقت للتعافي.
في غضون ذلك، علمت «الأخبار» أنه سيعقد في تونس (بعد يومين) المؤتمر الوطني للإصلاح الجبائي، ومن المقرر أن يحضره نحو 400 مشارك لهم علاقة بالشأن المالي والاقتصادي من داخل البلاد ودول أخرى. وستكون مهمة هؤلاء، وفق وزير الاقتصاد والمالية حكيم بن حمودة، التباحث في ما توصلت إليه الاستشارة الوطنية بشأن منظومة الإصلاح الجبائي وإعداد التقرير النهائي الذي سيعتمد إصدار القوانين الجديدة المتعلقة بالجباية في تونس.
ويرى بن حمودة أن العدالة الجبائية من أبرز الأولويات لمساعدة الاقتصاد على الخروج من الوضع الحسّاس، «وتوفير تمويل من شأنه إعادة التوازنات المالية إلى مكانها الطبيعي دون اللجوء إلى السياسة التقشفية أو الضغط على المستهلك».
وعن الصعوبات التي تواجهها الحكومة في إقناع صندوق النقد الدولي، قال الوزير إن التسريع في إصلاح المنظومة البنكية التونسية سيكون من النقاط المفصلية في التفاوض مع الصندوق الدولي، «أي إن القضية مسألة وقت لا غير»، مؤكدا في الوقت نفسه أن «تونس من الدول التي تمتلك سمعة سياسية واقتصادية مميزة وستتمكن من الخروج من أزمتها... البرلمان الجديد سيوافق على القوانين المعطلة لأنه لا فائدة من تعطيلها، وهي ستخدم مصلحة البلاد».