تونس | حمّل المرشح المستقل للانتخابات الرئاسية، منذر الزنايدي، (آخر وزراء الصحة في عهد زين العابدين بن علي) مسؤولية سلامته الجسدية للرئيس المؤقت (المرشح أيضاً للانتخابات)، المنصف المرزوقي، وذلك بعدما أعلمته وزارة الداخلية بمخطط جدي لاغتياله. ورأى المكتب الإعلامي للزنايدي أن حديث المرزوقي عن ضرورة «مقاومة الطاغوت»، قاصداً بذلك أنصار النظام السابق، مخالف للدستور وتحريض مباشر على القتل والاغتيال.
ما حدث للزنايدي ليس أول تهديد جدي بالاغتيال بحسب بلاغات وزارة الداخلية. فقد سبق أن حذرت الوزارة زعيم «نداء تونس»، الباجي قائد السبسي، من سيناريو مشابه، كما حذرت مرشح حزب «الاتحاد الوطني الحر»، سليم الرياحي، فيما اعترف أمس وزير الداخلية، لطفي بن جدو، على هامش ندوة عقدتها الوزارة، بأن هناك مخاوف حقيقية تهدد الانتخابات الرئاسية، داعياً إلى الحذر والانتباه.
هاجس العنف والاغتيالات يغطي سماء تونس منذ أربع سنوات، لكنه ازداد حدة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية (23 ت2)، خصوصاً بعد نجاح الانتخابات البرلمانية التي أقصت عدداً من الأحزاب المستجدة بعد ١٤ كانون الثاني ٢٠١١، والتي رفعت شعار القطع مع النظام السابق. وقد نشرت «كتيبة عقبة بن نافع» فيديوات على صفحات «فايسبوك» هددت فيها بـ«حمام دم» في حال صعود أنصار النظام السابق، وهو تقريباً الخطاب ذاته الذي يروّج له المرزوقي منذ افتتاح حملته الانتخابية، وفي كل الاجتماعات الشعبية التي عقدها، سواء في العاصمة أو غيرها من المدن، مثل القيروان ومساكن ومجاز الباب وغيرها.
وزارة الداخلية، من جهتها، أخضعت، قبيل انطلاق الحملة الانتخابية الرئاسية، كل المرشحين (٢٦) إلى حماية أمنية مشددة لضمان سلامتهم الجسدية.
وبعد الاتهام الواضح من منذر الزنايدي للرئيس المؤقت، يتوقع أن ترتفع أصوات الحقوقيين بهدف مراقبة خطاب المرشحين، وبخاصة المرزوقي، الذي أعلن صراحة اصطفافه مع السلفيين «روابط حماية الثورة»، والتي يحملها الشارع التونسي مسؤولية الاغتيالات التي عرفتها البلاد منذ ٢٠١١. وقد تولت لجان «الروابط» مواصلة مهمة تهديد التونسيين وتحذيرهم من انتخاب المحسوبين على النظام السابق.
وينذر انحدار الخطاب السياسي نحو العنف بسيناريوات مرعبة تنتظر تونس، تحديداً في ظل التهديد الذي باتت تطرحه الجماعات المتشددة. وفي السياق ذاته، كشفت مصادر أمنية عن تحذير جزائري لتونس من «وجود مخطط في ليبيا تعدّ له مجموعات من أنصار الشريعة والقاعدة وداعش لغزو الجنوب التونسي». وفي مواجهة الخطر الإرهابي المحدق بتونس، زار وزير داخلية فرنسا، برنار كازنوف، قبل يومين تونس، وفي بيان صحافي أعلن أن بلاده ستساعد تونس في مواجهة أي خطر إرهابي محتمل.
أيام فقط وتُعلَن نتائج الانتخابات الرئاسية في دورتها الأولى. وفي الوقت الذي يأمل فيه الباجي قائد السبسي وحزبه الفوز في الانتخابات من الدورة الاولى، يؤكد أنصار المرزوقي أنه سيكون الرئيس المقبل لتونس، بعد فوزه «في الانتخابات في الدورة الثانية على منافسه الباجي قائد السبسي». أما التيارات اليسارية والبعثية والناصرية المنضوية في «الجبهة الشعبية»، فتعمل على أن تنحصر المنافسة في الدور الثاني بين حمة الهمامي، زعيم الجبهة «ولد الشعب»، والسبسي.
الانتخابات الرئاسية لن تبوح بنتائجها الأولية قبل ٢٦ تشرين الثاني الحالي، على الأقل، وفي انتظار ذلك يحبس التونسيون أنفاسهم. فاستمرار التجاذب السياسي وغياب رئيس قوي يعيد هيبة الدولة ويضع حداً للانفلات الأمني وينعش الاقتصاد، يعنيان انهيار البلاد بالكامل، خاصة مع وجود فوضى السلاح والاقتتال بين الليبيين.
فماذا تخفي الأيام لتونس؟