فصل جديد أضيف يوم أمس إلى فصول الأزمة الليبية، مع إعلان المحكمة العليا عدم دستورية برلمان طبرق (المعترف به دولياً)، الأمر الذي من المرجح أن يعمّق الانقسامات ويعرقل جهود الوساطة التي تشرف عليها الأمم المتحدة.وقضت المحكمة العليا بعدم دستورية انتخابات مجلس النواب التي جرت في حزيران الماضي، وتبعها انقسام السلطة بين حكومتين وبرلمانين، أحدهما في طبرق والثاني في طرابلس.

وأوضحت المحكمة، التي مقرها طرابلس، أن اللجنة التي أعدت قانون الانتخابات، انتهكت الدستور المؤقت للبلاد.
في المقابل، سارع برلمان طبرق إلى رفض هذا الحكم، مشدداً على أنه لا يعترف بالمحكمة. وأوضح البرلمان، في مؤتمر صحافي بحضور رئيسه عقيلة صالح قويدر، أن «مدينة طرابلس التي عقدت فيها جلسة الدائرة الدستورية للمحكمة العليا وأصدر فيها الحكم، مدينة خارج سيطرة الدولة الليبية وتحكمها ميليشيات لا تتبع الدولة، ما يعني أن الحكم صدر تحت تهديد السلاح».
في موازاة رفض الحكم، أكد برلمان طبرق «استمراره واستمرار الحكومة المؤقتة التي انبثقت عنه (الثني) في مهماتهما على اعتبار أنهما سلطتان تشريعية وتنفيذية وحيدتان في ليبيا»، مشدداً على أن «المجلس جاء بناء على إرادة الشعب عبر انتخابات حرة مباشرة».
على الصعيد نفسه، رأى رئيس المؤتمر الوطني العام، نوري أبو سهمين، أن «هذا الحكم يجب أن يستخدم لفتح حوار وطني»، فيما عبّر نائبه الثاني، صالح المخزوم، عن شكره «للمحكمة العليا والدائرة الدستورية وقضاتها، على جهودهم من أجل إعلاء كلمة الحق، وتأكيد دولة القانون والمؤسسات، واحترام استقلال القضاء ونزاهته».
وهنأ المخزوم، الشعب الليبي، على «تحقيق أحد أهم أهداف ثورة فبراير، وهو احترام سلطة القضاء، والامتثال لأحكامه». كما تعهد المؤتمر الوطني العام «للشعب الليبي وللثوار المرابطين في الجبهات بتحمل المسؤولية إلى أن يصل الجميع إلى حل مرضٍ تتفق عليه جميع الأطراف في ليبيا». أيضاً اعتبر النائب الثاني لرئيس المؤتمر أن حكم المحكمة الصادر، أمس، يعتبر كل ما أصدره المؤتمر الوطني العام من قرارات في المرحلة الماضية، بما فيها إنشاء حكومة الإنقاذ الوطني، هي قرارات مشروعة ونافذة منذ تاريخ صدورها.
في أول ردود الفعل الدولية، أعلنت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا أنها تدرس، حالياً، قرار المحكمة العليا الليبية ببطلان انتخابات مجلس النواب. وأوضحت البعثة، في بيان نشرته على موقعها الرسمي، أنها تجري لهذا الصدد «مشاورات مع القوى من الأطياف السياسية الليبية والمجتمع الدولي». كما دعت جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية فوق أي اعتبار»، مطالبة الجميع بالتحلي بالمسؤولية «والامتناع عن اتخاذ أي إجراء من شأنه تصعيد حالة الاستقطاب القائمة، أو يؤدي إلى مزيد من التدهور في الأوضاع الأمنية».
وأشارت بعثة الأمم المتحدة إلى أنها «تظل ملتزمة العمل مع جميع الأطراف للمساعدة على تجاوز الأزمة السياسية والأمنية الحالية، وذلك طبقاً للتفويض الممنوح لها من مجلس الأمن»، وهو ما يعني أنه لم يتخذ موقف رسمي من القرار القضائي الجديد بعد.
في غضون ذلك، أفادت تقارير إعلامية بأن التكتل الاتحادي الوطني «الفيدرالي» أعلن قيام دولة برقة، مطالباً نواب الإقليم في مجلس النواب باتخاذ موقف مماثل ومُعلن. وفي بيان رسمي نشره التكتل في صفحته الرسمية، أمس، على خلفية قرار المحكمة العليا القاضي بحلّ مجلس النواب، اعتبر التكتل أن «قرار المحكمة جاء تحت تهديد السلاح»، واصفاً إياه بأنه «هدم آخر لأواصر العلاقات السياسية والإدارية بين أقاليم ليبيا». وإذ طالب البيان نواب الإقليم في البرلمان باتخاذ موقف مماثل ومُعلن، دعا مكونات المجتمع البرقاوي إلى الاجتماع على مستوى الإقليم في أقرب وقت لوضع خريطة بناء الدولة الجديدة.
(الأخبار، أ ف ب،
رويترز، الأناضول)