ريف إدلب كاملاًً ورأس جمال معروف. هدفان تربّعا على سلّم أولويات «جبهة النصرة» التي عادت إلى واجهة المشهد بقوّة توحي المؤشرات بأنها ذاهبةٌ في خطّ صاعد. وبعد شهور من الانكفاء، إثر الهزائم المتتالية التي مُنيت بها على يد تنظيم «الدولة الإسلامية»، ثمّ استهداف عدد من أبرز قادتها في مستهلّ غارات «التحالف»، احتفلت «النصرة» بانتصارات سهلة متتالية في ريف إدلب على حساب «جبهة ثوار سوريا» و«حركة حزم».
مفاعيل هذه التطورات لا تقتصر على «تمدّد الجبهة» على الأرض، بل تتعدّاها إلى تعزيز قدراتها العسكرية عبر استحواذها على أسلحة وذخائر، أبرزها حتى الآن ما «غنمته» من مقار «حركة حزم» المدعومة أميركيّاً، وقوامها وفق ما تداولته مصادر «النصرة» حوالى 30 مجنزرة، علاوة على أسلحة متوسطة وذخائر، إضافة إلى «أكثر من 1500 صاروخ غراد من مستودعات جبهة ثوار سوريا»، وفق المصادر ذاتها. فيما أكّد مصدر من داخل «الجبهة» لـ«الأخبار» أن «غنائم نوعيّة جدّاً باتت في أيدي مجاهدي الجبهة، وسيكونُ لها دورٌ كبير في إعادة الأمور في ساحات الجهاد إلى نصابها». المصدر رفض الإفصاح عن تفاصيل إضافية، فيما بات معروفاً أن «حزم» تمتلك أسلحة نوعية، على رأسها صواريخ «تاو» الأميركية. وخلافاً لما تمّ تداوله عن «قيام مجموعات تابعة لحزم في بلدة خان السبل بمبايعة النصرة» كشفت مصادر «جهادية» أن ما حدث كان عبارة عن «استسلام مسلحي حزم للنصرة، وتسليمها كلّ مقارهم ومستودعاتهم في المنطقة، مقابل فك الحصار عنهم». وإثر ذلك، سيطرت «النصرة» مدعومةً بتنظيم «جند الأقصى» على خان السبل، وأتبعتها بالسيطرة على عدد من القرى والبلدات أمس، ضامّة إياها إلى معظم قرى وبلدات جبل الزاوية التي سبق وسيطرت عليها يوم السبت. كذلك أتبعت ذلك بالسيطرة على قرية جرجناز (ريف إدلب الجنوبي الغربي) بعد انسحاب مسلحين تابعين لـ«حزم» و«جبهة ثوار سوريا»، وتسليم مسلحي «لواء فرسان الحق» أنفسهم ومقارهم. «النصرة» كانت قد سيطرت خلال المواجهات الأخيرة أيضاً على ريف مدينة جسر الشغور بالكامل، وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» المعارض إنّ «كتائب مقاتلة كانت موجودة في سلقين وعلى الطرق المؤدية إليها، قد أزالت حواجزها قبل أيام»، ليصبح نفوذها ممتداً على معظم مناطق ريف إدلب. وراجت أمس أنباء عن قيام «ألوية صقور الشام» باعتقال جمال معروف، قائد «ثوار سوريا» الأمر الذي نفاه «الناطق الرسمي باسم صقور الشام»، فيما أكّد مصدر من داخل «النصرة» لـ«الأخبار» أنّ «اعتقال الكافر معروف وتسليمه لمحكمة شرعية يأتي على رأس أهداف الحملة الكبرى التي يشنّها مجاهدو النصرة في هذه الأثناء».

«داعش» يتوعد بتكرار سيناريو الطبقة

إلى ذلك، يبدو ريف حمص الشرقي مسرحاً لمعركة مفصليّة بين تنظيم «الدولة الإسلامية» والجيش السوري. المعارك الدائرة ما بين حقل شاعر الغازيّ ومطار «الشهيد عمر اياس» تحظى بأهمية استراتيجية، وسط إصرار التنظيم المتطرف على اقتحام المطار العسكري المعروف باسم T 4 (اسمه تياس)، وتأكيدات المصادر الميدانية السورية استحالة ذلك. التنظيم كان قد استهدف المطار أمس بعدد من الصواريخ والقذائف، بعد سيطرته على تلة زملة المهر الاستراتيجية، كما أكدت مصادره أنه «استهدف رتلاًً قادماً من مدينة تدمر إلى المطار وأجبره على التراجع»، في مسعى من التنظيم لقطع طرق الإمداد عن المطار.
مصدر ميداني سوري قال لمراسلة «الأخبار» مرح ماشي إنّ «القيادات العسكرية في المنطقة تعمل على تنظيم خطوط دفاعية لمنع تسلل مسلحي الدولة الإسلامية إلى مناطق أُخرى تتبع لسيطرة الجيش». وكانت القوات السورية قد عملت على تثبيت نقاط عسكرية لحماية المطار والطريق المؤدي إليه من الحقل الغازي، وفقاً للمصدر ذاته، فيما يتابع الجيش تعزيز دفاعاته، بهدف إطلاق المعركة الكبرى الهادفة إلى استعادة شاعر.
بدوره، مصدر من داخل تنظيم «الدولة الإسلامية» أكد لـ«الأخبار» أنّ «المطار بات في نطاق طوقٍ مُحكم، وإن كان واسعاً يفرضه مجاهدو دولة الخلافة». المصدر توعّد المطار بمصير مشابهٍ لمطار الطبقة العسكري (ريف الرقة)، وأكّد أن «المجاهدين سيقومون بعون الله بتضييق الطوق تدريجاً، تمهيداً لإحكام الحصار، ومن ثم دكّ معاقل النصيريين فيه واقتحامه». وفي السياق ذاته، شهد محيط حقل جحار، النفطي، معارك عنيفة بين وحدات من الجيش السوري ومسلحي «الدولة الإسلامية» وسط معلومات عن انسحاب الأخير إلى حقل شاعر.
على صعيد آخر، تواصلت أمس المعارك العنيفة بين مسلحي تنظيم «الدولة الإسلامية» ومقاتلي «وحدات حماية الشعب» الكردية في مدينة عين العرب (كوباني) في ريف حلب. ودارت اشتباكات عنيفة على محوري سوق الهال ومنطقة البلدية، فيما شنت قوات البيشمركة القادمة من إقليم كردستان العراق هجوماً على قرية كيكان، أدى بحسب مصادر ميدانية كردية إلى «انسحاب عناصر داعش منها». وكالة «رويترز» نقلت عن إدريس نعسان، «نائب وزير الشؤون الخارجية في كوباني»، قوله إن «الأكراد العراقيين الذين يستخدمون المدفعية البعيدة المدى انضموا إلى المعركة ضد الدولة الإسلامية مساء السبت». وأضاف: «نحن لم يكن لدينا مدفعية. كان لدينا مورتر وأسلحة محلية الصنع». بدورها، أعلنت القيادة المركزية الأميركية أن قوات الجيش الأميركي شنت سبع غارات جوية على أهداف لتنظيم «الدولة الإسلامية» في سوريا يومي السبت والأحد. وقالت القيادة إن «المقاتلات والقاذفات الأميركية عاودت التركيز على منطقة كوباني بشن خمس ضربات أصابت خمس وحدات صغيرة للدولة الاسلامية»، وإن «ضربتين إلى الجنوب الشرقي من دير الزور دمرتا دبابة للدولة الإسلامية وملاجئ للمركبات».

انتحاري دمشق

إلى ذلك، فجّر انتحاري نفسه على مدخل كلية الطب في جامعة دمشق، ما أدى إلى استشهاد مدنيين اثنين، وجرح آخرين. وأفادت تقارير إعلامية سورية بأن «التفجير نفّذه شخص كان يرتدي حزاماً ناسفاً على مدخل كلية الطب، التي تقع في حرم كلية الآداب، ما أدى الى مقتله ومقتل انتحاري آخر، كان يرتدي حزاماً ناسفاً أيضاً».