دمشق | «بعد تأخر لأكثر من شهرين عن تسليمنا مخصصاتنا من المازوت، طالبتنا الجهات المعنية بدفع الفروقات بالأسعار قبل تسلّم طلباتنا»، يروي أحد صناعيي العاصمة دمشق، موضحاً أن ما كان ينقص الصناعة السورية هذه الزيادة التي قاربت المئة بالمئة، رغم مطالب الجميع بضبط السوق السوداء وخفض الأسعار.ويتابع الصناعي قائلاً إنّ «عملهم تعرض لانتكاسات كبيرة والكثير من الصناعيين خسروا معاملهم وسافروا للخارج ومن بقي منهم كافأتهم الحكومة بهذه الزيادة».

ويروي مصدر في «غرفة الصناعة» في دمشق أنّ جميع الصناعيين استاؤوا من الخبر الذي جاء مخيباً للتوقعات، إذ سبق أن طالبوا قبل أيام من صدوره بخفض أسعار المازوت والفيول «فكان سلوك الحكومة معاكساً تماماً». وتوقع المصدر أن ينعكس هذا الخبر سلباً على ما بقي من الصناعة السورية التي كانت تملك قدرة تنافسية من انخفاض أسعار المحروقات، وهذه الميزة تلاشت مع تكرار الزيادات والاستمرار في انقطاع الكهرباء.
وكانت وزارة النفط السورية قد حدّدت أسعار المشتقات النفطية للمنشآت الصناعية والتجارية بـ 150 ليرة لليتر المازوت، و105 آلاف ليرة لطن الفيول، و140 ليرة لليتر البنزين، وهي ثاني زيادة شهدتها الأسواق السورية خلال أقل من شهر، إذ قررت الحكومة رفع سعر البنزين والمازوت للاستهلاك الفردي ليبلغ سعر ليتر المازوت الحر 80 ليرة بدلاً من 60 ليرة، وسعر ليتر البنزين 140 ليرة بدلاً من 120 ليرة.
وعلى خلاف التوقعات السلبية يرى الصناعي، فراس تقي الدين، أنّ الحال ليست بهذا السوء، لأن السعر الرسمي السابق، والبالغ 80 ليرة لليتر الماوزت، لم يكن متاحاً لأيٍّ من الصناعيين الذين كانوا عرضة لسماسرة السوق السوداء.
وعن احتمال زيادة أسعار المنتجات، يؤكد تقي الدين أنّ «من المفترض عدم قيام الصناعيين بهذا الأمر، لأن السعر المعلن ليس مختلفاً عن أسعار السوق السوداء، بل على العكس هو أقلّ وبالتالي ستنخفض التكلفة».
ومن ناحيته، يوضح خبير اقتصادي أنّ هذه الزيادة ستسبب رفع الأسعار حكماً، لأن سعر الوقود يؤدي دوراً كبيراً في تكلفة المنتج، وأي رفع سينعكس سلباً على أداء الصناعة.
وعن السوق السوداء وإمكانية مكافحتها بهذه الطريقة، يؤكد أنّ «محاربتها لا تكون بهذا الأسلوب، بل بمعالجتها بطريقة متأنية وحكيمة، لأن الصناعيين السوريين معروفون، ومعروفة أماكن منشآتهم، وبالتالي يمكن تزويدهم مباشرة بالفيول والمشتقات بالسعر المعقول والمتداول، أو أن يترافق هذا القرار بتعويضات للصناعيين».
رغم كل التعليقات الرافضة والغاضبة من هذا القرار، لم يصدر عن الحكومة إلا تعليق وحيد يؤكد أن السعر الحالي، ورغم الزيادة، يبقى أقل من التكلفة، وجاء هذا الكلام على لسان وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية همام الجزائري. وذكر، أيضاً، في تصريحات صحفية، أنّ ليتر المازوت المقرر بيعه بـ 80 ليرة يكلّف الدولة ما بين 150 و160 ليرة و«بالتالي ما زالت الحكومة تدعم السعر».
وأكد جزائري ضرورة الإبقاء على دعم المازوت في القطاع الزراعي والإبقاء عليه أيضاً للأفران التموينية للمحافظة على الخبز «إن كان مدعوماً بالكامل من الدولة أو من القطاع الخاص لكونه سلعة أساسية».