ارتفعت وتيرة الحديث عن الانتخابات المبكرة للكنيست في إسرائيل، رغم مرور عامين من أصل أربعة على ولاية الكنيست الكاملة. وإن كان السجال القائم حالياً لا يعني بالضرورة تقديم موعد إجراء الانتخابات، فإن إيلاءها اهتماما بارزاً في الإعلام العبري يعكس حجم التناقضات والخلافات القائمة بين أعضاء الائتلاف الحكومي حول عدد من القضايا الأساسية السياسية والاقتصادية.
وليست هذه المرة الأولى التي تقفز الانتخابات المبكرة إلى جدول الأعمال الإسرائيلي، فدوماً كانت محل أخذ ورد على خلفية ابتزاز سياسي، وكجزء من أدوات اللعبة في الساحة السياسية الداخلية في إسرائيل، رغم أن منسوب التباينات وشدتها وحدة التنافس كلها قد تشكل مبرراً موضوعياً لتقدير مآلات الأمور في هذا المجال.
على خط موازٍ، تشكل مواقف زعماء الأحزاب والكتل في الكنيست مؤشراً على استشراف اتجاهات الأمور في ما يتعلق بالانتخابات المبكرة، إذ رأى رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، أن «الأمر الأخير الذي تحتاجه إسرائيل في هذه المرحلة هو الانتخابات»، مشدداً «على الحاجة إلى حكومة مستقرة».
أما رئيس ثاني أكبر حزب في الائتلاف الحكومي، «يوجد مستقبل»، وزير المالية يائير لابيد، فأكد بدوره أنه «لا توجد أزمة ائتلافية، ولا حاجة إلى استفزاز سياسي».
في مقابل هذه المؤشرات، تتداول الساحة السياسية في تل أبيب معطيات في مسار آخر من شأنها أن تشير إلى أساس ما للاتجاه نحو الانتخابات المبكرة، وخاصة سعي نتنياهو إلى انتخابات تمهيدية داخل حزب «الليكود»، وهو ما قد يفسر على أنه نوع من الاستعداد الحزبي والشخصي لخوض انتخابات عامة مفاجئة.
يضاف إلى ذلك اتهامات وجهت إلى نتنياهو بأنه يتقرب من الأحزاب الحريدية (الدينية)، مع تسريبات عن مواقف منسوبة إليه تؤكد أنه أسرّ بها إلى قيادات داخل حزبه، وفيها أن الائتلاف الحكومي على وشك التفكك، وأن الحكومة لن تصمد أكثر من بضعة أشهر. كل ذلك إلى جانب الاحتكاكات المحتدمة والمتواصلة بين عناصر الائتلاف الأخرى، مثل حزب «الحركة» و«يوجد مستقبل» و«البيت اليهودي»، و«إسرائيل بيتنا».
ورغم ما ينقل عن نتنياهو ومقربيه، فإن الأمور تقاس على أساس الموازنة بين حقيقتين اثنتين: الأولى تعدد القضايا الخلافية وحدها، والثانية المصالح الحزبية من أصل إجراء الانتخابات، فضلاً عن ضرورة وجود قضية أو قضايا مركزية تشكل محوراً للتجاذب، ويجري على أساسها تقديم الموعد.
وإن كان في إسرائيل أكثر من قضية خلافية، فإن أياً منها لم يدفع بها إلى حد اعتبارها أساساً لانتخابات عامة مبكرة، أكان لجهة الجمود الذي تمر به «العملية السياسية» على المسار الفلسطيني، لكنها لم تعد ذات أولوية في الساحة الإسرائيلية في هذه المرحلة، أم الموازنة العامة التي صدقت الحكومة عليها بشبه إجماع، علماً بأن هاتين القضيتين كانتا واردتين لإثارة الانتخابات المبكرة، لكن الجميع عملوا على تجنبها.
في الوقت نفسه، وعلى مستوى المصالح، من الواضح أن كلاً من حزبي «الحركة»، الذي تترأسه وزيرة القضاء، تسيبي ليفني، و«يوجد مستقبل» الذي يترأسه يائير لابيد، سيكونان من أكبر المتضررين إن تقررت الانتخابات المبكرة في هذه المرحلة، إذ من المتوقع أن يخسرا عدداً كبيراً من حضورهما السياسي في الكنيست، بل قد يختفي «الحركة» من الساحة الحزبية والداخلية كلياً.
أما بالنسبة إلى الطرفين اليمينيين الآخرين، «البيت اليهودي» و«إسرائيل بيتنا»، فلا يوجد أي مؤشر على توجه جدي لديهما نحو انتخابات مبكرة، رغم أن استطلاعات رأي أظهرت أن الانتخابات ستزيد عدد مقاعدهما في الكنيست، لكن ليس إلى القدر الذي يدفعهما إلى خوض هذا الاستحقاق مبكراً.
مع ذلك، تبقى الأمور مفتوحة على عدد من الاحتمالات على المدى المتوسط والبعيد، أما في المرحلة الحالية والقريبة، فإن التجاذبات السياسية غير كافية لتقديم موعد الانتخابات، علماً بأن المشهد قد يستمر بضعة أشهر إضافية من دون أي طلاق فعلي بين أعضاء الائتلاف الحالي.




كتلة مشتركة بين ليفني ولابيد من أجل «التسوية»

أعلنت وزيرة القضاء الإسرائيلية تسيبي ليفني، أنها شكلت مع وزير المالية يائير لابيد كتلة مانعة تتشكل من 25 عضو كنيست. وأوضحت، في مقابلة مع صحيفة «يديعوت احرونوت»، أن من شأن هذه الخطوة أن يكون لها تداعيات على الائتلاف الحكومي، ولا سيما في ظل الخلاف حول مشروع قانون «التهوّد» الذي طرحه حزب «الحركة» الذي ترأسه.
وقالت ليفني إنها ستشكل مع لابيد، الذي يرأس حزب «يوجد مستقبل»، كتلة مشتركة تعمل على دعم التسوية السياسية، وتنسق العمل في قضايا «الدين والدولة». وأضافت: «أجريت في الفترة الأخيرة سلسلة محادثات مع لابيد، وما أعلنه هنا يأتي بالتنسيق معه... في دورة الكنيست القريبة سنشكل جبهة واحدة في الحكومة والكنيست في القضايا السياسية، وسننسق الجهود في قضايا الدين والدولة».
وبينت الصحيفة أن هذه الشراكة جاءت في أعقاب ضغوط من مسؤولين في الحزبين من أجل الدفع بالعملية السياسية، مشيرة إلى أن رئيس كتلة «يوجد مستقبل»، عوفر شيلح، وعضوي الكنيست عمير بيرتس وعمرام متسناع من «الحركة»، هددوا بالانسحاب من الحكومة إذ لم ينجح حزباهما في تجديد المفاوضات السياسية خلال الدورة الشتوية.
يشار إلى أن الاختبار الأول لهذه الشراكة سيكون حول أزمة قانون «التهود» الذي قدمته ليفني وأعلن رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، أنه يسحب دعمه له استجابة لضغوط الحريديم، والاختبار الثاني هو الدفع باتجاه التسوية مع الفلسطينيين، وإذا ما صحت تهديدات مسؤولي الحزبين، فإن هذه الشركة تعزز الاتجاه إلى تبكير الانتخابات الإسرائيلية العامة على أنها ليست بالضرورة شرطاً حاصلاً.

(الأخبار)