القاهرة | اختارت المجموعة العربية في صندوق النقد الدولي، رئيس الحكومة المصرية السابق، حازم الببلاوي، مديراً تنفيذياً في الصندوق، ممثلاً عن حصة المجموعة. اختيار الببلاوي أثار تساؤلات لدى خبراء الاقتصاد عن قدرة أول رئيس حكومة بعد إطاحة الرئيس محمد مرسي في قدرته على النجاح في مهمته، وهو الذي فشل محلياً في إدارة الملفات الاقتصادية التي تبوأها.
وحتى آخر لحظة، لم يكن الببلاوي ضمن خيارات القاهرة لتمثيل المجموعة العربية خلفاً للمدير السابق، المصري عبد الشكور شعلان، الذي شغل المنصب لمدة قاربت 22 عاماً، إلا أن ترشيح الإمارات لحاكم مصرفها المركزي مبارك راشد المنصوري لشغل المنصب، دفع القاهرة إلى ترشيح الببلاوي في اللحظات الأخيرة.
الببلاوي الذي سيتوجه إلى واشنطن أوائل شهر تشرين الثاني المقبل ليتولى منصبه الجديد مديراً تنفيذياً في الصندوق وممثلاً للمجموعة العربية باستثناء السعودية التي لها ممثل خاص، حصل على أصوات أعضاء المجموعة العربية باستثناء العراق ومالديف وقطر واليمن.
منصب المدير التنفيذي في صندوق النقد الدولي هو منصب غير ذات أهمية، وهو منصب لتمثيل المساهمين في الصندوق كل حسب حصته، فمثلاً السعودية لها مديرها الخاص بما أن حصتها كبيرة وتسمح لها بذلك.
وفي تعليقها على اختيار الببلاوي، قالت الدكتورة هند عبد الرحيم، أستاذة الاقتصاد في الجامعة الأميركية في القاهرة، إن أميركا «دائماً تحاول إمساك العصى من المنتصف مع مصر، فلا هما حلفاء أو أعداء، لكن حسابات التوازن في الشرق الأوسط هي الأساس في توطيد العلاقات الاقتصادية بين البلدين»
وأضافت عبد الرحيم في حديثها لـ«الأخبار» أن «أحداً لا ينكر أن الببلاوي أحد علماء الاقتصاد المرموقين، لكنه محسوب على تيار الأصولية الرأسمالية، وليس من تيار التنمية الشاملة المستدامة، وهذا لا يعيبه، فلكل واحد اختياره الفكري، لكن يعيب أنه دائماً محلل العلاقات المصرية مع الغرب، حتى وإن كان لا يصلح لمنصبه الوظيفي الجديد».
ولفتت إلى أن الببلاوي تولى مهمة إدارة صندوق النقد العربي مدة 10 سنوات، وبناءً عليه، لن يكون بعيداً عن السياسات الدولية التي تجري داخل أروقة صندوق النقد الدولي. فيما
أكد الباحث الاقتصادي، عمرو وهبة أن الببلاوي «تولى منصب رئيس بنك تنمية الصادرات عندما أنشئ وتولى رئاسته تحت شعار التصدير قاطرة التنمية، مع ذلك لم ينجح في المهمات التي أسندت إليه، وعاد مرة أخرى لصندوق أبو ظبي للتنمية بعد ترك البنك شبه مفلس، ولم يحقق أي هدف من الأهداف››.
وتابع وهبة حديثه لـ«الأخبار» بالقول: «ثم رشحته مصر مديراً لـ«الإسكوا››، وهي اللجنة الاقتصادية للأمم المتحدة لغرب آسيا، وهي مؤسسة لها أبعاد تنموية اجتماعية وإنسانية، لكن في سابقة غريبة للأمم المتحدة أصرت على ضرورة عزله بعد عامين من توليه منصبه قبل إتمام السنوات الأربع، ورشحت مصر بدلاً منه حينها ميرفت التلاوي».
وشدد وهبة على أن في مرحلة تولي الببلاوي منصب وزير المالية عقب ثورة «25 يناير»، شهدت الموازنة العامة حينها خللاً في فترة شديدة الصعوبة على مصر وقتها، موضحاً أنه لم يستطع طوال هذه الفترة أن يتخذ أي إجراء جذري أو إصلاحي، ولم يستطع اطلاقاً أن يقدم من السياسات المالية ما يشيد بكفاءته وقدرته التنفيذية على أرض الواقع. واستشهد وهبة على ضعف الببلاوي بالتذكير بحكومته عقب عزل الرئيس محمد مرسي بأن أقل ما يمكن قوله عنها أنها كانت حكومة فاشلة واتسمت قرارات كل أعضائها «بالأيدي المرتعشة»، نظراً إلى عدم قدرتهم على تحريك مجريات الأمور في البلاد بالنحو الصحيح.
الباحث في اقتصاديات السوق الأوروبي، هاني عبد الكريم، أوضح أن تجربة الببلاوي الوزارية كانت غير موفقة، فقد أثيرت في عهده قضية حيوية، هي أموال التأمينات التي استولى يوسف بطرس غالي على 450 مليار جنيه منها، فضلاً عن أن الببلاوي «لم يستطع أن يطرح ولو روشتة إصلاح وعلاج مالي طوال فترة توليه المسؤولية، حتى لو لم ينفذها».
وقال عبد الكريم في حديث لـ«الأخبار» إن «الببلاوي شخص أكاديمي من الطراز الفريد، لكنه لا يتمتع بقدرة اتخاذ القرارات الصائبة»، لافتاً إلى أن قدرته «كرجل أكاديمي على التفكير والبحث أسهمت في نجاحه في صندوق أبو ظبي للتنمية، لأن منصبه مناسب لإمكاناته الأكاديمية العلمية المتميزة».
وعمّا إذا كان يتوقع نجاح الببلاوي في منصبه الجديد، قال عبد الكريم: «لا أتوقع نجاحه في المنصب بما أنه لا يتحمل عبء تنفيذ المهمات الصعبة». واستطرد بالقول: «سياسة المصالح هي التي أسهمت في تولي الببلاوي المنصب الدولي الجديد. فهذه المواقع لا تهتم لكفاءة الشخص المسؤول في إدارة الملفات المكلف بها، بقدر ما يهم المصالح الوارد تحقيقها من توظيف هذا الشخص في منصبه».