لم يكن التقرير الجديد لمجموعة الأزمات الدولية حول الوضع في تونس، الصادر يوم أمس، سوى طلقة تحذيريّة للسلطات التونسية من تنامي المخاطر عند حدودها البرية، نتيجة التحالف بين الإرهابيين والمهربين، ومن انعكاسات هذا التحالف على البلاد إن فشلت الانتخابات الرئاسية والتشريعية في تحقيق الاستقرار السياسي للبلاد.
ولم تخل الصفحات العشرون للتقرير السنوي الثاني، لمجموعة الأزمات الدولية عن تونس، من تكرار كلمة «الحدود» عند الإشارة إلى تنامي خطر الجماعات الإرهابية التي نجحت في عقد تحالف مع عصابات التهريب على طول الحدود التونسية مع الجزائر المقدّر بنحو 1000 كلم والحدود الشرقية مع ليبيا على طول 500 كلم. ويرى التقرير أن الأوضاع الأمنية على الحدود الجزائرية والليبية قد تصبح مقلقة وتتحول إلى تهديد خطير على تونس.
وجاء هذا التقرير ليعزّز رواية الحكومة التونسية بشأن التحالفات بين الإرهابيين والمهربين التي تطورت باستطراد لتصبح «أقوى في المناطق الحدودية» التي تشهد منذ 2013 «توسعاً في النشاطات غير القانونية، شجعت على اندلاع مزيد من أعمال العنف» وفق ما ورد في التقرير.
وشدّد التقرير على أن الخطر لا يقتصر على تحالف المهربين مع الإرهابيين، بل في التحاق عدد من شباب المناطق الحدودية بالمجموعات الإرهابية ومحاولة الالتحاق بصفوف تنظيم «داعش» أو جبهة النصرة في سوريا.
وتتصاعد نبرة التحذير في التقرير عند الحديث عن المخاطر الموجودة عند الحدود التونسية الليبية، التي نشر فيها الجيش التونسي أكثر من 7000 جندي، وتصنيفه لثلثي الجنوب التونسي كـ «منطقة عسكرية مغلقة»، وذلك بسبب تطورات الوضع الليبي الداخلي، المتسم بالصراع بين العلمانيين في ليبيا والتيارات الإسلامية، وبالأساس مجموعة «أنصار الشرعية» التي تضمّ عدداً من التونسيين.
هذا الصراع الليبي توقعت مجموعة الأزمات الدولية أن يؤثر في الوضع السياسي والاقتصادي في تونس وينتهي بارتفاع وتيرة أعمال العنف في البلاد، وتصاعد وتيرة الاستقطاب الثنائي بين الإسلاميين والعلمانيين، التي قد تتحول إلى اقتتال إن وقعت عملية إرهابية كبرى في البلاد خلال الأسابيع القادمة، أو فشل الانتخابات وعدم القبول بنتائجها من قبل أي طرف سياسي.
وحذّر تقرير مجموعة الأزمات الدولية من انعكاسات الحملة الأمنية الموسعة التي تشنها السلطات التونسية، وأوقِف فيها أكثر من 1200 شخص، ومن تغذية النزعة الانتقامية عند الجماعات الجهادية ودفعها إلى تنفيذ عمليات انتقامية، كما حدث في أيار 2014 لدى استهداف منزل وزير الداخلية لطفي بن جدو في محافظة القرصين (290 غربي العاصمة) وقتل 4 أمنيين مكلفين بحراسته، أو ما حدث في 17 حزيران من استهداف نقطتين للجيش في جبل الشعانبي بنفس المحافظة وقتل 15 جندياً.
وقدم التقرير، على غرار التقرير السابق الصادر في تشرين الأول 2013، توصيات للحكومة التونسية تقضي بإبرام توافقات سياسية بين مختلف الأطراف لتجنب الفوضى، إضافة إلى توصيات بتأمين الحدود، وذلك بفكّ عزلة المناطق الحدودية وتطبيق سياسات اقتصادية تنموية تعزز وجود الدولة في تلك المناطق. وأوصى التقرير الحكومة التونسية بالدخول في حوار مع العصابات الموجودة على الحدود وكسب ثقة ودعم القبائل التونسية في الجنوب الحدودية، بالتوازي مع اتباع سياسات أمنية متوازنة تعتبرها مجموعة الأزمات الدولية «الحل الوحيد لتخطي دائرة العنف والتغلب على الإرهاب والجريمة».
وتضمن التقرير أيضاً توصية بزيادة التعاون الأمني بين تونس والدول المجاورة، وتحديداً الجزائر، التي نشرت أكثر من 20 ألف جندي على حدودها مع تونس، وقدمت دعماً تقنياً لتونس للمساعدة في خوض الحرب ضدّ كتيبة «عقبة بن نافع» المتحصنة عند الحدود التونسية الجزائرية، التي تشهد نشاطاً متنامياً لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وفق ما أشار إليه التقرير.
(الأخبار)