بدا أمس أن تركيا أجرت تغييرا بارزا في استراتيجيتها بخصوص سوريا عبر اعلانها انها سمحت بمرور مقاتلين اكراد عراقيين عبر اراضيها للوصول الى مدينة عين العرب السورية (كوباني)، في وقت جدد فيه وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، التأكيد على أن بلاده لم تنضم إلى التحالف ضد «داعش» لأنه يعمل من دون تفويض مجلس الأمن الدولي، وواشنطن لم تقدم توضيحات بشأن عمليتها في سوريا.
في هذا الوقت، شدد قائد قوات «فيلق القدس»، اللواء قاسم سليماني، على أن الممارسات التي تقوم بها عصابات «داعش» في الوقت الحالي، وكذلك التدخل والغزو الأميركي لدول المنطقة بذريعة مكافحة «داعش»، «مصيرها الفشل والهزيمة ولن تحقق اغراضها المشؤومة وذلك لأنها تفتقر الی المبدأ». ولدی اجابته عن سؤال علی هامش «ملتقی تكريم القادة الشهداء» حول التطورات الجارية في العراق وسوريا، قال «المهم هو النتيجة التي تؤول اليها هذه التطورات، فقد شاهدتم احداث سوريا والمصير الذي انتهت اليه».
كيري: الوضع يرقى الى
مستوى «لحظة الازمة»، وهذه الخطوة لا تعد تغييراً في السياسة

وقال وزير الخارجية التركية، مولود جاووش اوغلو، في أنقرة، «نساعد مقاتلي البشمركة الاكراد على عبور الحدود للتوجه الى كوباني. محادثاتنا مستمرة حول الموضوع»، من دون اعطاء تفاصيل اضافية.
وادعى الوزير، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره التونسي منجي حامد، «لم نشأ ابدا ان تسقط كوباني. لقد قامت تركيا بعدة مبادرات للحؤول دون ذلك».
ويأتي هذا التبدل في الموقف التركي فيما اجرت الولايات المتحدة العملية الأولى، صباح أمس، لإلقاء الاسلحة والذخائر الى القوات الكردية التي تدافع عن عين العرب. ولم يعلق وزير الخارجية التركي مباشرة على هذه المبادرة الاميركية، واكتفى بالقول «اننا نتعاون بالكامل مع التحالف»، مضيفا «نريد التخلص من جميع التهديدات التي تحيط بالمنطقة. اننا نقدر المساعدات العسكرية والطبية الملقاة لهذا الغرض».
وقالت القيادة العسكرية الاميركية للشرق الاوسط وآسيا الوسطى «سنتكوم»، في بيان، ان طائرات شحن عسكرية من طراز «سي-130» نفذت «عدة» عمليات القاء مؤن من الجو، مشيرة الى ان هذه المؤن قدمتها سلطات اقليم كردستان العراقي وهدفها «اتاحة استمرار التصدي لمحاولات تنظيم الدولة الاسلامية للسيطرة على كوباني».
من جهته، قال وزير الخارجية الاميركي جون كيري ان عدم مساعدة الاكراد في قتالهم ضد تنظيم «داعش» في بلدة عين العرب أمر «غير مسؤول». واضاف، عقب القاء الطائرات الاميركية اسلحة للاكراد، «ان ادارة ظهرنا لمجتمع يقاتل تنظيم الدولة الاسلامية امر غير مسؤول كما انه صعب اخلاقيا». وقال كيري ان الوضع يرقى الى مستوى «لحظة الازمة»، مؤكدا ان هذه الخطوة لا تعد تغييرا في السياسة. واشار الى ان واشنطن تدرك التحديات التي تواجهها تركيا في ما يتعلق بحزب العمال الكردستاني، الذي تحظره انقرة، «لكننا كتحالف قمنا بجهد لاضعاف وتدمير تنظيم الدولة الاسلامية الذي يقاتل باعداد كبيرة في هذا المكان المسمى كوباني». وقال «هذه لحظة ازمة وطوارئ، ولا نريد ان نرى كوباني تتحول الى مثال فظيع لغياب الارادة في مساعدة من يقاتلون تنظيم الدولة الاسلامية». وتابع كيري ان بلاده تأمل ان «يواصل الاكراد الذين اثبتوا انهم مقاتلون اشداء وبواسل، قتالهم».
إلى ذلك، أعربت قوات كردية عن الارتياح ازاء القاء الطائرات الاميركية «المساعدات». واكد متحدث باسم «وحدات حماية الشعب» الكردية لوكالة «فرانس برس» ان الاسلحة والذخائر ستساعد المقاتلين الاكراد كثيرا في مواجهة «الدولة الاسلامية». وقال المتحدث ريدور خليل ان «المساعدات العسكرية ... كانت جيدة واميركا مشكورة على هذا الدعم وستؤثر ايجابا على سير العمليات العسكرية ضد داعش، وما زلنا نأمل المزيد»، مؤكدا ان هذا الدعم «سيساعد كثيرا».
ورفض المتحدث الكشف عن تفاصيل، لكنه قال لـ»فرانس برس» ان المقاتلين الاكراد يحتاجون الى «الامداد بالاسلحة المتطورة وخاصة الثقيلة منها ... في ظل امتلاك داعش اسلحة نوعية ... حصل عليها في الموصل وباقي المناطق التي اجتاحها» في سوريا والعراق المجاور.
وكانت الولايات المتحدة قد أعلنت الأسبوع الماضي انها استأنفت اتصالات مباشرة مع ابرز حركة كردية في سوريا «حزب الاتحاد الديموقراطي»، في وقت رفض فيه الرئيس التركي، رجب طيب اردوغان، الدعوات الموجهة الى بلاده كي تسلح «وحدات الدفاع عن الشعب» وهي الجناح المسلح للحزب الكردي الرئيسي في سوريا، واصفا الأخير بانه «منظمة ارهابية». وكرر وزير الخارجية التركي، أمس، التعبير عن الموقف ذاته. وقال «على غرار تنظيم الدولة الاسلامية، فإن حزب الاتحاد الديموقراطي، يريد السيطرة على قسم من الاراضي السورية»، وهذا الحزب «والمجموعات التابعة له يجب ان يغيرا اهدافهما ويعدلا طموحاتهما هذه».
وكانت وكالة «روداو» الكردية قد أفادت بأن رئيس كردستان العراق، مسعود البرزاني، طلب بنفسه من السلطات التركية تسهيل مرور مقاتليه «البشمركة» الى المدينة السورية المحاصرة.
من جهته، أكد لافروف، في محاضرة ألقاها أمس حول السياسة الخارجية الروسية، أن «جهود مكافحة الإرهاب يجب أن تقوم على أساس القانون الدولي وتحت إشراف مجلس الأمن الدولي، الذي يتحمل المسؤولية الرئيسية عن حماية السلام والأمن الدوليين»، مشيراً إلى أن قيام الأميركيين بقصف مواقع «داعش» في أراضي سوريا دون الحصول على موافقة الحكومة السورية لا يتفق مع قواعد القانون الدولي. وأضاف أن واشنطن تقوم بالتوازي مع ضرب «داعش» بدعم المعارضة المسلحة التي تعدها معتدلة ومقبولة، وذلك لتعزيزها كي تتمكن من إسقاط النظام في سوريا.
وقال لافروف إن «روسيا تقدم الدعم على نحو مستمر لحكومتي العراق وسوريا ولغيرهما من دول المنطقة في مواجهتها للمتطرفين الذين يسعون إلى الاستيلاء على الحكم»، مضيفاً «بما في ذلك ندعم هذه الحكومات من خلال تزويدها على نطاق واسع بالأسلحة والمعدات العسكرية، وبذلك نعزز قدراتها العسكرية».
وأشار الوزير الروسي إلى أن «الكثيرين تجاهلوا سابقا خطر داعش بسبب رغبتهم في استخدام التنظيم لمواجهة (الرئيس السوري بشار) الأسد، لكن هدف داعش إقامة خلافة والسيطرة على الحكم في العالم العربي».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)