بغداد | بعد خمس سنوات من الفراغ في منصبي وزيري الداخلية والدفاع، نجح رئيس الحكومة العراقية، حيدر العبادي، في تنفيذ وعده، خلال جلسة التصويت على حكومته في الثامن من أيلول الماضي، عندما تعهد بتقديم أسماء مرشحي هذين المنصبين بعيداً عن أي ضغوط سياسية. وبعد مفاوضات ومشاورات كثيرة حول اسمي الوزيرين، صادق مجلس النواب العراقي أول من أمس على تعيين محمد سالم الغبان وزيراً للداخلية وخالد العُبيدي وزيراً للدفاع. ولكن الغريب في الأمر أن العُبيدي كان مرفوضاً من الكتل الأخرى عندما طُرح مرشحاً للمنصب ذاته خلال الولاية الثانية لرئيس الحكومة السابقة نوري المالكي عام 2010.
العُبيدي الذي يمثل الكتل «السنية»، هو ابن المؤسسة العكسرية، إذ أنه كان ضابطاً في الجيش العراقي السابق، حاصل على شهاد الماجستير في العلوم السياسية، شغل منصب المستشار الأمني لمحافظ نينوى، ورُشح عام 2010 لمنصب وزير الدفاع، لكن عدم اقتناع نوري المالكي والأحزاب «الشيعية» حينها حال دون ذلك.أما وزير الداخلية، مرشح منظمة بدر، محمد سالم الغبان، فله من الخبرة العسكرية الميدانية، خلال فترة معارضته لنظام صدام حسين، ما يشهد له من كفاءة في إدارة دفة الوزارة، لكنه لا يمتلك شهادة أكاديمية عسكرية، على الرغم من تسلمه مناصب قيادية في منظمة بدر، وقربه من زعيمها هادي العامري الذي رفضت الإدارة الأميركية تسلمه للمنصب.
العُبيدي الذي يمثّل
الكتل «السنيّة» كان ضابطاً في الجيش السابق

الغبان مرشح الساعات الأخيرة لمنصب وزير الداخلية، بعد اغتيال أحمد الخفاجي، القيادي في منظمة بدر. كان الخفاجي مرشحاً لهذا المنصب بعد اتفاق بين هادي العامري وحيدر العبادي، شريطة ألا يظهر ذلك في وسائل الاعلام التي علمت بأنه مرشح لوزارة الداخلية بعد عملية اغتياله.
ربما كانت هناك حسابات مستقبلية لرئيس الحكومة، حيدر العبادي عندما قبل بالعبيدي وزيراً للدفاع، لما يمتلكه من خبرة ودراية بمدينة الموصل جغرافياً واجتماعياً، باعتباره ابنها الذي ترشح عنها، وخدم فيها لسنوات. قد يكون لتنصيب العبيدي دوراً إيجابياً في مشروع المصالحة الوطنية الذي تعمل عليه الحكومة منذ سنوات، من خلال التقارب الذي قد يعمل عليه بين الحكومة والضباط السابقين في نظام صدام حسين.ويعرف العبيدي جيداً القيادات العسكرية التي انتمت إلى تنظيم «داعش» والتي غُرّر بها من مدينة الموصل، ويعلم جيداً كيفية كسب تلك القيادات لمصلحة الدولة العراقية، وهذا ما سيعمل عليه خلال الفترة المقبلة.
الغبان بدوره يعرف كيفية إدارة الملف الأمني الداخلي، لقربه من الفصائل «الشيعية» المسلحة، التي تنشغل الآن في مساعدة القوات الأمنية في حربها ضد «داعش». وسيتمكن وزير الداخلية الجديد من تفنيد المخاوف التي أبدتها بعض الأطراف من مستقبل «الحشد الشعبي»، والعمل على تحديد دورها كمساند للقوات الأمنية العراقية، وليس كقوة عسكرية خارجة عن إطار الدولة والقانون.المجتمع الدولي لم يكن بعيداً عن عملية تنصيب الوزيرين الأمنيين، بل كان قريباً جداً عندما ضغط على رئيس الحكومة حيدر العبادي بشأن الإسراع في تسميتهما. وفي ما يبدو أن العبادي صدق بما وعد به، يبقى السؤال الأهم عن قدرته على النجاح في السيطرة على هاتين المؤسستين الأمنيتين بمساعدة وزيريه من أي خرق.
وعلى الرغم من أن الوزيرين عُيّنا بالتوافق السياسي، وفق نظرية «المحاصصة» السائدة في العراق، إلا أنهما يمتلكان من الخبرة العسكرية ما يساعدهما على تجاوز الأخطاء التي حدثت خلال السنوات الخمس الماضية، عندما كان العراق بلا وزيرين أمنيين، ولا أمن.إلى ذلك، قتل 12 شخصاً وأصيب 29 آخرون بجروح في التفجير الانتحاري الذي استهدف حسينية عباس العادلي في منطقة الحارثية، غربي بغداد.