حيفا | تُعد قضية السياسات الطبية في السجون من القضايا الأكثر إلحاحاً، وتحتاج إلى دعم وتقوية مع أطر ومؤسسات متعددة. هذه الدعوة يجب إطلاقها بعدما صدر تقرير من "المؤسسة العربيّة لحقوق الإنسان"، التي تتخذ من الناصرة مقراً لها، وحصلت "الأخبار" على نسخة منه. في التقرير يظهر أنّ "إسرائيل تستخدم سياسة عقاب صحيّ جماعيّ وفرديّ ضدّ الأسرى السياسيين"، وليس الحديث عن إهمال طبيّ وعلاجيّ، لأنّ الإهمال في هذا السياق ليس استثناءً، بل هو القاعدة وجوهر السياسة المنهجية والقيم التي تحكمها، كما قال التقرير، الذي أضاف أنّ "الأسرى يؤكّدون بناءً على تجربتهم، وما تضمنته من انجازات وإخفاقات، أن سياسة إدارة السجون وجهاز الأمن العام الإسرائيليّ قائمة على قاعدة: استنزافنا ومنع كل عملية تراكم للإنجاز".
ويرى الأسرى أن ذلك يجري بـ"التجاوب المحدود مع مطالب الأسرى، والتراجع الدائم عمّا جرى التجاوب معه، والإخلال بما يجري الاتفاق عليه، ما يخلق وضعاً من المراوحة في المكان، وتشتت قواهم وجهودهم ومطالبهم وأهدافهم"، فتُستنزف طاقاتهم، ليس من أجل تحقيق إنجاز جديد، بل لإعادة ما جرت مصادرته والتراجع عنه.
أيضًا هناك ما يصفه الأسرى بسياسة الإعدام البطيء، وهو ما حدث مع الشهيد ميسرة أبو حميدة، من جرّاء عدم معالجته، ولاحقاً عدم عرضه على لجنة طبية متخصصة لتقرر الإفراج عنه، أو توصي بذلك. وتكرر الأمر مع عرفات جرادات الذي استشهد من جرّاء التعذيب الجسدي أثناء التحقيق.
فضلا عن ذلك، يؤكّد الأسرى أنّ ما تعرّض له الاثنان يتعرض له العشرات، بل المئات من الأسرى، ويُحذّرون من أنّ النتائج ستكون متشابهة، لكونها "سياسة إعدام بطيء".
وجاء في التقرير أنّ عدد الأسرى السياسيين، في السجون الإسرائيلية، يصل اليوم إلى قرابة 5000 أسير من مجمل الأسرى، وقد وصل العدد في مراحل سابقة، كما في الانتفاضتين الأولى والثانية، إلى أكثر من عشرة آلاف أسير في آن واحد. هؤلاء يتوزعون على 21 سجناً ومعتقلاً من شمال البلاد إلى جنوبها، وغالبيتهم العظمى في سجون الجنوب، كما أنّ النسبة الكبرى منهم هي من الضفة المحتلة والقدس 4212، وهناك 411 من قطاع غزة، وحوالى 113 أسيرا من مناطق 48 (مواطنين عرب).
التقرير لفت إلى أنّ عدد الأسرى الفلسطينيين الذين أسروا، أو اعتقلوا في السجون الإسرائيلية منذ عام 1967 حتى اليوم، يصل إلى حوالى 800 ألف إنسان، وهذا يشير بوضوح إلى أنّ أكثر من 70% من العائلات الفلسطينية قد اعتقل أحد أفرادها في مرحلة من المراحل.
يُذكر أن إسرائيل اعتقلت منذ بدء انتفاضة الأقصى في أيلول 2000 حتى اليوم أكثر من 9 آلاف طفل، فيما لا يزال حوالى 160 طفلاً في سجون الاحتلال. كذلك ذكر التقرير أن 40% من الأسرى الفلسطينيين داخل السجون هم من المتزوجين، كما أنّ 91% من الأسر الفلسطينية التي عرفت تجربة الاعتقال تُعاني ظروفا اقتصادية صعبة، وتكون المعاناة أكثر وضوحاً إذا كان المعتقل هو المعيل الوحيد للأسرة.
إضافة إلى ذلك، تمنع السلطات الإسرائيلية حوالى أكثر من 20% من العائلات من الزيارات، فيما جميع عائلات أسرى غزة محرومة الزيارات منذ أكثر من 5 سنوات، عدا بعض الاستثناءات التي قدمت مؤخراً إلى هذه الشريحة، لكن ليس بطريقة منهجيّة منظّمة.
وفي محاولة لنزع الشرعية عن كفاح الشعب الفلسطينيّ من أجل تقرير مصيره، لا تعترف دولة الاحتلال بمن يشاركون في أعمال المقاومة ضد احتلالها الأرض الفلسطينية المحتلة باعتبارهم مقاتلين من أجل الحرية، وبدلاً من ذلك فإنّها تُعاملهم باعتبارهم سجناء لأسباب أمنية، وإرهابيين لا حقوق لهم.
أمّا عن التضييقات، فقال التقرير: "بالإضافة إلى التفتيش العاري، والتحرش الجنسي، والتفتيشات الليلية المباغتة، واقتحام الغرف، ومصادرة حاجيات الأسرى وممتلكاتهم الخاصة، والتضييق على الأسرى في ممارسة شعائرهم الدينية، ومنعهم من تقديم امتحانات الثانوية العامة، وحرمانهم التعليم الأساسي والتعليم الجامعي، وحجب غالبية القنوات العربية الفضائية عنهم، فهناك أيضاً الحرمان من زيارات الأهل على نحو فرديّ تحت ما يُسّمى المنع الأمنيّ".