بغداد | في قضاء الدجيل (60 كم شمال العاصمة العراقية بغداد)، كان طفل عراقي، يقف مساء الثلاثاء الماضي، امام بيته. لم يكن يعلم هو وأهله أن هذه المنطقة العشائرية المتجانسة ستكون مكان إرعاب لأطفالها، الذين تعودوا الخروج بين بيوتها من دون أي خطر يهددهم.
حسين رسول سعد، طفل في الرابعة من عمره، اختطفه تنظيم «داعش» من أمام بيته هو وأربعة اطفال آخرين. حتى اللحظة لم تُعرف الأسباب التي اختُطف على أساسها هؤلاء الأطفال، الذين لم يبلغ أكبرهم سن الثانية عشرة من عمره.
تلك المنطقة التي يحاصرها تنظيم «داعش» منذ أسابيع طويلة، يسودها الهدوء عند أذان المغرب، فرجالها يذهبون إلى الجوامع، بينما نساؤها يبقين في البيوت، لكن أطفالها الذين لم يشعر أهلهم بالخوف عليهم لأنهم في منطقة عشائرية يعرف بعضهم بعضا، كانوا عرضة لجماعات متطرفة.
خطف التنظيم طفلاً من أمام منزله وقتله ثم رماه في مكب للنفايات

بعد أذان المغرب، فوجئ أهل حسين بعدم وجود ابنهم في البيت، ولأن الطابع العشائري يسيطر على المنطقة، حمل رجالها السلاح للبحث عنه، بعدما أبلغوا الشرطة المحلية وجهاز مكافحة الإجرام، الذي خرج عناصره برفقة العشرات من ذوي الطفل المختطف للبحث عنه في البساتين والمزارع، لكن دور الشرطة المحلية لم يكن مشجعاً، بحسب ضياء الأسودي، المقرب من عائلة حسين.
الاسودي، وهو مسؤول منظمات المجتمع المدني في قضاء الدجيل، قال لـ «الأخبار» إن «الطفل (حسين)، كان يقف عند باب منزله مع عدد من أطفال المنطقة، يمارسون ألعابهم الشعبية، جاءت سيارة تقل مسلحين، مساء الثلاثاء الماضي، واختطفتهم».
ويضيف أن «داعش اختطف ثلاثة أطفال آخرين، غير حسين، لكن أحدهم تمكن من الهرب، بعدما استغل فرصة انشغال احد عناصر التنظيم بإخراج السجائر من جيبه، ورمى بنفسه من السيارة (بيك آب)، لكن الثلاثة الآخرين بقوا مختطفين».
عندما خرج أهل وأقرباء وجيران حسين مدججين بالسلاح برفقة قوة من مكافحة الاجرام للبحث عنه في مزارع وبساتين قضاء الدجيل، لم يتمكنوا من العثور عليه أو معرفة أي شيء عنه، بقوا يبحثون عنه حتى الساعة الثانية من فجر، يوم الاربعاء الماضي، ليعودوا بعد ذلك بلا أي ذكر يدلهم على ابنهم.
في اليوم التالي، استمر البحث عن الطفل، لكن النتيجة حتى ظهر الاربعاء بقيت على حالها. أدت الصدفة دوراً كبيراً في إيجاد حسين. في منطقة زراعية، لمح شاب من قضاء الدجيل، كان يسير في احد الحقول، جثة طفل في مكب نفايات. العلاقات الاجتماعية بين سكان هذا القضاء كان لها اثر ايجابي في هذه الحادثة.
تعرف هذا الشاب على جثة حسين، فأبلغ أهله، الذين وجدوا ابنهم، ليس كما رأوه آخر مرة. وجه حسين كان مشوهاً، دخلت رأسه رصاصة، يداه مكسورتان. لم يُصدق أهله ما حدث لابنهم.
مدير المرصد العراقي لحقوق الانسان، مصطفى سعدون، قال لـ «الأخبار» إن «تنظيم داعش يمارس أبشع الجرائم بحق العراقيين، ورغم ذلك لم يكتف بإسقاط المدن وقتل عناصر الجيش العراقي، بل بدأ يتعمد بإثارة الرعب من خلال اختطاف الأطفال وتشويههم».
وبيّن سعدون أن «الجرائم التي يرتكبها داعش تعد انتهاكاً كبيراً وصارخاً لحقوق الانسان، وهي منافية لما جاء في قانون الطفل في جميع الفقرات الخاصة بحقوقه»، داعياً «المجتمع الدولي إلى إبداء المساعدة للعراقيين أكثر لحماية الأطفال والنساء، من جرائم داعش».
إضافة إلى حسين اختطف «داعش» ثلاثة أطفال آخرين، تمكن أحدهم من الهرب، أما الآخر الذي يبلغ من العمر سنتين فعُثر عليه في مكب للنفايات، وهو في حالة بكاء شديدة، أما الرابع، فما زال أمره مجهولاً، ولم يُعرف مصيره.