في خضم الحديث عن عمق الخلافات بين واشنطن وتل أبيب، في العديد من القضايا الإقليمية، تنبري الولايات المتحدة تدافع عن إسرائيل في المحافل الدولية، رغم إدراكها أن التصلب الإسرائيلي والشروط التعجيزية هي التي حالت دون التوصل إلى تسوية نهائية ودفعت السلطة إلى التوجه نحو الأمم المتحدة.
وفي سياق المفاوضات على المسار الفلسطيني، كشفت صحيفة «هآرتس» أن وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، يعكف على بلورة خطة تسوية جديدة بين إسرائيل والسلطة تهدف إلى الالتفاف على التوجه الفلسطيني إلى الأمم المتحدة لطلب جدول زمني لانسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة عام 1967.
ولفتت الصحيفة إلى أن كيري بادر إلى هذه الخطوة بالتنسيق مع رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو، ونقلت عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إن «كيري عرض الخطوط العريضة لخطته على نتنياهو»، خاصة أن هناك اهتماماً أوروبياً متزايداً بالاعتراف بالدولة الفلسطينية.
«هآرتس» أوضحت أن خطة كيري تعتمد على تجديد المفاوضات على أساس حدود 1967 مع تبادل أراض، ونقلت عن المسؤولين الإسرائيليين أن «الإدارة الأميركية قلقة من الخطوة الفلسطينية التي من شأنها أن تسبب أزمة حادة، لذا فإنها تسعى إلى منع الصدام السياسي وهو في مهده».
في ما يتعلق بالموقف الأميركي، لو أصر الفلسطينيون على توجههم، قالت «هآرتس» إن «الأميركيين أوضحوا للسلطة أنهم إذا تطلبت الحاجة سيستخدمون حق النقض (الفيتو) ضد مشروع القرار الفلسطيني في مجلس الأمن، لكن في الوقت الذي تجند فيه الولايات المتحدة الدول العربية للتحالف الدولي ضد داعش، ستبذل الإدارة الأميركية الجهود للامتناع عن تلك الخطوة».
وفق المسؤولين أنفسهم، كان كيري قد التقى نتنياهو قبل أسبوعين في نيويورك، حيث أكد اعتقاده أنه لا تزال هناك فرصة لدفع مسار التسوية نحو اتجاه إيجابي، مشيراً (كيري) إلى أنه بعد محادثاته مع رئيس السلطة، محمود عباس، خرج بانطباع فحواه أن الطريق الوحيدة لوقف الخطوة الفلسطينية في الأمم المتحدة يكمن في طرح بديل جدي.
ورأى مسؤول إسرائيلي، طبقاً لـ«هآرتس»، أن كيري حاول استطلاع مواقف نتنياهو بشأن التسوية، واستفسر منه عن الخطوات التي يمكنه فعلها لدفع المبادرة السياسية. «أيضاً سأله إن كان مستعداً لذلك، وفي أي ظروف سيقبل مبدأ المفاوضات، على أساس حدود عام 1967 مع تبادل أراض». لكن الصحيفة ذكرت، استناداً إلى المصادر نفسها، أن «نتنياهو لم يرفض مقترح كيري، لكنه بدا غير متحمس له»، وهو ما قد يشير إلى أنه لن يؤدي دور المعرقل ما دام الهدف هو الالتفاف على الخطوة الفلسطينية، ولن يترتب على ذلك أي التزامات فعلية على إسرائيل.
تجدر الإشارة إلى أن نتنياهو طرح، خلال محادثاته الأخيرة مع كيري والرئيس باراك اوباما، إمكانية دمج الدول العربية في عملية استئناف المفاوضات، كما صرح خلال خطابه أمام الأمم المتحدة، الذي دعا فيه إلى تعديل مبادرة السلام العربية. لكن كيري لم يرفض هذه الأفكار نهائياً، ولمّح خلال المؤتمر الصحافي أخيراً في القاهرة إلى إمكانية تعديل المبادرة العربية ودمجها في الخطوة الأميركية لاستئناف المحادثات. وقال بالنص: «تصوروا إمكانية أن تصبح المبادرة العربية، أخيراً، بهذا الشكل أو ذاك أساساً وقاعدة وجزءاً من المفاوضات».