القاهرة | اتفاق تعاون أولي يشمل تدريب عدد غير محدود من عناصر الشرطة والجيش الليبيين في القاهرة، إضافة إلى إرسال مدربين إلى المدن الليبية «لنقل خبرات الجيش المصري إليهم»، هما من أهم ما خرجت به زيارة رئيس الوزراء الليبي عبد الله الثني مصر.ورغم ما يحمله ذلك من دلالات ترتبط، بشكل أو بآخر، بالحديث عن تدخل مصري جديد في ليبيا، إلا أن الجانب المصري لا يزال يتحدث عن أن الأمر لا يعدو كونه تعاوناً طبيعياً مرتبطاً بتعزيز الدعم العسكري لليبيا.

ووفقاً للاتفاقيات التي جرت بين العسكريين المصريين ونظرائهم الليبيين، سيتم تحديد عدد القوات المطلوبة للتدريب، في غضون أيام قليلة، على أن تبدأ التدريبات قبل نهاية الشهر الحالي، لـ«المساعدة على السيطرة الأمنية السريعة في المدن الليبية». وتجرى هذه التدريبات لقوات الشرطة في مقر أكاديمية الشرطة في ضاحية التجمع الأول، بينما تجرى التدريبات العسكرية في إحدى المناطق التابعة للقوّات المسلحة.
وبحسب ما يؤكد خبراء عسكريون مصريون، فإن هذه الخطوة متعلّقة بالدرجة الأولى بالعمق الاستراتيجي للأمن القومي المصري المرتبط باستقرار الأوضاع الأمنية في ليبيا. ومن هؤلاء رئيس هيئة أركان القوات المسلحة الأسبق اللواء عبد المنعم سعيد الذي أكد ذلك لـ«الأخبار»، موضحاً أن «حالة الاستنفار الأمني على الحدود مع طرابلس تكلّف دوماً القوات المسلّحة نفقات كبيرة، وخصوصاً مع غياب عناصر التأمين على الجانب الآخر من الحدود».
وآثر سعيد الإشارة إلى أن «الاستراتيجة العسكرية المصرية قائمة على مساعدة دول الجوار، نظراً إلى أن استقرارها سينعكس إيجاباً على الداخل المصري».
وهو اعتبر أن المساعدات العسكرية التي تقدمها القوات المسلّحة ووزارة الداخلية للقوات الليبية أمر طبيعي، خلال الفترة الحالية، و«خصوصاً في ظلّ دعم القيادة المصرية للحكومة المنتخبة لتجاوز الأزمات والتطورات الأمنية التي تشهدها ليبيا والتصدي للميليشيات المسلّحة».
كما ربط القائد العسكري السابق الاهتمام المصري المتزايد بالأوضاع الليبية، بالمشاكل الكثيرة التي تواجه مصر، وخصوصاً من الجانب الليبي، موضحاً أن «الحدود المشتركة هي أكبر حدود مصرية مع أي دولة أخرى»، مشدداً على فكرة أن إرسال مدربين عسكريين إلى الأراضي الليبية، خلال الفترة المقبلة، «سيكون له انعكاسات إيجابية على رجال الشرطة والجيش هناك، بما يمكّنهم من أن يكونوا خط دفاع أولي للتصدي للمهربين وتجار السلاح والمخدرات، فضلاً عن مواجهة أعضاء تنظيم داعش».
رأي مصري آخر رأى أن الموقف المصري ليس جديداً. وفي هذا الإطار، قال الخبير العسكري اللواء محمود سويلم لـ«الأخبار»، إنها «ليست المرة التي تقوم فيها مصر بتدريب قوات عربية على أراضيها ونقل خبرات الجيش والشرطة إليها». كما أشار إلى أن «الظروف الحالية تفرض على الحكومات العربية، التوحّد لمواجهة الإرهاب أكثر من أي وقت مضى».
سويلم رأى أن «ما يحدث في عدة بلاد عربية ومنها ليبيا، يؤكد أن السياسة المصرية أدركت أخطار الإرهاب، منذ أكثر من عقدين، عندما كان يتم استهداف الأماكن السياحية من المتطرفين»، مشيراً في السياق إلى أن «العالم لم يدرك خطورة تنظيم داعش، إلا بعدما تعرض مدنيون أميركيون وأوروبيون للقتل على أيدي أعضاء التنظيم».
أما الخبير الأمني اللواء محمود عبد العال، فقد أكد أن «وزارة الداخلية المصرية لديها خبرات وكفاءات تدريبية، يمكنها أن تعد كوادر في غضون أشهر قليلة مع تدريبهم على أحدث المهارات والتكتيكات في حروب الشوارع والتصدي لمثيري الشغب»، لافتاً الانتباه إلى أن «مثل هذه التدريبات تكون مكثفة وفقاً لاحتياجات القوات المرسلة ومدى خبرتها وخلفيتها العسكرية».