تونس | تعددت القضايا التي تقدم بها حقوقيون وسياسيون ومواطنون تونسيون ضد المرشحين للرئاسة بسبب شبهة التزوير بعد ورود أسماء وأرقام بطاقات هويات مواطنين في قوائم الترشح التي قدمها عدد من المرشحين من دون علم أصحابها، ما أثار جدلاً كبيراً في الشارع التونسي حول صدقية المرشحين ومدى احترامهم للقانون والتزامهم الموضوعية قبل انطلاق السباق الرئاسي.
وقد رفضت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات طلبات عدد كبير من المرشحين للرئاسة لأسباب مختلفة، وقد استنجد بعض المرفوضين مثل الأزهر بالي وآمنة بن منصور القروي بالمحكمة الإدارية، واعتبروا قرار الهيئة قراراً جائراً.
وشملت شبهة تزوير الترشيحات عدداً كبيراً من المرشحين، من بينهم بعض الذين رفضت طلبات ترشحهم، منهم محمد الفريخة صاحب شركة الطيران الخاصة «صفاقس إيرلانس» ومرشح حركة النهضة عن دائرة صفاقس ١ الذي قاضته جمعية الصحافيين الشبان بعد أن تبيّن أن عدداً من الصحافيين الشبان تم تضمين تزكياتهم من دون علمهم في ملف ترشحيه. كذلك كشف عدد من طلبة المعاهد العليا الخاصة أنه تم تضمين تزكياتهم في ملف ترشحه دون علمهم.
ولم تقتصر شبهة التزوير على الفريخة فقط، بل شملت مرشحين آخرين. إذ قدم عدد من المواطنين قضايا عدلية، وكذلك بعض النشطاء السياسيين ضد بعض المرشحين، من بينهم قياديون في أحزاب سياسية، من بينها الجبهة الشعبية ونداء تونس. ومن بين المرشحين المتهمين بتزوير التزكيات والذين توعد عدد من الناشطين والمواطنين بمقاضاتهم، سليم الرياحي، الملياردير ورئيس حزب الاتحاد الوطني الحر ورئيس أعرق فريق رياضي «النادي الأفريقي»، ومصطفى كمال النابلي وسمير الشنوفي المرشحان المستقلان وعبد الوهاب الهاني رئيس حزب المجد، والصافي السعيد المرشح المستقل.
ملف الترشيحات فتح الباب لعدد من الجمعيات والناشطين الحقوقيين للتذكير بتحفظاتهم تجاه قرارات الهيئة المستقلة للانتخابات، إذ إنه يستحيل عملياً، أو على الأقل يصعب التثبت من ملف التزكيات، إذ يحتاج كل مرشح إلى ١٠ آلاف تزكية بمعدل ٥٠٠ عن عشر دوائر انتخابية. ورأى عدد من خبراء القانون الدستوري أن التحفظات التي أثيرت حول ملف التزكيات، وخاصة القضايا الجارية، تؤكد انعدام شفافية الانتخابات، وهو ما يمكن أن يقود البلاد إلى أزمة حادة يصعب تحديد مسارها وإلى أين ممكن أن تؤدي بالبلاد في ظل تعقد الوضع الإقليمي وانتشار السلاح على الحدود بين تونس وليبيا والجزائر.
وبالتوازي مع هذا الجدل الذي يشكك في صدقية العملية الانتخابية ويقدم مؤشرات سلبية على مستقبل الانتقال الديموقراطي في تونس، ألقت قوات الأمن القبض على المرشح للانتخابات التشريعية في دائرة بن عروس من ضواحي العاصمة، وهو طبيب يرأس قائمة حزبية بسبب شبهة تورطه في قضية إجهاض لقاصرات، وهو ما نفته زوجته واعتبرته محاولة سياسية لتشويه صورته في إطار الحملة الانتخابية. كذلك احتُفظ بمرشح آخر للبرلمان في دائرة زغوان من حزب يساري بسبب اعتدائه بالضرب على مرشح من حركة النهضة، في الوقت الذي مُزِّق فيه الكثير من اللافتات الانتخابية لحزبي الحركة الدستورية وحركة نداء تونس المحسوبين على النظام السابق، وقد أدانت جمعيات حقوقية تعنى بالانتخابات هذا السلوك الذي وصفته بالفاشي.
وعلى الرغم من الملفات المثارة على هامش الانتخابات، إلا أن زخم تفاعل التونسيين مع الانتخابات الرئاسية والتشريعية لم يتأثر، إذ يراهن التونسيون على الانتخابات لإخراج البلاد من المرحلة الانتقالية التي امتدت على أربع سنوات مع ما رافقها من أزمات سياسية واقتصادية كلفت البلاد كثيراً.