إسطنبول | حراك دبلوماسي وسياسي واسع تقوده أنقرة لاقناع حلفائها الغربيين بإقامة «منطقة عازلة» شمال سوريا. ورغم أنّ تصريحات المسؤولين الأميركيين و«الأطلسيين» لا توحي بقبول وضع «أولويات» تركيا على بساط البحث والاكتفاء حالياً بضربات «التحالف» الجوية، وضعت طهران خطّاً أحمر تجاه أيّ تحرك عسكري بري تركي في سوريا. إذ حذّر مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية والافريقية، حسين امير عبداللهيان، الولايات المتحدة و«التحالف الدولي» من «أي عمل خبيث وأسلوب خاص بذريعة مكافحة داعش والذي من شأنه أن يؤدي إلى تغيير جذري في سوريا سيترتّب على التحالف وأميركا والصهاينة عواقب وخيمة».وأشار، في تصريح صحافي على هامش ملتقى «العراق والتحالف الدولي» في طهران، إلى أن إيران أجرت مباحثات مع الحكومة التركية لحل الازمة في مدينة عين العرب، مضيفاً أنّ طهران حذّرت الحكومة التركية من القيام بأي عمل عسكري بري في سوريا.
وأضاف عبداللهيان أنّ بلاده «في اطار الدعم الذي تقدمه للحكومة السورية في مكافحتها للارهاب ستتخذ اي اجراء مناسب لتقديم الدعم للأكراد في كوباني». وتابع أنّ «المباحثات مع أصدقائنا الأتراك قائمة ونحن نعتقد أنّ هذا البلد بامكانه أن يلعب دوراً اكبر لعودة اللاجئين السوريين الى موطنهم»، مضيفاً «نحن علمنا من خلال المباحثات الاولية مع تركيا أن هذا البلد ليس وراء تصعيد الازمة في المنطقة ونأمل بأن يلعب دوراً ايجابياً». وأكّد أنّه «لا نريد أن يبقى الرئيس السوري بشار الأسد في السلطة إلى الأبد إلا أننا في الوقت نفسه لا نسمح باطاحة الحكومة السورية ومحور المقاومة عبر الارهابيين».
زيارة سرية لفيدان لواشنطن لمناقشة «المنطقة العازلة»

سبق كلام عبداللهيان حراك دبلوماسي واسع شهدته أنقرة، حيث جرى لقاء مهم بين وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، والأمين العام الجديد لحلف شمال الأطلسي ينتس ستولتنبرغ. وعلى إثره، قال جاويش أوغلو إن بلاده لا تفكر في أي عمل عسكري انفرادي داخل الاراضي السورية ضد «داعش»، مضيفاً في الوقت ذاته أنه «ليس واقعياً الانتظار من تركيا القيام بعملية برية بمفردها»، داعياً إلى «ضرورة إقامة منطقة حظر للطيران قبل كل شيء، لأهميتها القصوى من الناحية الإنسانية ولنجاح العملية العسكرية». وأكد كذلك ضرورة التحرك الجماعي ليس فقط ضد «داعش»، بل ضد النظام السوري أيضاً.
من جهته، أعلن ستولتنبرغ أن إقامة منطقة عازلة في شمال سوريا «ليست مدرجة بعد» على جدول أعمال «الحلف» وشركائه، مستدركاً بالقول «ناقشنا هذه الفكرة خلال اللقاء اليوم (أمس)».
في غضون ذلك، قالت مصادر دبلوماسية إن موضوع الحزام الأمني كان ضمن مباحثات المسؤولين الأتراك مع المنسق العسكري لقوات «التحالف الدولي»، جون آلن، الذي زار كذلك أنقرة أمس ضمن جولته الإقليمية. ونقلت المصادر أن آلن أكد للمسؤولين الأتراك أن «واشنطن لا ترى أي جدوى من مناقشة هذا الحزام، خاصة بعد الرفض الروسي الواضح والعنيف لهذا الموضوع»، في الوقت الذي تستمر فيه مساعي الحكومة التركية لإقناع واشنطن بهذا الموضوع، خصوصاً بعد التأييد البريطاني والفرنسي له.
وتصدى وزير الخارجية الأميركي جون كيري مجدداً، أمس، لتحديد مواقف إدارته إزاء المطالب التركية تحديداً، إذ قال: «لم يبق أمامنا سوى بضعة أسابيع لبناء التحالف. وما زال يجري توزيع المهمات». وأشار في سياق حديثه إلى أن ما يجري في «كوباني مأساة... لكن ذلك لا علاقة له بالاستراتيجية أو الإجراءات الكاملة لما يحدث رداً على داعش»، مضيفاً أن بلدات أخرى على الارجح ضعيفة أمام تقدم «داعش»، بينما الجهود التي تقودها الولايات المتحدة ستستغرق «أسابيع وأشهراً» لتعمل.
إلى جانب ذلك، تحدثت المعلومات الصحافية التركية عن زيارة سرية يقوم بها رئيس جهاز المخابرات التركية الوطنية، حقان فيدان، لواشنطن لمناقشة موضوع «المنطقة العازلة» مع المسؤولين الأميركيين وإقناعهم «بضرورة الاستعجال في اتخاذ القرار النهائي في موضوع الحزام ومناطق الحظر الجوي، وبشكل متلازم مع تدريب وتسليح فصائل عسكرية جديدة من قوات المعارضة السورية المقربة من أنقرة».
عموماً، ترافقت مجمل مواقف الدول «المتحالفة» مع موقفين، روسي وسوري، واضحين. فقد أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الروسية، الكسندر لوكاشيفيتش، أن «مجلس الامن الدولي هو من يجب أن يتخذ القرار بشأن تلك المناطق»، في وقت انتقدت فيه دمشق تأييد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند إقامة منطقة عازلة في شمال البلاد. ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» عن نائب وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، قوله إن «سوريا تستنكر بأشد العبارات موقف الرئيس الفرنسي»، معتبراً أن «هذا الدعم الفرنسي لتركيا عدوان على سوريا».
وفي موازاة ذلك، ومع استمرار التظاهرات والمواجهات الساخنة بين الأكراد وقوات الجيش والأمن في العديد من المدن التركية، ناشد زعيم «حزب العمال الكردستاني»، عبد الله أوجلان، أنصاره وأتباعه التظاهر السلمي «من أجل كوباني» (عين العرب)، مؤكداً ضرورة وأهمية الحوار مع الحكومة على طريق حل المشكلة الكردية سلمياً وسياسياً. هذا ما قاله صلاح الدين دميرطاش، وهو زعيم «حزب الشعوب الديموقراطي» الذي يعتبر الجناح السياسي لـ«العمال الكردستاني»، بعد اجتماع قصير بين مساعديه ونائب رئيس الوزراء، يالتشين أكدوغان.




أردوغان: لن نسمح باستهداف الاستقرار

أكّد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن بلاده لن تسمح لأحد باستهداف أمنها واستقرارها وأجواء «الأُخوَّة» التي تنعم بها. وقال، في تصريح نشره المركز الإعلامي لرئاسة الجمهورية التركية، إن «أعمال العنف التي شهدتها تركيا بذريعة الهجمات الإرهابية على عين العرب (كوباني)، أظهرت أن النية والهدف الأصلي يختلفان عمّا هو معلن».
وأضاف أردوغان أن «المسؤول في الدرجة الأولى عن الخسائر في الأرواح هو التصريحات التي تشجع على العنف والفوضى»، في إشارة إلى تصريحات «حزب الشعوب الديموقراطي» و«حزب الشعب الجمهوري».
(الأناضول)