معارك عين العرب لا تدور على الأرض فحسب. الترابط يبدو وثيقاً بين المشهد الميداني، ونظيره السياسي، وعلى وجه الخصوص التفاصيل الدائرة خلف الأبواب المغلقة، بعد أن تحولت «كوباني» إلى ميدان للشدّ والجذب في البازار السوري المفتوح. على وقع التجاذبات، شنّ تنظيم «الدولة الإسلامية» أمس هجماتٍ جديدة داخل المدينة، وسط استماتة «وحدات الحماية» الكردية في الدفاع عنها.
التنظيم الذي انسحب من بعض الأحياء، استهدف مناطق عدة في المدينة بالأسلحة الثقيلة، وتوعّد بـ«اقتحام كاسحٍ وشيك» لها، فيما تجددت المعارك العنيفة ليلاً في الأحياء الشرقية، والجنوبية الشرقية من المدينة، وتكبد التنظيم خسائر بشرية في معارك حي مقتلة. كذلك دارت اشتباكات متقطعة على هضبة كاني عربان، التي سبق أن استهدفت غارات «التحالف» تمركزات لمسلحي «الدولة» فيها. وذكر «المرصد السوري لحقوق الإنسان» المعارض أن عدد الضربات التي نفذتها طائرات التحالف أمس في المدينة قد «ارتفع إلى 18، حيث استهدفت الضربات لأول مرة، تجمعات وتمركزات للتنظيم داخل المدينة، وتركزت على تمركز للتنظيم بالقرب من مسجد في منطقة كانيَ عَرَبان، وتمركز آخر في مزرعة بالقرب من سوق الهال بالمدينة». غارات قوات «التحالف» طاولت أيضاً تجمعات التنظيم في هضبة مشتنور، وفي الأطراف الشرقية للمدينة، ما أدى إلى تراجع التنظيم، الأمر الذي أكدت مصادر الأخير أنّه كان «تراجعاً مؤقتاً فحسب، ما لبث المجاهدون أن استعادوا زمام المبادرة بعده».
نفّذ «أبو طلحة
الأنصاري» هجوماً بواسطة شاحنة مفخخة
وقال مصدر من داخل التنظيم لـ«الأخبار» إنّ «الطيران لن يستطيع أن يقف في وجه أسود دولة الخلافة، وما هي إلّا صولة صائل وتسمعون أنباء انتصاراتنا». المصدر أكّد أن «عشرات المجاهدين التواقين لنيل الشهادة باتوا جاهزين لاقتحام مقارّ الميليشيات العلمانية الكافرة، وليس الشهيد أبو طلحة الأنصاري آخرهم». وكان الأخير قد نفّذ هجوماً بواسطة شاحنة مفخخة، أكدت مصادر التنظيم أنها «أوقعت خسائر فادحة»، فيما أكدت مصادر كردية أنّ «وحدات الحماية» تمكنت من استهدافها قبل وصولها إلى هدفها داخل المدينة الصناعية. المصادر أكدت أيضاً «استعادة السيطرة على قرية تل شعير غربي، الاستراتيجية». فيما قال مصدر ميداني كردي لـ«الأخبار» إنه «بات واضحاً أنّ المدينة لن تسقط إلا على أجسادنا، وسنكون المنتصرين في جميع الأحوال». المصدر أكّد أنّه «رغم التراجع الذي أحدثته غارات الطيران في صفوف مقاتلي داعش، غير أن كوباني تعوّل في الدرجة الأولى على إصرار أبنائها، فهم الوحيدون الذين لن يخذلوها مهما كلّفهم الأمر». في المقابل، قالت مصادر «جهادية» إن «الدولة» قد «استقدمت تعزيزات كبيرة، وبدأت التحضيرات لهجومٍ من المتوقع له أن يكون الأخير، قبل أن ترفرف رايات التوحيد في سماء عين الإسلام». وأكدت المصادر أن «القيادة العسكرية للدولة قد وضعت مخططاً محكماً لإحكام السيطرة على المدينة قبل صباح غد (اليوم)، حيث لن تنفع غارات الطيران بعدها، في إحداث أي تغيير».