لا يزال تنظيم "داعش" مصرّاً على التمدد جنوباً للتخفيف من الضغط الذي يتعرض له شمالاً على يد التحالف الدولي والجيش العراقي والبشمركة، حيث حاول يوم أمس عناصر التنظيم دخول مدينة سامراء ذات الرمزية الدينية، التي كان استهدافها قبل ثماني سنوات سبباً باندلاع حرب أهلية في العراق دامت سنتين.
وأتى هذا الهجوم في وقت تباحث فيه رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي مع نظيره التركي أحمد داود أوغلو، التعاون في مجال مكافحة الإرهاب وموقف بغداد من قرار البرلمان التركي تفويض الحكومة إرسال قوات إلى العراق وسوريا، وذلك في مكالمة هاتفية بينهما، مساء اول من أمس، بحسب بيان صادر عن المكتب الإعلامي للعبادي.
وأضاف البيان، الصادر يوم أمس، أن العبادي عبّر عن "رفضه لوجود أي قوات أجنبية على أرض العراق"، مشيراً إلى ضرورة احترام جميع الدول سيادة العراق ووحدة أراضيه".
وبحسب البيان نفسه، أكد داود أوغلو احترام تركيا للسيادة العراقية ووحدة أراضيه، مبيناً أن القوات التركية "سيكون واجبها دفاعياً لا هجومياً".
وأوضح رئيس الوزراء التركي أن برلمان بلاده يجدد كل عام التصويت على تفويض الحكومة إرسال القوات المسلحة خارج البلاد، وذلك منذ عام 2007، مشيراً إلى أن تركيا "لم ولن تقوم بأي عمل عسكري في العراق إلا بموافقة حكومة بغداد، احتراماً للسيادة العراقية".
من جانب آخر، أحبط طيران الجيش محاولة لعصابات "داعش" اقتحام مدينة سامراء في محافظة صلاح الدين.
وأفاد مصدر أمني، بأن "عصابات داعش الإجرامية شنت هجوما واسع النطاق على النقاط التفتيشية في خارج سامراء، وفجّرت سيارة يقودها انتحاري في إحدى النقاط التي ترابط فيها قوات الحشد الشعبي، واستشهد وأصيب خلال التفجير ما يقارب 17 من الحشد".
وأضاف أن "طيران الجيش تدخّل على نحو مباشر، وقصف قوات داعش المقتحمة للمدينة، وقد جرى خلال ذلك حرق أربع عجلات لداعش وطرد الآخرين من المدينة".
وتحاول عصابات داعش بين فترة وأخرى اقتحام مدينة سامراء (125 كم شمال غرب بغداد)، ولكن القوات الأمنية تساندها قوات الحشد الشعبي تصدت لهجماتهم وأعادتهم على أعقابهم.
في الوقت نفسه، أعلن مجلس محافظة الأنبار أمس، عن أن الطيران العراقي وطيران التحالف الدولي شكّلا مظلة منذ صباح أمس، على سماء المحافظة لضرب مواقع تنظيم "داعش"، مرجحاً أن يؤدي تكثيف الطلعات الجوية إلى تحرير محافظة الأنبار خلال "أشهر قليلة".
وقال نائب رئيس مجلس محافظة الأنبار فالح العيساوي، إن "مدن الأنبار شهدت منذ الساعات الأولى لصباح اليوم طيرانا كثيفا ومستمرا فوق سماء المحافظة، مما شكل مظلة جوية منتشرة فيها المقاتلات والمروحيات للقوات الجوية العراقية وطيران التحالف"، مبيناً أن "الطيران العراقي والدولي قصف عددا من مواقع وتجمعات تنظيم داعش ودمّر خطوطهم الدفاعية في هيت وكرمة الفلوجة وفي كبيسة والقائم وراوة ومحيط الرمادي الشمالي والجنوبي".
وأضاف "إن استمرت المظلة الجوية بهذا الشكل والمنوال، فستقلب الموازين وسيجري تطهير مدن الأنبار وكبح الإرهاب خلال أشهر قليلة دون الحاجة إلى وقت إضافي، لكون داعش سيهزم اليوم أو بعد حين قريب".
من جهة أخرى، أفاد مصدر محلي في ديالى بأن قوات البشمركة الكردية تصدت لهجوم عنيف لتنظيم "داعش" على نقاط ومقرات لها في الأطراف الشرقية لناحية السعدية.
وقال مدير ناحية السعدية أحمد الزركوشي، إن اشتباكات عنيفة دارت بين "داعش" والبشمركة، استُخدمت خلالها الأسلحة الثقيلة والمدافع وقذائف الهاونات والصواريخ، أدت إلى انسحاب "داعش" إلى المناطق الخلفية من السعدية دون أن يحقق أي تقدم يذكر، وإلى حفاظ القوات الكردية على مواقعها ونقاطها الأمنية شرقي السعدية.
في غضون ذلك شهدت مدينة الفلوجة في محافظة الأنبار أول من أمس، أول استخدام لمروحيات الـ"أباتشي" في العمليات الأمنية التي ينفذها التحالف الدولي، بحسب ما أعلن الجيش الأميركي.
وقالت القيادة العسكرية الأميركية الوسطى التي تغطي منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، والمسؤولة عن الغارات الجوية ضد "داعش" في العراق وسوريا، إن مروحيات شاركت في العمليات التي نُفذت يومي الأحد والإثنين في العراق.
في السياق نفسه، أعلن مسؤولون في وزارة الدفاع الأميركية أول من أمس، أن عشرة بالمئة فقط من الغارات الجوية التي تستهدف "داعش" في العراق وسوريا، تشنها طائرات دول أوروبية وعربية ضمن التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة.
وقال المسؤولون لوكالة "فرانس برس"، إن الطائرات الأميركية شنت منذ 8 آب 1768 غارة جوية ضد عناصر "داعش" في العراق وسوريا، فيما شنت الطائرات التابعة لبقية أعضاء التحالف الدولي 195 غارة جوية، وذلك وفقاً لآخر تعداد أُجري مساء الأحد.
لكن المسؤولين في البنتاغون أكدوا أنه في المستقبل ستجري الاستعانة أكثر بالدول العربية والأوروبية.
وفي هذه الأثناء، أعلنت وزارة الدفاع الهولندية أن مقاتلتي "أف-16" هولنديتين شنتا أمس، أولى الضربات ضد "داعش" في العراق، وأن جهاديين قتلوا على الأرجح.
وجاء في بيان أصدرته أن "مقاتلتين من طراز أف-16 استخدمتا أسلحة للمرة الأولى هذا الصباح ضد تنظيم الدولة الاسلامية الإرهابي. لقد أطلقتا ثلاث قذائف على عربات مدرعة للتنظيم كانت تطلق النار على مقاتلي البشمركة الأكراد في شمال العراق".
(الأخبار، أ ف ب، الأناضول)