شهد العراق تطوراً جديداً يشير للانتقال إلى مراحل متقدمة من خطط «التحالف الدولي»، في مشهد قد يقرّب العراقيين أكثر نحو وقوع التدخل البري بهدف «محاربة داعش»، إذ أعلن الجيش الأميركي أنه استخدم للمرة الأولى أول من أمس طوافات «الأباتشي» في العمليات التي ينفذها في العراق، في تطور يمثل تصعيداً في إدارة النزاع ويعرّض الجنود الأميركيين لخطر أكبر.
وقالت القيادة العسكرية الاميركية المركزية، التي تغطي منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى والمسؤولة عن الغارات الجوية في العراق وسوريا، إن طوافات شاركت في العمليات التي نفذت يومي الأحد والاثنين في العراق. ولم توضح القيادة الوسطى الأماكن التي تدخلت فيها الطوافات في العراق، لكنها أشارت الى تنفيذ ست غارات الاحد وثلاث الاثنين، بواسطة طائرات متنوعة «قاذفات ومقاتلات وطائرات من دون طيار وطوافات». وتأكد في وقت لاحق أن الطوافات شاركت، أول من أمس، مع طائرات من دون طيار في شن ثلاث غارات، اثنتان في الفلوجة والثالثة غرب الرمادي، بحسب القيادة المركزية.
وقال المتحدث باسم القيادة المركزية، كورتيس كيلوج، في رسالة بالبريد الإلكتروني، «هذه هي المرة الأولى التي تستخدم فيها طوافات بالتنسيق ولدعم عمليات قوات الامن العراقية». وأضاف «الحكومة العراقية طلبت دعماً باستخدام هذه القدرة قرب الفلوجة لصد (داعش)».
من جهته، قال ريتشارد فونتين، وهو رئيس مركز «نيو أمريكان سيكوريتي للبحوث»، إن قرار الجيش استخدام طوافات أباتشي «يوضح أنهم حققوا نتائج محدودة بالغارات الجوية من المقاتلات والقاذفات والطائرات من دون طيار»، بينما رأى كريستوفر هارمر، وهو ملاح جوي سابق في سلاح البحرية الأميركي ويعمل الآن محلّلاً في مركز لدراسات الحرب، أن هذا تصعيد كبير في مستوى المخاطرة التي تتخذها القوات الأميركية التي تساعد الجيش العراقي.
وتابع هارمر قائلاً «الطائرات المزودة بأجنحة ثابتة تطير على ارتفاع 30 ألف قدم (تسعة آلاف متر) وهي محصنة تماماً ضد نوع الأسلحة التي لدى مقاتلي داعش، لكن الطوافات غير محصنة، مضيفاً أنه «عندما تقود طوافة على ارتفاع 150 قدماً (50 متراً) فوق الارض فيمكن ضربها بقذيفة صاروخية أو بندقية آلية... ولذلك فإن هناك خطورة أكبر».
في غضون ذلك، قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية، ستيف وارين، إن القرار باستخدام طوافات اتخذ بسبب طبيعة الأهداف، لكنه لم يذكر تفاصيل بشأن من الذي اتخذ القرار. وأشار إلى أن الطوافات ستكون أكثر فاعلية في دعم القوات البرية العراقية التي تشتبك مباشرة في قتال مع مقاتلي «داعش»، لأنها تحلق على ارتفاع منخفض وبسرعة أقل وقدرة أكبر على تحديد الأهداف، رافضاً أي فكرة تشير إلى أن استخدام الطوافات يعني تغييراً في المهمة، في وقت تؤكد متابعة تطور الضربات الجوية منذ انطلاقها في العراق، قبل أسابيع، أن المهمات باتت تتغير بشكل لافت.
ومنذ بدأ التدخل العسكري الاميركي ضد «الجهاديين» في العراق ثم في سوريا، والرئيس الأميركي باراك أوباما لا يفوّت فرصة إلا يذكر فيها أنه لا يعتزم إرسال جنود الى أرض الميدان. ولكن مشاركة طوافات في العمليات الجارية ضد تنظيم «داعش» تطرح علامات استفهام بشأن مدى فعالية الغارات الجوية التي بدأت في العراق في 8 آب الماضي وفي سوريا في 23 أيلول الماضي (تفاصيل عراقية على موقع الأخبار).
ومع أن الغارات الجوية تحظى بدعم «الجمهوريين» و«الديموقراطيين» في الكونغرس الأميركي، إلا أن بعض النواب أثاروا تساؤلات بشأن إمكان توسع نطاق المهمة، ما سيتطلب مشاركة قوات برية. وقال المتحدث باسم النائبة باربرة لي إن «عمليات الطوافات جزء من القلق الذي تثيره المشاركة العسكرية الأميركية في الشرق الأوسط، بما أن الشعب الاميركي ملّ الحرب. كذلك فإن هذه العمليات لم يجر التناقش بشأنها في الكونغرس ولم تحظَ بترخيص منه».
على جانب آخر، تفاعلت يوم أمس تداعيات الاتهام الذي وجهه نائب الرئيس الأميركي جو بايدن إلى «الحلفاء» الإقليميين بشأن دعم «الجهاديين» في سوريا. وأشارت صحيفة «نيويورك تايمز» إلى أن بايدن لا تزال أمامه وقفة جديدة في السعودية، في سياق جولة الاعتذارات التي يقوم بها، وذلك بعد اعتذاره من الإمارات وتركيا.
وذكرت الصحيفة، نقلاً عن أحد المسؤولين، أن بايدن يحاول الاتصال بالقادة السعوديين لتوضيح أنه لم يقصد الإشارة إلى أن السعودية دعمت «القاعدة» أو الجماعات المتطرفة الأخرى في سوريا.
وبدأت مشاكل نائب الرئيس الأميركي الخميس الماضي، عندما أعلن أن المشكلة الأكبر التي تواجهها الولايات المتحدة في التعامل مع سوريا وصعود تنظيم «داعش» هي حلفاء أميركا في المنطقة. ورأت الصحيفة أن توقيت تصريحات بايدن كان محرجاً على وجه التحديد، نظراً إلى هشاشة التحالف الذي يحاول الرئيس باراك أوباما بناءه لمواجهة «داعش».
وفي السياق ذاته، دافع البيت الأبيض عن بايدن، مساء أول من أمس، بعدما اتصل بقادة تركيا ودولة الإمارات العربية للاعتذار عن تصريحاته. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض، جوش ارنست، إن «نائب الرئيس شخص لديه ما يكفي من الشخصية للاعتراف بأنه ارتكب خطأً». وأضاف «(بايدن) شخص لا يزال عضواً أساسياً في فريق الأمن القومي للرئيس، وهو شخص لديه خبرة لعشرات السنين في التعامل مع القادة في مختلف أنحاء العالم. ويشعر الرئيس بالسعادة للاعتماد على مشورته ونحن نواجه العديد من التحديات البالغة الأهمية للأمن القومي الأميركي».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)