كشفت صحيفة «لوموند» الفرنسية، أمس، عن محاولات رسمية قامت بها المخابرات الفرنسية، بعلم القيادة السياسية وتشجيعها، لإعادة «التواصل مع مخابرات النظام السوري» في إطار برنامج للتعاون لمكافحة «الجهاديين» الفرنسيين الذين التحقوا بسوريا للقتال في صفوف التنظيمات المتطرفة.
وقالت الصحيفة إنها تملك ما يكفي من المعطيات لتؤكد أنه «في الوقت الذي كان فيه قصر الإليزيه ومقر وزارة الخارجية، يؤكدان أنه لا مجال لأي تعاون مع (الرئيس) بشار الأسد، كانت دوائر المخابرات والشرطة السرية الداخلية تسعيان إلى محاصرة الجهاديين الفرنسيين الذين التحقوا بسوريا للقتال، بإحياء قنوات الحوار مع الأجهزة المماثلة في سوريا».
وقالت الصحيفة إن «المبرّر لمحاولة الاتصال بالسوريين الخوف من عودة عشرات الجهاديين إلى فرنسا لتنفيذ عمليات إرهابية فيها».
وبحسب معلومات الصحيفة، سعت الإدارة العامة للأمن الداخلي في نهاية الربع الأول من عام 2014 إلى إقامة تواصل مباشر مع المخابرات السورية، بهدف الحصول على معلومات تسمح لها باستباق التهديدات الوشيكة، رغم أنها تمتلك الوسائل المهمة التي تسمح لها بمراقبة المرشحين للجهاد في الداخل الفرنسي، إلا أنها تفتقر إلى الرؤية بشأن نشاطاتهم وتحركاتهم في سوريا.
وقالت الصحيفة إن دولاً أوروبية أخرى لم تقطع نهائياً مع السلطات السورية مثل ألمانيا، التي نجحت في إبقاء قنواتها نشطة مع دمشق، وحتى مع جهات أخرى مثل حزب الله وإيران.
وعلى عكس المخابرات الألمانية، عانت المخابرات الفرنسية من مشاكل كثيرة ومتعددة بسبب قلة التواصل، في إطار حرصها على متابعة الجهاديين الفرنسيين، ما اضطرها إلى طلب خدمات برلين ووساطتها في أكثر من مناسبة للحصول على معلومات من دمشق.
وأضافت «لوموند» أن الاتصالات عبر طرف ثالث لم تكن لتسمح للمخابرات الفرنسية بالحصول على ما كانت تبحث عنه من معلومات، الأمر الذي دفعها إلى محاولة تنشيط قنوات التواصل المباشر مع دمشق منذ الربع الأول من 2014، بهدف التصدي لعمليات إرهابية محتملة على الأراضي الفرنسية.
ورغم أن هذه المحاولة الفرنسية جاءت لمعالجة النقص الفادح في المعلومات الذي تعانيه باريس، إلا أنها اصطدمت عند طلبها توسيع وتسريع الحصول على المعلومات الحساسة، بوضع النظام السوري لشرط يصعب القبول به لاعتبارات سياسية عديدة.
وقالت الصحيفة إن دمشق اشترطت إعادة فتح السفارة الفرنسية في دمشق المغلقة من آذار2012.
وإلى جانب استئناف العلاقات الدبلوماسية، ربطت سوريا بين استمرار التعاون مع باريس في المجالات الأمنية و«التوقف الفوري عن النقد والحملات التي يشنها كلّ من الرئيس فرانسوا هولاند ووزير الخارجية لوران فابيوس»، ما أثار غضب وانزعاج باريس التي قررت صرف النظر عن طلب المعلومات من سوريا، بشكل رسمي على الأقل.
(الأخبار)