غزة | تتعدد بدائل الكهرباء في غزة، لكنها كلها لا تغني عن التيار الذي يأتي ست ساعات في اليوم. إنّ من يمتلك بطارية لتشعل له الإضاءة لا تكفيه الساعات المحدودة لشحنها، ومن يمتلك بعض المال لشراء مولد صغير لن يقدر على المصروف اليومي للوقود اللازم، على قلته، في ظل أزمة خانقة بعد حرب طويلة. هذه «الحرب اليومية» مع الكهرباء يخوضها المواطنون يومياً قبل الحرب، وهي اشتدت بعد الحرب، خاصة أن الاحتلال قصف خزانات الوقود في محطة توليد الكهرباء الوحيدة في غزة، ودمر خطوط إمداد أخرى.
وتعتمد غزة في تزويدها بالكهرباء على ثلاثة مصادر: الأول الخطوط الإسرائيلية التي تدفع ثمنها وتغطي مناطق شمال القطاع حتى وسطه، ومحطة التوليد التي تغطي الجزء الثاني الأكبر، وفي مدينة رفح أقصى الجنوب خطّ مصري يزود الشبكة بعشرات الميجاوات المحدودة من الطاقة. وبعد انتهاء الحرب بنحو أسبوعين، أعلنت الشركة أنها أصلحت الخطوط التي دمرها الاحتلال، ثم صرحت بأنها أصلحت خزاناتها، وهي جاهزة للعمل، لكنها قالت إن هناك نقصاً في الوقود الصناعي الذي يرد عبر معبر «كرم أبو سالم» من الأراضي المحتلة.
ويشكو المواطنون غلاء البدائل مثل الوقود الذي يزيد سعر الليتر منه على دولارين ولا يكفي لتشغيل المولد إلا ساعة واحدة، وكذلك البطاريات التي يصل سعر أقلها إلى 150 دولاراً. كذلك تزيد معاناة من لديهم جرحى أو مرضى بحاجة إلى تشغيل أجهزة معينة تساعدهم على العلاج، فضلاً عن أن انقطاع التيار يشمل المرافق الطبية والخدماتية.
وأخيراً، يسري شعور لدى الغزيين بأن تعثر المصالحة هو السبب الرئيسي في استمرار أزمة الكهرباء، خاصة بعد الوعود التي تلقوها بأن هذه المشكلة ستحل بعد الحرب ولو عبر محطات عائمة على البحر تمد غزة بالكهرباء. وامتد السخط الشعبي ليحمّل المسؤولية لحكومة «حماس» السابقة في غزة ونظيرتها في رام الله (التوافق) بشأن كميات الوقود التي تورد إلى المحطة.
في المقابل، ينكر مسؤولون في شركة الكهرباء تحميلهم المسؤولية، ويقولون إنهم تنفيذيون وليسوا أصحاب قرار. وأشاروا إلى عجز الشركة عن تغطية مناطق القطاع كافة. لكن أكد أحد الفنيين المشرفين على قسم التمديدات والتشغيل في الشركة، وتخوف من ذكر اسمه، أكد أن «شركة الكهرباء قادرة على تغطية قطاع غزة بالكامل في حال تشغيل كل المولدات الموجودة وتوفير الوقود»، مشيراً إلى وجود «سياسة داخل الشركة معنية باستمرار الأزمة تنفيذاً لتعليمات من الإدارة العليا في رام الله».
ويقول المصدر إنه قبل الحرب كانت هناك ملايين الليترات من السولار الصناعي الكافي لتشغيل الكهرباء على مدار 24 ساعة لمدة ممتازة، «لكن لم يعط قرار بالتشغيل الكامل تحت حجة التقنين، وكل هذه الكمية ذهبت هباءً بسبب القصف الإسرائيلي». ورداً على حجة المسؤولين في غزة عن أن مولدات الشركة لا تحتمل التشغيل لـ24 ساعة، ما يضطرها إلى تخفيف الحمل ضمن جدول قطع يصل إلى 12 ساعة متواصلة، يقول: «لا نحتاج أكثر من أربع ساعات لتبريد المولدات حتى تواصل تغذية القطاع بالكهرباء، مع العلم أن حاجة الشركة هي 750 ألف ليتر من السولار يومياً».