من المفترض أن تبدأ يوم غد المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل والفلسطينيين في القاهرة حول اتفاق وقف نار طويل الأمد كما أكدت وزارة الخارجية المصرية في بيان لها مساء أمس. ووفق التقارير الإسرائيلية، ستكون الجولة الأولى قصيرة وتنتهي في اليوم التالي (الأربعاء) الذي يصادف عشية عيد رأس السنة العبرية، على أن يغادر الوفد الإسرائيلي لتُستأنف في مرحلة لاحقة.
وليس من المبالغة القول إن المفاوضات في القضايا العالقة قد تكون أشد صعوبة وتعقيداً من مفاوضات وقف النار التي واكبت مقاومة العدوان ضد قطاع غزة، واستمرت نحو 50 يوماً. إذ يطالب الطرف الفلسطيني برفع الحصار بكل ما للكلمة من معنى، ويطرح في هذا السياق إقامة ميناء ومطار في القطاع بما يسمح لسكانه بالتواصل مع العالم مباشرة، وهو أمر ترفضه إسرائيل التي تطالب، في المقابل، بتجريد غزة من السلاح.
رغم أن الجولات التفاوضية «المفترضة» لن تجري تحت ضغط النيران المتبادلة، فإنها تستند إلى مجريات المواجهات التي خاضتها المقاومة ونتائجها العسكرية. ومن جهة، يراهن الإسرائيلي على أن تكون سياسة التدمير الهائل والأعداد الكبيرة من الشهداء والجرحى المدنيين الذين تعمد جيش الاحتلال استهدافهم حاضرة في خلفية الموقف الفلسطيني، وهو ما يعني إسرائيلياً هامشاً أوسع وموقفاً أشد يسمح للاحتلال بالإصرار على رفض المطالب الفلسطينية، ومحاولة فرض مسألة نزع سلاح المقاومة على طاولة المفاوضات.
الأحمد يصر
على مناقشة «أخطاء حماس خلال الحرب» في القاهرة
في المقابل، يراهن الطرف الفلسطيني على أن يكون الصمود الذي أظهره في الميدان، والصلابة في الموقف السياسي، كما ظهر حتى اللحظات الأخيرة، حاضراً في حسابات الأطراف المعنية، خاصة الجانب الإسرائيلي، وهو ما يعني أن تجاهل الحقوق الفلسطينية المعيشية سيعني إمكانية تجدد المعارك في أي مرحلة من المراحل المقبلة، حتى لو لم يكن هذا الأمر فورياً. على جانب متصل، أفادت مصادر فلسطينية بأن وفد القاهرة للحوارات غير المباشرة سيقتصر على ثلاثة قادة هم موسى أبو مرزوق عن حركة «حماس»، وخالد البطش عن «الجهاد الإسلامي»، وعزام الأحمد عن «فتح»، وهو رئيس الوفد. وقالت تلك المصادر إنه وجهت دعوة مصرية موازية من أجل استكمال البحث في ملفات المصالحة. أما «حماس»، فذكرت أن اللقاءات ستكون لوضع جدول زمني للمفاوضات غير المباشرة «على أن تبدأ المفاوضات بعد عيد الأضحى مباشرة». في هذا السياق، قال الأحمد إنه سيجري البحث في العقبات التي برزت منذ تشكيل حكومة التوافق «وتمكينها من تسلم مقاليد إدارة غزة باعتبارها الحكومة الشرعية»، لافتاً إلى أن «فتح لا تريد أن نكون بنظامين وطريقتي حكم». وأضاف، في لقاء متلفز، أن «الاجتماع سيناقش بعض الممارسات غير الصحيحة التي ارتكبت خلال الحرب الإسرائيلية اتجاه كوادر من فتح. وعن إعادة إعمار القطاع، قال: «لا بد من التوصل إلى موقف فلسطيني موحد حتى نضمن نجاح مؤتمر المانحين في القاهرة الشهر المقبل لتوفير الدعم المالي اللازم».
وفي الإطار، تقدر الأجهزة الأمنية الإسرائيلية أن إطلاق النيران لن يستأنف نهاية الأسبوع الجاري، وهي تستند في ذلك، كما تقول صحيفة «هآرتس»، إلى ما أعلنه وزير الجيش، موشيه يعلون، الأسبوع الماضي. وكان يعلون قد قال إن «الردع الإسرائيلي «قوي بما يكفي، وحماس لن تخاطر بمواجهة عسكرية أخرى». لكن تجدر الإشارة إلى عناصر أخرى لا تقل تأثيراً في بلورة قرار الطرف الفلسطيني، وهي حالة العداء بين السلطة و«حماس»، والأهم الوتيرة البطيئة المتعمدة لإعادة بناء ما دمر في الحرب. نتيجة هذا الواقع المتداخل، أكد مسؤول سياسي إسرائيلي، وفق موقع «واللا»، أن تل أبيب تتوقع مفاوضات صعبة مع الفلسطينيين في القاهرة، مضيفاً: «إسرائيل ستصرّ بشدة على مطالبها الأمنية».
في سياق آخر، قرر الأسرى المحررون في صفقة «وفاء الأحرار»، الذين أعاد الاحتلال اعتقالهم قبل مدة، خوض إضراب تحذيري عن الطعام ليوم واحد (غداً) من أجل المطالبة بالإفراج عنهم. وأوضح نادي الأسير، في بيان صحافي، أن الإضراب المشترك مع عائلاتهم يأتي لمطالبة الوفد المفاوض في القاهرة بضرورة التدخل العاجل لحل قضيتهم والإفراج عنهم بسرعة.