بدا أمس أنّ المشهد في دير الزور، شرقاً، آخذ بالتأهب لدخول الانعطافة المرتقبة، والمتمثلة في الحملة الجوية المُزمعة ضدّ مواقع تنظيم «الدولة الإسلامية». التنظيم الذي خفّت وتيرة عملياته العسكرية أخيراً، انصرف إلى اتخاذ إجراءات دفاعية، تطمح إلى استلهام التجربة الافغانية وفقاً لبعض التسريبات. وفي تكرار لنهجه في الرقة وريف حلب، أكدت مصادر ميدانية أن التنظيم عمل في اليومين الماضيين على إخلاء عدد من مقارّه في «ولاية الخير».
كذلك خفّض إلى حدٍّ كبير حجم العتاد، والمسلحين الموجودين في مقارّّ أخرى. مصادر من السكان تحدثت عن انسحاب أرتال تابعة لـ«الدولة» من مناطق عدة في ريف المحافظة، وتوجهها نحو الأراضي العراقية. وشُغلت كواليس الناشطين المعارضين بالحديث عن اعتزام «معظم الكتائب التي بايعت داعش الخروج من المدينة خوفاً من ضربات أميركية وشيكة». إلى ذلك، أدى تهدّم جسر السياسية إلى دخول مناطق سيطرة التنظيم في مدينة دير الزور في شبه حصار خانق. الجسر الذي يعد المعبر الحيوي الوحيد الذي يربط المدينة بريفها تعرض لقصف مدفعي عنيف من الجيش السوري، ما أدى إلى تدمير أجزاء منه، ولم يعد صالحاً للاستخدام. وأكدت صفحات معارضة، معادية لـ«داعش»، أن التنظيم منع «المدنيين من الدخول والخروج عبر معبر حويجة صكر في ريف ديرالزور»، في إجراء وصفه «الناشطون» بأنه «يرمي إلى منع السكان من مغادرة المدينة». في موازاة ذلك، دارت اشتباكات عنيفة بين الجيش والمسلحين في كل من حيّ الجبيلية ومنطقة الرديسات والمطار القديم ما ادى الى مقتل أكثر من 40 مسلّحا، بحسب المصادر الميدانية.
وفي دمشق وريفها، استمر سقوط قذائف الهاون على أحياء العاصمة منها ضاحية الاسد وحي الدويلعة، ما ادى الى استشهاد مواطن وجرح عدد من المدنيين. وصدّت وحدات الجيش السوري و«الدفاع الوطني» فجر أمس محاولة تسلّل للمسلحين في منطقة الزاهرة في حي الميدان في العاصمة، وقتلت كل أفراد المجموعة، التي أتت من مخيم اليرموك، جنوب العاصمة. كذلك أطلقت المجموعات المسلّحة التابعة لـ«الاتحاد الاسلامي لاجناد الشام» أمس ما سمّته المرحلة الثانية من عملية «صواريخ الاجناد»، التي تستهدف أحياء العاصمة. في موازاة ذلك، كثّف الجيش ضرباته الجوية على تجمعات المسلحين في كل من حي جوبر ودوما والدخانية، في الوقت الذي قتل فيه القائد الميداني في «جبهة النصرة» في جرود عسال الورد في القلمون في ريف دمشق الشمالي، المدعو «أبو عمر الحمصي». وفي عدرا العمالية، ضبطت وحدات من الجيش نفقا في المدينة بطول 500 متر وعمق 11 مترا.
صد الجيش محاولة
تسلّل للمسلّحين إلى منطقة الزاهرة في دمشق


وفي ريف القنيطرة، جنوباً، وفيما كثّفت الطائرات الحربية غاراتها على مواقع تابعة لمسلحي «جبهة النصرة» في محيط تل أحمر وتل كروم، قتل قائد كتيبة «أسد مجاهدي حوران» التابعة لـ«الجيش الحر»، الملقب بـ«أبو بكر المصري» في اشتباكات مع الجيش في حيّ طريق السد في درعا.
وفي ريف حماه الشمالي، وفي ظل استمرار عودة الاهالي الى طيبة الامام بعد دخول الجيش السوري اليها، استهدف المسلحون أمس بلدة محردة باكثر من 15 قذيفة هاون، لكن من دون وقوع إصابات في صفوف المدنيين. في المقابل، وفي ظل الاشتباكات العنيفة التي شهدتها كل من بلدتي كفرزيتا واللطامنة، استطاع الجيش التقدّم وفرض سيطرته على المداجن من الجهة الجنوبية لبلدة اللطامنة، موقعاً قتلى في صفوف المسلحين.
وفي إدلب، تواصلت المعارك بين «جبهة النصرة» و«جبهة ثوار سوريا». وبسطت الأولى سيطرتها على بلدة حفسرجة، وسط احتدام التوتر بين الطرفين. ولم يمنع ذلك زعيم «ثوار سوريا» جمال معروف من إصدار بيان ينفي فيه إعلان النفير العام ضد «النصرة»، ويطالبها بـ«الاحتكام إلى شرع الله، وقبول الوساطات الّتي ترسلها جبهة ثوار سوريا من أجل حل الخلافات بين الطرفين»، الأمر الذي سبق أن أكده مصدر من «الجبهة» لـ«الأخبار».
وفي حلب، شمالاً، دارت اشتباكات بين «الجبهة الاسلامية» و«داعش» في محيط قرية تل مالد في ريف حلب الشمالي، في الوقت الذي استهدف فيه سلاح الجو تجمعات المسلحين في كل من مارع وتل رفعت واخترين. وأكد مصدر معارض في مدينة الباب لـ«الأخبار»، أنّ مسلحي «داعش» «دفنوا سراً في مقبرة المدينة أكثر من 25 جثة في الـ24 ساعة الأخيرة معظمها لمقاتلين عرب وأجانب سقطوا خلال غارة لسلاح الجو استهدفت مقراً سرياً قرب المحطة الحرارية شرقي حلب». وأعلنت «غرفة عمليات نهروان الشام» التابعة لـ«الجبهة الإسلامية» أن مسلحيها تمكنوا من «قتل ثمانية من مسلحي داعش في محيط قرية تل مالد شرقي مارع وتدمير سيارة مزودة برشاش ثقيل بمن فيها».

«الاندوف» إلى داخل الجولان المحتل

في سياق آخر، غادر مئات من قوات الأمم المتحدة «لمراقبة وقف إطلاق النار بين سوريا وإسرائيل» (الاندوف)، أول من أمس، الجانب السوري من هضبة الجولان إلى الجزء الذي تحتله إسرائيل من الهضبة، على خلفية اشتباكات بين الجيش السوري والجماعات المسلّحة. ونقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي، أمس، عن مصادر إسرائيلية القول إن «مئات المراقبين الدوليين انتقلوا إلى موقع قرب معبر القنيطرة من الجانب الإسرائيلي على خلفية المعارك العنيفة بين المعارضة السورية والجيش السوري». وأضافت المصادر أنّ «مجمل ما جرى إخلاؤه 4 مواقع ومعسكر تتبع للأمم المتحدة»، مشيرة إلى أن أبرز تلك المواقع التي أخليت هو معسكر «الفوار».
(الأخبار)