تونس | غص مطار قرطاج الدولي ظهر أمس بآلاف التونسيين من كل جهات البلاد، الذين حضروا لاستقبال المرشح الرئاسي المفترض وآخر وزير صحة في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، منذر الزنايدي، وذلك بعد أربع سنوات قضاها في المنفى، في مشهد يؤكد عودة أنصار بن علي الى الواجهة وقدرتهم على الحشد والتعبئة، الأمر الذي يؤشر أيضاً إلى أن حظوظهم ستكون كبيرة في الانتخابات التشريعية والرئاسية المقبلتين.
وأراد أنصار النظام السابق تحويل مناسبة عودة الوزير منذر الزنايدي، الذي لم يغادر الحكومات طيلة ٢٣ عاما من حكم بن علي، إلى مناسبة رمزية لاستعراض القوة، خصوصاً وأن الزنايدي ينحدر من منطقة القصرين، التي دفعت أكثر عدد من الضحايا في الحراك بين ١٧ كانون الأول ٢٠١٠ و١٤ كانون الثاني 2011.
ولم يكن "الدساترة" وحدهم في انتظار أكثر وزراء بن علي شعبية وقرباً من الناس، بل حضر الاستقبال عدد كبير من أطياف "اليسار" ومن الحقوقيين والنقابيين، إذ عرف منذر الزنايدي بـ"صدقية كبيرة" في كل الوزارات التي مر بها، السياحة والاقتصاد والتجارة والنقل والصحة. غادر الزنايدي البلاد منذ اللحظات الأولى لسقوط النظام السابق، متخذاً باريس وجهة له.
وبعدما حكم القضاء ببراءته من كل القضايا التي وجهت إليه، قرر العودة الى البلاد بالتزامن مع تجميع أنصاره لأكثر من ٢٥ ألف توقيع لترشيحه للانتخابات الرئاسية المزمع تنظيمها في ٢٣ تشرين الثاني المقبل.

تراهن عدة
قوى على شعبية
الوزير الزنايدي

وقبل ساعات من عودته، قال الزنايدي، في اتصال هاتفي مع "الأخبار"، إنه "يشعر بالحرج من استقبال المواطنين"، وإنه يفضل أن يكون الاستقبال "محدوداً في إطار عائلي".
ووسط الحضور الذي شهده مطار تونس يوم أمس، يبدو أن الشعبية التي يتمتع بها منذر الزنايدي، خريج الجامعات الفرنسية وأحد أبرز وزراء التكنوقراط في عهدي الحبيب بورقيبة وبن علي، وجمعه بين والدة تنتمي إلى أرستقراطية تونس العاصمة، ووالد من مدينة القصرين، التي عانت التهميش والإقصاء الاجتماعي، دفعا بجهات تونسية عديدة وربما إقليمية وأجنبية إلى المراهنة عليه، إذ إن شعبيته غير مسبوقة في كل جهات البلاد، فضلاً عما يتمتع به من "نظافة اليد".
وبناءً عليه، قد يكون الوزير العائد منافساً جدياً على منصب الرئاسة برغم أنه، حتى يوم أمس، لم يعلن ترشحه رسمياً، إلا أن مقربين منه يقولون إنه سيقدم ترشحه خلال الأسبوع الحالي.
ومن بين وجوه النظام السابق، فإن منذر الزنايدي ليس الوحيد الذي قد يكون منافساً جدياً في السباق الرئاسي، إذ أعلن، أول من أمس، آخر وزير خارجية في عهد بن علي، كمال مرجان، ترشحه رسمياً في الانتخابات الرئاسية، وقبله أعلن آخر وزير نقل في العهد السابق عبد الرحيم الزواري ترشحه رسمياً، بعدما جمع أكثر من ٢٥ الف تزكية من المواطنين، وسيكون مرشح "الحركة الدستورية"، التي يترأسها رئيس وزراء بن علي لعشر سنوات حامد القروي، كما أعلن مصطفى كمال النابلي، وهو وزير التخطيط في عهد بن علي، ترشحه، وانطلق في جولة عبر المحافظات للقاء أنصاره. أما رئيس حركة "نداء تونس" الباجي قائد السبسي، وإن ارتبط اسمه بوزراء فترة الحبيب بورقيبة، إلا أنه تولى رئاسة أول برلمان بعد أول انتخابات تشريعية ورئاسية ثبتت بن علي رئيسا للبلاد، وثبتت حزبه حزبا وحيدا في البرلمان، وهي للمناسبة الانتخابات التي كان فيها بن علي مرشح كل الأحزاب والمنظمات في عام ١٩٨٩، بما فيها "حركة النهضة".
عودة رجال بن علي إلى الواجهة بعد حوالى أربع سنوات من سقوط النظام تطرح الكثير من الاسئلة، أولها بشأن حقيقة ما حدث يوم ١٤ كانون ثاني ٢٠١١، وحقيقة ما سمي "الثورة" وحصيلة حكم "الثوريين".
فهل تكون الانتخابات المقبلة بشقيها الرئاسي والبرلماني إعلانا عن عودة وجوه النظام السابق من خلال صناديق الاقتراع؟ أم يكون الإخفاق حليفهم بقرار شعبي انتخابي؟