بدأت الاستعدادات الإقليمية تتكثف لمواكبة تطورات الحرب الأميركية الجديدة المفروضة على المنطقة، التي باتت تعرف واقعاً سياسياً وديموغرافياً جديداً بعد نحو ثلاث سنوات على إطلاق الصراع للهيمنة على المشرق العربي، الأمر الذي مثل أساساً السبب الرئيسي لظهور الانتشار الواسع للحركات المتطرفة في دول المنطقة.
وأكدت السعودية أنها ستستضيف، غداً، اجتماعاً عربياً أميركياً بمشاركة تركيا لبحث «مسألة الإرهاب والتنظيمات المتطرفة في المنطقة»، وذلك وسط تنامي الجهود الاميركية لإنشاء تحالف دولي لمحاربة تنظيم الدولة الاسلامية. وقالت وكالة الانباء السعودية الرسمية إن المملكة «ستستضيف الخميس (غداً) في جدة اجتماعاً إقليمياً يضم دول مجلس التعاون الخليجي، وكلاً من مصر والأردن وتركيا، وبمشاركة الولايات المتحدة». ومن المفترض أن يضم الاجتماع كذلك وزيري الخارجية العراقي واللبناني.

لافروف يخشى
قصف مواقع سورية تحت ستار مكافحة «الدولة الإسلامية»


وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل قال لـ«الأخبار» إن لبنان «لا يمكن أن يغيب عن اجتماع لمكافحة الارهاب يدعى اليه، لأن بلدنا يتعرض مباشرة لاعتداءات إرهابية، ولا يمكن إلا أن نكون جزءاً من أي حرب على الارهاب». وأضاف: «أي شراكة ضد الارهاب مفيدة لنا. والافادة تكبر كلما كبرت دائرة هذه الشراكة».
ونقلت وكالة «فرانس برس» عن مسؤول مصري رفيع أن بلاده «ترحب بالتحرك الاميركي والدولي لمكافحة الإرهاب وتنظيم الدولة الإسلامية»، مؤكداً أنها ستقدم «كل الدعم السياسي لهذا التحرك، ولكن في ما يتعلق بمشاركتها في إجراءات عملية أو أمنية، فإنها ينبغي أن تكون في إطار الأمم المتحدة وقرار من مجلس الأمن الدولي».
ويتزامن عقد الاجتماع مع خطاب الرئيس الأميركي باراك أوباما الذي سيعرض فيه «خطة عمل» ضد المجموعات المسلحة. وذكر بيان نشره البيت الأبيض، أمس، أن أوباما «سيوجه كلمة للشعب الأميركي» عند التاسعة مساءً بالتوقيت المحلي (01,00 بتوقيت غرينتش الخميس) يحدد فيها خطته «لإضعاف المجموعة الإرهابية والقضاء عليها على المدى الطويل». وأبلغ أوباما زعماء الكونغرس، أمس، أنّ لديه «السلطة اللازمة لاتخاذ إجراءات لتدمير تنظيم الدولة الإسلامية»، مما يشير مرة أخرى إلى أنّ البيت الأبيض لن يطلب من «الكونغرس» التصويت بالموافقة على خطته. واجتمع أوباما مع كبار الزعماء الديمقراطيين والجمهوريين قبيل كلمة يلقيها مساء اليوم لرسم خطته لمحاربة «داعش».
أميركياً كذلك، يصل وزير الخارجية جون كيري إلى الشرق الأوسط في جولة تشمل خصوصاً الأردن والسعودية، بهدف بناء التحالف الدولي. وكان وزير الخارجية الأميركي قد تعهد عشية هذه الجولة ببناء ائتلاف واسع يضم أكثر من أربعين بلداً ويستمر لسنوات، من أجل القضاء على جهاديي تنظيم الدولة الاسلامية، الذين يزرعون الرعب في العراق وسوريا.
وقال كيري، في مؤتمر صحافي أمس، «هناك جهود سبق أن بدأناها وحلفاءنا في العالم. في الشرق الأوسط، السعودية والكويت قدمتا الملايين في مجال الدعم الإنساني. دولة الإمارات العربية المتحدة وافقت على العمل في مجال شبكة الدعم لداعش، والقضاء على البروباغندا الإيديولوجية لناشطيها».
وأعلنت الولايات المتحدة أن أكثر من 40 دولة ستشارك في شكل أو آخر في التحالف ضد تنظيم «الدولة الاسلامية». ومن بين هذه الدول الأربعين، وردت أسماء 25 دولة في إحصاء لوزارة الخارجية الأميركية. أما الجهات الأخرى، فستشارك سراً في مختلف المجالات: الدبلوماسية والاستخبارات والمساعدة العسكرية ومكافحة التجنيد والشبكات المالية لـ«الدولة الإسلامية».
وسيغيب عن اجتماع جدة اليوم كل من سوريا، الغارقة منذ ثلاث سنوات ونصف السنة في أعمال العنف ضد مسلحي المعارضة التي تدعمها العديد من الدول المشاركة في الاجتماع، إضافة إلى إيران وروسيا. وتزامناً مع الاستعدادات الأميركية والمواكبة العربية الواضحة برغم شكوك بعض عواصم القرار الإقليمي في مدى اندفاع واشنطن وأفق ذلك، أعرب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن تخوفه من أن تقصف الولايات المتحدة مواقع سورية في سياق سعيها لمكافحة تنظيم «الدولة الإسلامية»، مشيراً إلى أن التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب لا يمكن أن يكون فعالاً بسبب قيامه على أساس مصالح مجموعة معينة من الدول، والسعي إلى تحييد الخطر في منطقة واحدة دون أخرى.
في غضون ذلك، رأى الملك الأردني عبدالله الثاني أن أوضاع المنطقة تستدعي جهداً إقليمياً ودولياً لـ«مكافحة ومحاصرة التنظيمات الإرهابية»، بحسب ما أفاد بيان صادر عن الديوان الملكي الأردني. وقال البيان، إن الملك الأردني أكد، خلال استقباله وزير الخارجية التركي مولود جاوش أوغلو في عمان، أن «التحديات والأوضاع الراهنة في المنطقة تستدعي جهداً إقليمياً ودولياً مكثفاً للتعامل معها وإيجاد حلول جذرية لها بما يسهم في مكافحة ومحاصرة الحركات والتنظيمات الإرهابية ونزعات الغلو والتطرف الآخذة في التوسع والتزايد، وصولاً إلى مستقبل أكثر أمناً واستقراراً لشعوب المنطقة».
وبحث وزير الخارجية الأردني ناصر جودة ونظيره التركي «الخطر المحدق» بالمنطقة، ونقلت الوكالة الأردنية عن جودة قوله «تحدثنا أيضاً في الخطر المحدق، وتحديداً ما يجري في غربي وشمالي غربي العراق وشرقي سوريا من وجود تنظيمات متطرفة إرهابية، تهدد أمن المنطقة واستقرارها، وضرورة التنسيق والتشاور في هذا الأمر».
من جهته، قال الوزير التركي إن «وجهات النظر متطابقة بخصوص ما يجري في المنطقة»، مشيراً إلى أن «الأردن وتركيا هما الدولتان الوحيدتان اللتان لهما حدود مشتركة مع العراق وسوريا». وأضاف «ندرك التحديات ونتوافق لإيجاد الحلول مع حلفائنا».
في غضون ذلك، يعتزم مجلس الأمن الدولي مطالبة الدول بـ«منع وكبح» تجنيد وسفر المقاتلين الأجانب للانضمام إلى الجماعات المسلحة المتطرفة مثل تنظيم «الدولة الإسلامية»، من خلال تجريم القوانين المحلية لذلك واعتبارها جريمة جنائية خطيرة. ووزّعت الولايات المتحدة، في وقت متأخر أول من أمس، على مجلس الأمن مشروع قرار يندرج تحت الفصل السابع، فيما تأمل أن يجري اعتماده بالإجماع في اجتماع رفيع المستوى برئاسة الرئيس الأميركي باراك أوباما يوم 24 أيلول.
(الأخبار، روسيا اليوم، أ ف ب، رويترز)