بات معظم المواطنين يرون في القيادات المحلية مجرّد موظفين لتنفيذ القرارات التي تُطبخ في عواصم الخارج
وعلى رغم أن معين وابن مبارك كانا شخصيتين مغمورتين حتى "ثورة فبراير" التي أطاحت بالرئيس علي عبد الله صالح، إلا أن السفارة الأميركية صنعت نجوماً شبابية لتدفع بهم إلى مناصب قيادية حسّاسة. والرجلان من أبرز وجوه تلك المرحلة، التي يُطلق عليها "عيال السفارات"، لكنّ عبد الملك قدّم نفسه خلال توليه رئاسة الحكومة في السنوات الخمس الماضية، كرجل تكنوقراط، أو رجل اقتصاد، أقرب إلى جناح الحمائم في تركيبة الشرعية. أما ابن مبارك، فيقدّم نفسه كواحد من أبرز الوجوه السياسية الأكثر عداءً لسلطة صنعاء، ولا سيما أنه تعرّض للاعتقال بعد "ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر" في صنعاء، من قبل "أنصار الله"، على خلفية فضائح التخابر مع الأميركيين، وتنفيذ أجندات واشنطن حرفياً، واستغلال موقعه بصفته مديراً لمكتب الرئيس عبد ربه منصور هادي، وأميناً عاماً لمؤتمر الحوار. وعليه، لن يفوّت الرجل أي فرصة لتنفيذ الرؤية الأميركية في اليمن بحذافيرها، سواء منها السياسية أو الأمنية أو العسكرية.
وعلى وقع تعيين ابن مبارك، تبدو القوى المحلية الفاعلة في صدمة، خصوصاً أن الرجل دلف إلى رئاسة الحكومة من خارج الترشيحات المطروحة على طاولة "المجلس الرئاسي". ولعل "المجلس الانتقالي الجنوبي"، المسيطر فعلياً على عدن، مقر الرئاسة والحكومة، أحد أكبر المتضرّرين من القرار، إذ إن "الانتقالي" كان حتى وقت قريب يفاوض على أسماء لتولي قيادة الحكومة من عناصره، أو القبول بشخصية ليست من خارج بيئته السياسية والمناطقية. وبرأي محللين، فإن شخصية ابن مبارك قد تدفع إلى التوتر في عدن مجدداً، خصوصاً أن الرجل واحد من أبرز الوجوه السياسية التي وقفت ضد "الانتقالي" في خصومته مع الفريق الذي كان يقود "الشرعية" برئاسة عبد ربه منصور هادي. في موازاة ذلك، لا يبدو الشارع في المحافظات الواقعة تحت سيطرة حكومة ابن مبارك، متفائلاً، حيث بات معظم المواطنين يرون في القيادات المحلية مجرّد موظفين لتنفيذ القرارات التي تُطبخ في عواصم الخارج. ليس هذا فحسب، بل إن متابعين يرون أن التغيير الحقيقي يتمثّل في تغيير السياسات المرسومة من قبل الخارج، وخصوصاً "الرباعية". أما تغيير الأشخاص فلم يزد الأوضاع إلا تعقيداً منذ أول رئيس حكومة، أحمد بن دغر، وحتى أحمد بن مبارك.