تقدّم جديد حققه الجيش السوري أمس في الغوطة الشرقية، ما مهّد لتكرار أسطوانة التخوين في أوساط المسلحين. السيطرة على بلدة حتيتة الجرش الاستراتيجية كان أحدث مكتسبات الجيش، ومن شأنه أن يمنح الجيش أفضلية كبيرة في أي تحرك مستقبلي مُزمع نحو عمق الغوطة الشرقية، إذ تعتبر البلدة ممراً استراتيجياً في هذا الاتجاه، لأن السيطرة عليها تسهم، أيضاً، في تقطيع طرقات يستخدمها المسلحون في تحركاتهم في عمق الغوطة.
اللافت، أن تقدم الجيش السوري تزامن مع خرق نجح المسلحون في إحداثه على محور جسر الكباس ــ وادي عين ترما. مصادر ميدانية أكدت ما جرى تداوله عن تسلل مجموعة مسلحة إلى جادة جسر المطير، وتمركزها في كتل سكنية، لتدور إثرها اشتباكات عنيفة. وقال «المرصد السوري لحقوق الانسان» المعارض إنها أدت إلى «سقوط ستة قتلى من قوات النظام»، فيما تحدثت مواقع «موالية» عن «سقوط أربعة شهداء من قوات الدفاع الوطني، وإصابة ثلاثة من جنود الجيش». مصادر ميدانية أكدت لـ«الأخبار» أن «هجوماً استهدف أحد أحياء الكباس، وكان من نتائجه قيام المسلحين باحتجاز عدد من الأهالي». المصادر تحدثت عن «مفاوضات جارية مع الخاطفين، سعياً إلى إطلاق سراح الأهالي». الهجوم المضاد الذي شنه الجيش السوري جاء واسع النطاق، وتحدثت مصادر ميدانية عن معارك عنيفة دارت في المزارع المحيطة بالمليحة من الجهة الشرقية والشرقية الشمالية المتاخمة لحتيتة الجرش، ومن الجهة الغربية والشمالية الغربية المتاخمة لمزارع بلدة زبدين. المصادر أكدت أن الجيش السوري واصل تحركاته في البساتين المحيطة بالحتيتة، وسط إسناد ناري كثيف استهدف مواقع المسلحين في عين ترما وجسرين وزبدين. البلدات الثلاث تبدو أهدافاً وشيكة محتملة للجيش، إذا قرر مواصلة عملياته على ذلك المحور من دون توقف. ومن شأن الترابط الميداني بين مسلحي تلك البلدات أن يؤدي دوراً في سير الأمور في هذا الاتجاه، عبر اللعب على الأثر النفسي الذي قد يُحدثه سقوط حتيتة الجرش داخل المجموعات المسلحة. الأمر الذي توحي كواليس المجموعات المسلحة بأنه كبير. مُنعكسات خروج حتيتة الجرش عن سيطرة «جيش الإسلام» لم تقتصر على اتهامات التخوين التي طاولت زهران علوش، بل تعدتها إلى إعادة الترويج لتحالف قديم بين عدد من مجموعات الغوطة تحت مسمى «كتائب عاصمة الشهداء». وجرى تداول بيان التشكيل على نطاق واسع، وبصورة توحي أنه حديث، رغم أن «التحالف» يعود إلى شهر تموز الماضي. ويضم «كتائب عاصمة الغوطة»، «كتائب أبو عبيدة بن الجراح»، «كتائب الخضراء»، و«لواء فرسان الغوطة». مصدرٌ مواكبٌ للمشهد الميداني في الغوطة، تحدث لـ«الأخبار» عن «مؤشرات على ثورة تعتزم مجموعات الغوطة القيام بها ضد زهران علوش، سعياً إلى سحب البساط من تحته». وهذه ليست المرة الأولى التي يُتهم فيها علوش (قائد جيش الإسلام) بـ«خيانة الثورة وتسليم المواقع»، إذ تكررت الأسطوانة مرات عدّة، كانت آخرها إثر سيطرة الجيش السوري على بلدة المليحة، لكن ترافق الاتهامات هذه المرة بملامح تحركات على الأرض يجعل احتمال حصول «ثورة» ضده وارداً، بل ومرجّحاً. مصدر من داخل «لواء شهداء دوما» قال لـ«الأخبار» إنّ «معظم الفصائل العاملة على الأرض كانت قد توافقت في وقت سابق على تحاشي السقوط في فخ الانقسام، لكنّ المستجدات الميدانية الأخيرة أثارت شكوكاً كبيرة حول أسبابها الحقيقية». ورغم أن المصدر لم يسمّ علوش بوضوح، غير أنه تحدّث عن «إجماع بين عدد من رموز الثورة في الغوطة على محاسبة كل من تثبت خيانته لدماء الشهداء، أيّاً كانت صفته، ومهما كان ثقله».
على صعيد متصل، قُتل أمس فراس المصري، أبرز القادة الميدانيين لـ«فيلق الرحمن». وأعلنت صفحات معارضة أن المصري (الملقب أبو علاء) قد قُتل في حمورية في ريف دمشق، من دون أي تفاصيل أخرى.
وتبعاً للتطورات الجديدة، باتت خريطة سيطرة الجيش السوري داخل الغوطة مشتملة على كل من المليحة، الأحمدية، دير سلمان، حتيتة التركمان، حران العواميد، شبعا، مخيم الوافدين، وحتيتة الجرش، فيما تسيطر المجموعات المسلحة (وأبرزها جيش الإسلام، المنضوي تحت لواء الجبهة الإسلامية) على كل من دوما، حرستا، كفربطنا، عربين، سقبا، جسرين، حز، زملكا، عين ترما، بيت سوا، مديرة، مسرابا، ومرج السلطان. أما نقاط التماس الساخنة، فهي جوبر، البلالية، البحارية، النشابية، عين ترما، جسرين، ودير العصافير.