يمكن تقدير الكثير من الأسباب التي تدفع إسرائيل إلى رفض أي تسوية شاملة مع السلطة الفلسطينية، لكن ما هو مؤكد أنها لا ترى في العالم العربي أو المستوى الدولي ما يجبرها على خوض مفاوضات جدية تؤدي إلى تسوية نهائية. ولو لم يكن غير هذا السبب، لكان كافياً في تفسير التشدد الإسرائيلي عامة، وخاصة رد فعل رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو، الذي وصل إلى المجاهرة بأنه لا يوجد شريك للتسوية في الجانب الفلسطيني، وفي أحسن الأحوال، هو (الشريك) يحتاج إلى المزيد من الاختبارات لإثبات أهليته.
ضمن هذا الإطار، يأتي ما أبلغه نتنياهو للجنرال الأميركي، جون الين، المسؤول عن وضع خطط أمنية في إطار أي تسوية على مستوى المستقبل. قال له إن المحادثات مع رئيس السلطة، محمود عباس، ينبغي أن تركز الآن على قطاع غزة وليس حول تسوية شاملة. ونقلت صحيفة «هآرتس»، عن مصدر سياسي إسرائيلي أن ما يجري الآن محاولة لاختبار أداء عباس في مواجهة المقاومة في غزة، ومن ذلك سيجري الحكم على أهليته وجهوزيته لمفاوضات جدية. ويأتي ما أوضحه المصدر ضمن سياق أن «نتنياهو يريد أولاً أن يرى كيف سيتدبر أبو مازن أمره في غزة قبل الحديث عن الضفة والقدس».
وفي سياق محاولة استغلال المواجهة في القطاع، لتسويق الموقف الإسرائيلي من الترتيبات الأمنية، أصر نتنياهو على المطالبة بحرية عمل الجيش في أي مكان على الأراضي الفلسطينية. أما عن الحديث عن الأفق السياسي الجديد الذي كثر أخيراً، فهذا يعني كما يبين نتنياهو في أكثر مناسبة أن هناك تبلوراً لفرص تسمح بعقد تحالفات مع دول عربية «معتدلة» في مواجهة «الإرهاب» الذي يشمل من الرؤية الإسرائيلية كلاً من حزب الله والمقاومة الفلسطينية، ومن ورائهما إيران، إلى جانب «داعش» و«النصرة» وامتداداتهما.
في المقابل، يتفق عدد من القوى السياسية الإسرائيلية مع نتنياهو في تقديره الأفق السياسي الإقليمي، بما فيه التعاون وصولاً إلى التحالف على قاعدة الأخطار والمصير المشترك. لكن هذه القوى نفسها تختلف حول الثمن الواجب دفعه بالعملة الفلسطينية، ولو كانت في حدها الأدنى أو حتى أقرب إلى الشكلية.
نتيجة ذلك، يحتدم الانقسام داخل الحكومة الإسرائيلية على قاعدة الموقف من القضية الفلسطينية، وظهر في الأيام الماضية جزء من مظاهره، وذلك على مستوى النقاش الحاد والتلاسن بين بعض الوزراء إزاء التعامل مع الواقع السياسي الفلسطيني الراهن.
في هذا السياق، يتفق نتنياهو ووزير الجيش موشيه يعلون على مقولة أن أي تنازل في الضفة المحتلة سيحولها إلى مصدر تهديد حقيقي أكثر من غزة، لذلك ينبغي التمهل في أي خطوة تؤدي إلى الانسحاب من أجزاء من الضفة مقابل اتفاق تسوية مع الجانب الفلسطيني.
في المقابل، ترى وزيرة القضاء، تسيبي ليفني، أن الاكتفاء بانتهاء الحرب والجنوح عن خطوات سياسية يشكل خطأ كبيراً، وتفويتا لفرصة نزع السلاح من غزة وتكريس الهدوء لسكان غلافها. انطلاقاً من ذلك، ترى ليفني ضرورة التحرك «نحو مبادرة سياسية شاملة من شأنها تقوية إسرائيل في مواجهة الهجمات القضائية والديبلوماسية»، وفق هذه الرؤية، فهي تريد عملية سياسية مع محمود عباس ودول عربية معتدلة من جهة، ومع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من جهة أخرى، وكل ذلك لتغيير الواقع في الضفة وغزة، لكن رد الطرف المقابل، بمن فيهم اليمين المتطرف، جاء عبر يعلون حينما قال: «حيث لا يوجد الجيش الإسرائيلي تنشأ تهديدات من حماس والجهاد الإسلامي والجهاد العالمي».
وضمن العتب الأميركي الذي قد يسمى أحياناً «ضغوطاً»، تضطر الإدارة الأميركية إلى ممارسة نوع مشابه بسبب استباحة إسرائيل الأراضي الفلسطينية، ما يؤدي إلى إحراج الإدارة نفسها. هنا تأتي مطالبة وزير الخارجية، جون كيري، رئيس وزراء العدو، بنيامين نتنياهو، بإلغاء قرار مصادرة أربعة آلاف دونم في منطقتي الخليل وبيت لحم وضمها إلى التكتل الاستيطاني «غوش عتسيون».
طبقا لـ«هآرتس»، أثار القرار الإسرائيلي غضباً شديداً في الإدارة الأميركية وأوروبا، ودفع السفير الأميركي لدى تل أبيب، دان شابيرو، إلى إجراء اتصالات مع مسؤولين إسرائيليين عبّر خلالها عن «قلق» بلاده من هذه الخطوة. يأتي ذلك بعدما نشرت الخارجية الأميركية بياناً استنكرت فيه قرار المصادرة.
أيضاً، نقلت الصحيفة عن دبلوماسي غربي قوله إن القرار الإسرائيلي أثار غضباً مماثلاً في أوروبا، مضيفاً أن الإسرائيليين «وجدوا أفضل طريقة لوضع أصابعهم في عيون أصدقائهم في العالم». وشرح بالقول: «بدلاً من أن ننشغل الآن في إضعاف حماس وتعزيز الرقابة على غزة، يتخذ الإسرائيليون خطوة من هذا النوع، والأنكى أنهم يعتبرونها خطوة عقابية». وكان الاتحاد الأوروبي، هو الآخر، قد استنكر مصادرة الأراضي في الضفة، ودعا إسرائيل إلى التراجع عن هذا القرار، واصفاً إياه بأنه «تهديد للسلام وعقبة تجعل حل الدولتين لشعبين أمراً غير ممكن».
يشار إلى أن الانطباع السائد في إسرائيل هو أن خطوة نتنياهو كانت ضمن سياق تعزيز مكانته وسط معسكر اليمين في أعقاب الانتقادات القاسية التي تلقاها على خلفية أنه لم يتبنّ خيارات عملانية دراماتيكية في الحرب على غزة.
على صعيد آخر، استجاب الاتحاد الأوروبي لطلب إسرائيل منحها مدة شهر من أجل الفصل بين صادرات المستوطنات المقامة على أراضي الضفة والجولان، وبين صادرات ما هو داخل الخط الأخضر. وكان قرار أوروبي سابق، قد منع دول الاتحاد من استيراد منتجات حيوانية إسرائيلية من خارج الخط الأخضر في بداية أيلول الجاري.

نتنياهو يأمر
بتفكيك جسر خشبي في القدس بسبب شكوى أردنية

في المقابل، كشف مصدر إسرائيلي لملحق «ذي ماركر» الاقتصادي، أن آلية الفصل قائمة، «لكن التخبط في هذه المسألة يعود إلى أسباب سياسية». ووفق الملحق نفسه، فإن الاتحاد الأوروبي لم يهدد صراحة، بل لمّح إلى إمكانية مقاطعة كل الصادرات الإسرائيلية الحيوانية إن لم تعرض إسرائيل آلية الفصل.
في سياق منفصل، ذكرت «هآرتس» أن الجسر الخشبي الذي بني على مدخل باب المغاربة في القدس المحتلة، بجوار حائط البراق، أصدر نتنياهو تعليمات بتفكيكه «في أعقاب ضغوط شديدة من الأردن». ونقلت الصحيفة عن مسؤول إسرائيلي قوله إن الجسر أقيم بناءً على قرار جهات محلية غير مخولة، ومن دون إطلاع المستوى السياسي على ذلك.
ووفق المسؤول، فقد ناقش مكتب رئيس الحكومة قضية الجسر مع بلدية الاحتلال في القدس، ومع جهات في إدارة «حائط المبكى» (حائط البراق)، وأشار إلى أن رئيس الحكومة علم بالقضية في أعقاب احتجاج الحكومة الأردنية والقصر الملكي. وأضاف: «كل منطقة حائط المبكى تقع تحت مسؤولية رئيس الحكومة بسبب حساسية الموقع، وإسرائيل تتجنب وضعاً تتهم فيه بإشعال الشرق الأوسط».



إسرائيل تحصل على غواصة ألمانية رابعة

أكد قائد سلاح البحرية الإسرائيلية، رام روتنبرغ، أن غواصة «دولفين» رابعة انطلقت من ألمانيا، وهي في طريقها إلى إسرائيل، مشيراً إلى أن غواصة خامسة ستصلها حتى نهاية العام. وأضاف روتنبرغ أن هذه الغواصة قادرة على الغوص أعمق وأبعد، ولمدة أطول. وقال أيضاً إن لها أداءً قوياً «لم نعرفه من قبل».
وتعتبر غواصة «دولفين» من أكثر الغواصات تطوراً في العالم، وتتميز بقدرات عسكرية متنوعة وقدرتها على حمل صواريخ ذات رؤوس نووية، وتعمل كمنصات إطلاق صواريخ.
(الأخبار)