القاهرة | لم يخف منذ بداية المفاوضات لإنهاء الحرب على قطاع غزة قبل نحو ثلاثة أسابيع، الاستشعار المصري لوجود تأثيرات خارجية كثيرة على الوفد الفلسطيني، وخاصة حركة «حماس»، وهو ما أدى إلى تعقد وتأخر الوصول إلى اتفاق، فضلاً عن التعنت الإسرائيلي.
وترى قيادات مصرية أشرفت على المفاوضات بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني أن هناك حسابات متأخرة لبعض الأطراف أوصلت إلى خسارة دماء فلسطينية كثيرة، وخصوصاً مع التشكك في دور مصر وموقفها من الحرب.
وتقول مصادر سيادية مصرية إن نائب الأمين العام لحركة «الجهاد الإسلامي»، زياد النخالة، أقرّ قبل ثلاثة أيام بأن الوفد الفلسطيني موافق على المبادرة المصرية ويتعاطى بإيجابية مع مقترح القاهرة القاضي بإعلان تهدئة مفتوحة، لكنه أشار إلى أنهم كانوا بانتظار الرد الإسرائيلي، «وهو ما تحقق فعلاً بعد حملة من التشكيك والنفي قادتها بعض القيادات والأقلام الإعلامية».
وتكشف هذه المصادر أن الخيار البديل في حال إخفاق مباحثات القاهرة كان خطوات صعبة، ومنها أن رئيس السلطة محمود عباس «أعد ورقة بديلة تحرج إسرائيل وتضع الإدارة الأميركية أمام مسؤوليات كبيرة، وكانت الورقة تحظى بدعم عربي وروسي وأوروبي إضافة إلى موافقة حماس عليها». وتتضمن هذه الورقة، وفق المصادر المصرية، دعوة الولايات المتحدة إلى إقامة دولة فلسطينية وإنهاء الاحتلال حتى حدود 67، على أن يتولى طرف ثالث موضوع مراقبة الحدود، «وفي حال رفض واشنطن المقترح، كان المقرر أن يجري التوجه إلى مجلس الأمن الدولي لاستصدار قرار بإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية».
وبالعودة إلى المبادرة المصرية، تؤكد المصادر لـ«الأخبار» أنها أبلغت الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي أن ما يجري الاتفاق عليه الآن مبني على صيغة تفاهمات 2012 والتهدئة السابقة للحرب الأخيرة، «وفيها بنود فتح المعابر وبدء عملية إعادة إعمار قطاع غزة، وتوسيع مساحة الصيد البحري (6 أميال)».
وبشأن التطبيق، فإنه يبدأ بوقف طويل الأمد للنار تجري خلاله مفاوضات لحل بقية القضايا المطروحة «بما في ذلك موضوع الميناء والمطار والسجناء الأمنيين»، وتأخر الوقت حتى وافق الإسرائيليون على هذه الصيغة منذ يومين حتى أمس، «مع العلم أن شعورنا كان أن كلا الطرفين سعى إلى إنجاز الاتفاقية ضمن غطاء دولي».
ولم تنكر المصادر المصرية في حديثها أن أميركا كانت طرفاً غير محايد، «فكل اهتماماتها الحفاظ على مشروعها القومي في الشرق الأوسط الذي تمثله تل أبيب»، مضيفة: «في اللحظات الأخيرة وصل المبعوث الأميركي لمفاوضات السلام الفلسطينية ـ الإسرائيلية، الجنرال جون آلن، واجتمع مع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو لتنسيق المواقف ووضع أطر التحرك التكتيكي».
وتابعت قائلة: «وصول المبعوث الأميركي تزامن مع إبداء إسرائيل موافقتها على المبادرة المصرية على أن تكون الهدنة طويلة الأمد ويجري التقيد بها، كما أبدت استعدادها للتباحث في نطاق محدود يشمل فتح المعابر وتوسيع منطقة صيد الأسماك»، لكنها ذكرت أن الاحتلال ظل على اشتراطه في إعادة إعمار القطاع على وجود رقابة دولية وتحت إشراف السلطة الفلسطينية.