هل طلبت الولايات المتحدة التعاون مع سوريا لضرب تنظيم «الدولة الإسلامية»؟ لم يعد الجواب عن هذا السؤال مهماً، طالما أن سوريا ستعلن اليوم موقفها منه. في خطوة مفاجئة، سيعقد وزير الخارجية السوري وليد المعلم مؤتمراً صحافياً في دمشق اليوم، هو الأول له منذ خضوعه لجراحة في بيروت في نيسان الماضي. وبحسب مصادر سورية، فإن الهدف من هذا المؤتمر سيكون إعلان موقف سوري «واضح» من الحرب على تنظيم «الدولة الإسلامية» («داعش»).
ثمة ملامح تحالف دولي ينشأ لمكافحة «داعش». الأميركيون والأوروبيون والروس وبعض الدول العربية، كلهم يعلنون مشاركتهم، بطريقة أو بأخرى، في الحرب على التنظيم الذي قال وزير الدفاع الأميركي تشاك هاغل «إننا لم نشهد له مثيلاً من قبل، عقائد وتكتيكات عسكرية». الدول العربية تستشعر الخطر المزدوج. فهي من ناحية تشعر بالخطر الذي يمثله «داعش» على أصل وجودها. وهو خطر لا يفوقه خطر آخر، وتحديداً حيث «فكر داعش» هو «الحزب الحاكم»، كما في السعودية على سبيل المثال، أو حيث بعض الأرضية جاهزة لتلقّف هذا الفكر، كما في الأردن التي يقف مقاتلو «داعش» على أبوابها.

روسيا ستبذل جهداً
لإصدار قرار لمحاربة «داعش» بشكل مشترك
لا آحاديّ

ومن ناحية أخرى، تخشى أن يؤدي القضاء على «داعش» و«جبهة النصرة» إلى دفن آخر فرصة ممكنة لإسقاط النظام السوري، أو لاستنزافه مع حلفائه. لكن الأولوية لديها، بحسب مقربين من الحكم السعودي، تبقى ضرب «داعش». النصاب الدولي والإقليمي بات شبه مكتمل إذاً. في المقابل، الحكم في سوريا يبدو شبه مغيّب عما يدور في غرف أعدائه، الذين يقفون اليوم في موقع «عدو عدوي». صحيح أن الناطق باسم البيت الأبيض قال الجمعة الماضي إن قاعدة «عدوّ عدوي صديقي» لا تنطبق على الحال في الشرق الأوسط، في رده على سؤال حول إمكان التعاون مع الحكومة السورية في وجه «داعش»، إلا أن دمشق ترى أن الجميع، قريبين كانوا أو بعيدين، مضطرون إلى التعاون معها، لأن من سيقاتل «داعش» في الميدان السوري هو الجيش السوري، بعدما كاد تنظيم «الدولة الإسلامية» يبتلع جميع المعارضين الآخرين.
على هذه «القواعد»، يستند موقف الحكم في دمشق. المعلم سيعلن هذا الموقف اليوم، معبّراً عن تأييد بلاده لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2170 (تجفيف مصادر تمويل «داعش» و«جبهة النصرة» وتجريم أعمالهما ودعمهما). وسيلفت إلى أن الغرب عاد ليقتنع بما قالته سوريا من البداية، عن كونها «تكافح الإرهاب، لا ثورة شعبية». وسيؤكّد المعلم أن سوريا هي جزء إلزامي من تحالف دولي لمكافحة الإرهاب. وسيلفت إلى أن «داعش» هي العدو الأول لكل دول العالم، مشدداً على ضرورة التعاون للقضاء عليها، وأن هذا التعاون سيكون مفتوحاً. ومن غير المتوقع أن يقول المعلم إن سوريا تدعو الولايات المتحدة إلى ضرب «داعش» على الأراضي السورية، لكنه في الوقت عينه لن يصدر موقفاً معارضاً لأي «تعاون عسكري» في مواجهة التنظيم الذي بات يشكل خطراً على كل دول بلاد الشام.
الدول الغربية سبق لها أن قطعت نصف الطريق. الولايات المتحدة لا تزال تعارض التعاون مع سوريا في وجه «داعش». بريطانيا «استبعدت» ذلك. لكن رئيس وزرائها، دايفيد كاميرون، كان قد فتح باب التعاون مع إيران في الحرب على «داعش». طلب هذا التعاون علناً، قبل أن يلحق به شركاء غربيون. فهو رفع تنظيم «الدولة الإسلامية» إلى مصاف الخطر على أمن الأوروبيين في شوارع مدنهم.
وبحسب مصادر دبلوماسية، فإن الموقف السوري اليوم يواكب تحركاً روسياً، يسعى إلى وضع آلية دولية لتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 2170، أو لإصدار قرار جديد يتضمن عملاً عسكرياً مشتركاً ضد «داعش» لا عملاً أحادياً.
على الجانب العربي، دفع هذا الخطر السعودية والإمارات إلى تجاهل خلافهما مع قطر التي كانا قد وجّها لها إنذاراً تنتهي مهلته مساء أمس، للامتثال لطلباتهما المتمحورة حول وقف دعم الإخوان المسلمين، وتغيير سياساتها في هذا الإطار. ورغم هذا الإنذار، جلس وزير الخارجية القطري خالد العطية على طاولة واحدة إلى جانب نظرائه الإماراتي والمصري والأردني، في اجتماع ترأسه وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل في مدينة جدة، لبحث الوضع في سوريا وتنامي التطرف في الإقليم.
وذكرت وكالة الأنباء السعودية أن الاجتماع الخماسي شارك فيه الى جانب سعود الفيصل كل من وزير الخارجية المصري سامح شكري، والإماراتي عبد الله بن زايد آل نهيان، والقطري خالد العطية، إضافة الى السفير نواف التل مستشار وزير خارجية الأردن.
وجرى خلال الاجتماع «بحث (...) نمو الفكر الإرهابي المتطرف والاضطرابات التي تشهدها بعض الدول العربية وانعكاساتها الخطيرة على دول المنطقة وتهديدها للأمن والسلم الدوليين» بحسب البيان الرسمي الذي نشرته الوكالة.
وبحث المجتمعون أيضاً «مستجدات الأوضاع في سوريا وتطورات الأزمة على الساحتين الإقليمية والدولية»، فيما «اتسم الاجتماع بالتطابق في وجهات النظر» بحسب البيان.
(الأخبار)