غزة | الحرب جولات، والجولة الأخرة من حرب غزة كسبتها إسرائيل على ما يبدو بمحاولة الوصول إلى القائد العام لكتائب القسام (حماس)، محمد الضيف، ثم اغتيال ثلاثة من كبار قادة الكتائب. جولة لم تأت إلا بعد 45 يوما من المثابرة والتخفي عن أعين الاحتلال وطائراته في مساحة لا تتعدى 365 كيلومترا مربعا.
لم تعش المقاومة كما يرى بعضهم حالة استرخاء خلال أيام الهدنة، لكن القصف العشوائي في لحظات الحرب حرم عملاء الاحتلال فرصة التحرك، تقول مصادر أمنية، نقل عنها أنها أعدمت أمس ثلاثة جواسيس كما اعتقلت آخرين. ويبدو أن الأيام التسعة التي شهدت هدوءا متواصلا منحت المجال لعيون الاحتلال من أجل العمل ورصد بعض قادة المقاومة، ومنهم ثلاثة من أعلى هرم «القسام» نالت منهم صواريخ الاحتلال في رفح جنوبي قطاع غزة: رائد العطار ومحمد أبو شمالة ومحمد برهوم.
هل سيكون هذا الصيد كافيا بالنسبة إلى رئيس وزراء العدو، بنيامين نتنياهو، ليوقف عدوانه على غزة، ويعلن أنه المنتصر في الحرب؟ لا يبدو حتى اللحظة أن ذلك كاف، وخاصة أن المقاومة أعلنت أنها تخوض حرب استنزاف بعد إخفاق المفاوضات السياسية في القاهرة، وأنها مستعدة لإكمال المسيرة رغم استشهاد قادتها.
وجاء اغتيال القادة الثلاثة في وقت مبكر من أمس بعدما قصفت طائرات الاحتلال منزلا في تل السلطان غرب مدينة رفح بـ12 صاروخا، فحولته ركاما متطايرا، ما أدى إلى استشهاد عشرة مواطنين (منهم القادة الثلاثة)، وإصابة 25 آخرين بجراح مختلفة، كما لا يزال البحث عن مفقودين متواصلا.
تعليقا على ذلك، قال النائب عن كتلة «حماس» البرلمانية، مشير المصري: «الاحتلال فتح على نفسه أبواب جهنم، ولا يزال لدى المقاومة مزيدٌ من أوراق القوة»، مؤكّداً لـ«الأخبار» أن «المقاومة لن تنهار برحيل أولئك القادة، فيما المفاوضات ستبقى معلّقة إلى حين نضج البيئة المناسبة».
في غضون ذلك، يرى الكاتب والمحلل السياسي، مصطفى الصواف، أن نتنياهو لم يكتف باغتيال العطار ورفاقه، «فهو يريد صيدا أثمن كي يتمكن من ترميم وضعه في الائتلاف الحكومي أو حتى أمام الجمهور الإسرائيلي»، مشيرا إلى أنه إذا تمكن من اغتيال شخصية لها ثقلها فقد يبدأ التفكير في إنهاء المعركة.

من المحتمل أن
تشهد الساعات المقبلة تصعيداً ميدانياً كبيراً

ويقول الصواف في حديثه مع «الأخبار» إنه «لا بد أن يكون لكل جولة نهاية، وهو ما يرجح أن يلجأ نتنياهو مجددا إلى الوسيط المصري ليرى ما حققه من إنجازات في هذه الأيام على طاولة السياسة، لكن بعد أن يحاول تجريد الفلسطينيين من بعض مطالبهم».
وبعد إعلان القسام رسميا ارتقاء شهدائها الثلاثة، راحت الصحف الإسرائيلية تتغنى بتحقيق هدف سعت إليه أكثر من مرة، وخاصة رائد العطار (40 عاما) الذي يشغل منصب عضو في المجلس العسكري الأعلى لكتائب القسام وأيضا هو القائد العسكري لمنطقة رفح. ولا يقل رفيقه محمد أبو شمالة (41 عاما) عنه شأنا، فهو أيضا قائد اللواء الجنوبي في القسام، والمسؤول عن الأنفاق في رفح، ومن أبرز المطلوبين لأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية منذ عام 1991، وكذلك الحال بالنسبة إلى محمد برهوم المحبوب بين الجماهير في رفح ويلقبونه بالشايب.
المسيرة الكبيرة التي خرجت لتشييع قادة «القسام» أمس بعشرات الآلاف رغم أجواء الحرب والخطر تؤكد أن الناس ازدادوا التفافا حول المقاومة.
ويبدو ظاهريا أن الغطاء الجوي الكامل على غزّة طوال أسبوعي المفاوضات والرصد الذي لم يتوقف، وخصوصاً وسط طمأنة الوسط السياسي بأن الاتفاق بات قاب قوسين أو أدنى من التحقّق، منح العدوّ وعملاءه مساحةً وفيرةً من النشاط العملاني على صعيد جمع المعلومات ورصد إحداثيات جديدة في القطاع لتعقّب القادة المهمين.
والأخطر أنّ الساعات الأربع والعشرين الفاصلة بين تمديد الهدنة، ومحاولة تصفية الضيف، تفتح كوّةً حقيقية في جدار المفاوضات السميك، وتشرع الباب أمام سيل من التساؤلات عن نزاهة الوسيط المصري في طلبه من الطرف الفلسطيني قبول التمديد الإضافي والأخير للتهدئة (24 ساعة). هذا يظهره سيناريو تذّرع العدوّ بإطلاق ثلاثة صواريخ باتجاه النقب المحتل لسحب وفده وإعادة تفعيل المعركة، الذي يحتاج إلى تفسير أنه بعد انسحاب الوفد الفلسطيني اتجه نظيره الإسرائيلي إلى القاهرة دون ذكر تفاصيل واضحة عن سبب تلك الزيارة اللاحقة في ظل غياب الطرف الذي يمكن محاورته.
وبين الاغتيالين جاء خطاب المتحدث باسم «القسام»، أبو عبيدة، ليضع بعد تأكيد سلامة القائد العام، الخط الاستراتيجي المتعلق بمفاوضات القاهرة، وخاصة أنه أشار إلى إعطاء الوفد السياسي ومصر وقتاً أكثر مما ارتآه الميدان. مع أنه من الأهمية بمكان، ذكر أن مجلس الأمن الدولي دعا في بيان رئاسي أول من أمس إسرائيل والفلسطينيين إلى استئناف المفاوضات و«دعمه الكامل للمبادرة المصرية».
في هذا السياق، يقول مصدر مقرّب من الوفد الفلسطيني المفاوض الذي كان في القاهرة: «برغم أنه كان هناك قرارٌ فصائلي موحّد بالتمديد إرضاءً لمصر، فإن معظم بنود الاتفاق التي رشحت إلى الإعلام لم تكن جديّة، وخصوصاً أن القاهرة كانت تبدي تعنتاً كبيراً اتجاه مطالب المقاومة، وترفض ما يمكن أن يحسب لحماس». وأكد هذا المصدر لـ«الأخبار» أن الساعات المقبلة ستشهد تصعيداً ميدانياً غير مسبوق.
وسط كل هذه التحوّلات السريعة، يبدو واضحاً أن معركة ما بعد اغتيال القادة لن تعادل ما قبلها، وإن كانت التوقعات أقل لجهة تفجير المزيد من المفاجآت في مقابل الدخول في حرب استنزاف حقيقية تتطلّب أعلى مقومات للصمود.
وما يعزز بقاء الأفق مفتوحا على المستوى العسكري والسياسي أن عودة سياسة الاغتيالات تأتي ضمن التصور الأساسي للاحتلال الذي يودّ تحقيق رزمة من الأهداف المركبة على الأصعدة السياسية والعسكرية والإعلامية، وهذه الاستراتيجية صدر قرار قوننتها في المجلس الوزاري المصغّر عام 2001 وارتفعت وتيرة تطبيقها في السنوات الأولى من الانتفاضة الثانية.
في المقابل، تحاكي المقاومة، ومنها «القسام» إلى حدٍّ ما مزيجاً ما بين حرب العصابات والجيش النظامي. ودفعتها إلى اعتماد هذه التركيبة مواجهة حالة الاستنزاف القيادي التي طاولت صفوفا أولى، وخاصة في السنوات التي تولى فيها مئير داغان منصب رئاسة الاستخبارات الإسرائيلية (2002-2008)، وشهدت اغتيال أيقونات من فصائل المقاومة كأحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي وأبو علي مصطفى وقادة عسكريين كثيرين.
ويمكن الاستدلال على أن الضربة القاسية لن تؤثر في أداء المقاومة بأن تجربة استشهاد نائب القائد العام لـ«القسام» أحمد الجعبري (عمود السماء 2012) أفرزت قادة أكثر اندفاعاً نحو تطوير منظومة الردع الفلسطينية وشبكة الإمدادات الأرضية.
مقابل ذلك كله، تبقى العودة إلى طاولة المفاوضات قائمة، لكن وفقا لأسس جديدة، أحد أهم التغيّرات المفصليّة فيها ما أنتجته عملية الاغتيال الخطيرة، وخصوصاً أنها تسجل نجاحاً استخبارياً إسرائيلياً غير مسبوق منذ بدء العدوان.
واستبعد الكاتب والمحلّل السياسي عبد الستار قاسم، في هذا الإطار، تأثير عملية الاغتيال أمس على المسار التفاوضي، مستدركا: «لو نجحت عملية اغتيال الضيف لتغيّرت كل التركيبة التفاوضية، لكن في الوقت نفسه الظرف الراهن لا يدلّ على أن العدوّ سيكون صاحب الكلمة العليا في أي مفاوضات مقبلة».
ماذا لو تغيّرت تكتيكات المقاومة في الميدان، وشهدنا تصعيداً يفوق جولة ما قبل المفاوضات؟ يجيب قاسم على ذلك: «لو تمّكنت المقاومة من جرّ العدو إلى معركة برية جديدة، فقد ترفع سقف مطالبها، لأن هذه المعركة ذات تكلفة باهظة على صعيد الموازنة والخسائر البشرية لدى إسرائيل».
ويؤكّد المحلل السياسي، في حديثه لـ«الأخبار»، أن الفخّ الذي وقعت فيه فصائل المقاومة نابعٌ من توجّهها إلى مصر من دون ضغط دبلوماسي عالٍ يُشرك محور الممانعة بالتحديد، ويتابع: «حماس أخطأت على نحو جلي حين نأت بحزب الله وإيران عن التدخّل في هذه المعركة. ما يوجب عليها فورا تدارك الموقف والانفلات من عقدة الملف السوري، لأن هذا المحور قادر على توتير المنطقة والانتصار لغزّة عسكرياً وسياسياً دون إقحام نفسه مباشرةً في الحرب».
لكن سفن «حماس» لا تتجه نحو هذا الرأي، إذ عبر رئيس المكتب السياسي لها والمقيم في الدوحة، خالد مشعل، في مقابلة مع وكالة الأناضول عن بقاء حالة التباعد مع إيران، قائلا إن طهران دعمتهم «في الماضي» عسكريا وماليا «لكن المقاومة اليوم بحثت عن وسائل التسليح الذاتي، وكان الاعتماد الأكبر على التصنيع داخل غزة وعلى ابتكار التكتيكات العسكرية والإبداع فيها». أيضا نفى مشعل طلبهم فتح جبهة مساندة من جهة حزب الله، معلقا: «هذه ليست أول حرب نخوضها دفاعا عن النفس، ونعتمد بعد الله على أنفسنا، ونعرف ظروف الأمة، كل له وضع خاص».




رائد العطار

غزة ــ بيان عبد الواحد
من الطبيعي أن ترتشف دوائر الاستخبارات في إسرائيل نخب الانتصار باغتيالها قائداً كبيراً كرائد العطار، عضو المجلس العسكري الأعلى لكتائب عز الدين القسام ــ الذراع العسكرية لحركة «حماس».
ويبدو واضحاً أن «حماس» منيت بضربة قاسية، حاول قادتها ومجاهدوها تلافيها منذ بدء العدوان على غزة في السابع من تموز الماضي، لولا أن الطائرات الحربية طالت فجر أمس رؤوس ثلاثة من قادة «القسام» على مستوى المحافظة الجنوبية، هم محمد أبو شمالة ومحمد برهوم، إضافة إلى القيادي العطار الذي هو قائد لواء رفح العسكري، وأحد أبرز المطلوبين للتصفية لدى جيش الاحتلال منذ ربع قرن.
من غير المعلوم إن كانت قد دفنت إسرائيل مع العطار سراً متعلقاً بمصير الجندي الإسرائيلي هدار غولدن الذي فقد في رفح خلال الحرب القائمة، خصوصاً أن صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية أكدت أنه الشخص الوحيد الذي يمكن أن يعرف مصير الضابط الإسرائيلي المفقود، «لأنه المسؤول عن جميع الأنشطة العسكرية لحماس في رفح». وراج اسم العطار في أعقاب خطف الجندي جلعاد شاليط في الخامس والعشرين من حزيران 2006 خلال عملية اقتحام موقع «كرم أبو سالم» العسكري، التي نفذها مقاومون من «حماس»، بتخطيط وتدبير من «العطار»، وقتئذ. وتشير التقارير الاستخبارية الإسرائيلية إلى أن العطار، وهو أب لطفلين، يرأس وحدة «الكوماندوس» القسامية، كما يقف خلف تهريب الأسلحة من سيناء إلى غزة. ووفقاً لـ«يديعوت أحرونوت»، فإن العطار، من مواليد 1974، أحد أقوى رجال «حماس»، فهو مسؤول منطقة رفح أقصى جنوب القطاع، التي تقيم على حدودها مع مصر أنفاق أرضية، كانت تستخدم في إمداد «حماس» بالمعدات والمواد اللازمة لبناء قوتها العسكرية. وأوضحت مصادر قيادية مطلعة في القسام لـ«الأخبار» أن العطار كان من أكثر العقول الأمنية على مستوى كتائب القسام، وهو مدبر للعشرات من العمليات، إضافة إلى إشرافه على عملية أسر شاليط، مؤكدةً أنه أشرف وأدار معركة رفح بكل بسالة، خصوصاً في منطقة الزنة شرقاً، وأوقع في العدو خسائر فادحة. وتقول مصادر إن استهداف العطار واثنين من قيادة «القسام» في رفح يعني أن الحركة ضربت في خاصرتها الجنوبية، في إشارة إلى مكانة هؤلاء القادة الثلاثة على المستوى العسكري. وأكدت المصادر أن العطار على وجه الخصوص كان من أبرز المقرّبين إلى القائد العام لكتائب القسام محمد الضيف، مشيرةً إلى أن قيادة الصف الثاني في المجلس العسكري تولت مهماتها خلفاً للعطار وأبو شمالة وبرهوم.






محمد أبو شمالة

رام الله ــ اسلام السقا
نجحت إسرائيل في التخلص من أحد أبرز المطلوبين لأجهزة مخابراتها منذ عام 1991، إنه الشهيد محمد أبو شمالة، الملقب بأبي خليل، والبالغ من العمر 41 عاماً، وهو عضو المجلس العسكري الأعلى لكتائب القسام، وقائد لواء جنوب غزة، وأحد مؤسّسي كتائب القسام في مدينة رفح.
بدأ اسم أبو شمالة بالظهور خلال الانتفاضة الأولى، واشتهر بعمليات ملاحقة العملاء آنذاك. شارك في ترتيب صفوف «القسام»، وكان قائداً لدائرة الإمداد. أمضى في سجون الاحتلال 9 أشهر، فيما قضى 3 سنين ونصف السنة في سجون السلطة الفلسطينية.
نجا أبو شمالة أكثر من مرة من عمليات اغتيال. في إحدى المرات (مساء يوم الأحد 12 كانون الثاني من عام 2003) تلقى اتصالاً على هاتفه المحمول من فتاة تتكلم العربية بطريقة ضعيفة، لم يتجاوب معها الشهيد، بعدها بلحظات أتته مكالمة من أحد رفاقه يخبره فيها بأن هناك طائرات مروحية في الأجواء. أبو شمالة، الذي كان يستقل سيارة من نوع سوبارو، ورفيق دربه رائد العطار الذي كان معه آنذاك، انتبها إلى الطائرات المروحية، فسارعا إلى إيقاف السيارة والترجل منها والجري جنوباً تجاه أرض زراعية فيها أشجار الزيتون، هناك قابلهما طفلان من أصحاب الأرض، طلبا منهما السماح لهما بالمكوث، لأن «الطائرات تُلاحقنا»، ودفنا الهواتف المحمولة التي كانت معهما. لكنّ الطائرتين استمرتا في ملاحقتهما وأطلقت تجاه المنطقة ثلاثة صواريخ جو ــ أرض. انفجرت الصواريخ داخل قطعة أرض وأُصيب القائدان والطفلان. وصفته صحف العدو بأنه «الشبح». عندما اجتاح الجيش الإسرائيلي المنطقة التي يسكن فيها داخل مخيم يبنا، صيف 2004، وحاصر منزله، اشتبك معه قبل أن يدمر المنزل كلياً عبر متفجرات وضعت بداخله، لكنه لم يكن في المنزل ولاذ بالفرار، رغم أنه كان هناك عندما حوصر المنزل. كذلك قصف الاحتلال منزله في منطقة الشابورة وسط رفح أكثر من مرة، وكان آخرها خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة.
أبو شمالة الأكثر أهمية من بين الذين اغتالتهم إسرائيل أمس وفق مصادر إسرائيليّة. وهو شارك في العديد من الهجمات، وأشرف على عدة عمليات مثل عملية براكين الغضب، ومحفوظة وجردون وترميد والوهم المتبدد، والأخيرة اختطف فيها الجندي جلعاد شاليط. وكان من أبرز القادة في معارك الفرقان وحجارة السجيل والعصف المأكول.
أيضاً كان أبو شمالة أحد الأسماء المتداولة في التكهنات حول «من هو خليفة الشهيد أحمد الجعبري»، بعد اغتيال الأخير في أول يوم من الحرب الثانية على غزة عام 2012.






محمد برهوم

غزة ــ بيان عبدالواحد
... وسقط محمد حمدان برهوم، «أبو أسامة» (45 عاماً)، أحد أبرز مؤسسي كتائب القسام في محافظة رفح، شهيداً. منذ لحظة إعلان استشهاد برهوم الملقب بـ«الشايب»، سارعت كتائب القسام إلى نعيه بوصفه أحد قادة الرعيل الأول لها.
وفقاً لمصادر مطلعة في «القسام»، فإن برهوم كان من أوائل المطاردين لدى الجيش الإسرائيلي، وتحديدا منذ عام 1991.
نجح برهوم في التخفي مدة طويلة من مطارديه حتى نجح في الخروج من قطاع غزة سرا، والتنقل في عدد من الدول من بينها السودان.
ما لبث أن عاد برهوم بعد نحو ثماني سنوات من الهجرة القسرية، إلى قطاع غزة، وذلك مع بدء انتفاضة الأقصى عام 2000، من أجل المشاركة في الأعمال الفدائية ضد
الاحتلال.
لفت رفاق درب الشهيد، في حديث لـ«الأخبار»، إلى أن «أبو أسامة» بمجرد أن وطئت قدماه أرض الوطن، استأنف نشاطه العسكري مع إخوانه في الكتائب، وأدار معارك ضد الاحتلال على الأطراف الشرقية لمدينة رفح، كما خطط ودبر للعديد من العمليات الاستشهادية داخل الأراضي المحتلة عام 1948، حتى أعلن الاحتلال الإسرائيلي انسحابه من قطاع غزة عام 2005.
«الشايب» والعقل الصاروخي لـ«القسام»
مع الانسحاب، باشر برهوم بمعاونة قيادة الكتائب في اللواء الجنوبي بالتخطيط والتدبير لتطوير الصواريخ المحلية، حيث أكدت المصادر أن الشهيد القائد كان له أثر بالغ في تطوير منظومة الصواريخ، فضلاً عن أنه كان يشرف على عدد من الأنفاق الأرضية في أقصى محافظة رفح على الحدود مع سيناء.
وأكدت المصادر أن برهوم كان يتمتع بعلاقات واسعة مع عدة أطراف، مكنته من جلب العتاد العسكري للكتائب عبر الأنفاق، مشيرةً إلى أنه تفرغ أخيراً للإشراف والتكتيك بعيداً عن ممارسة العمل العسكري شخصيا.
يأتي ذلك في وقت نعت فيه كتائب عز الدين القسام على موقعها الالكتروني، ثلاثة من قادتها، قائلة إن «رحيلهم لن يزيد الكتائب إلا إصراراً وعزيمةً على حمل الراية ومواصلة الطريق، فالقائد يخلفه ألف قائد، وستشهد الأيام بذلك».