تتوالى ردود الفعل السعودية، إن كان على لسان رجال الدين أو السياسة، لإدانة أعمال المنظمات الإرهابية وشجبها. فبعد الاتهامات الغربية والعربية المتتالية للمملكة بدعمها الإرهاب، دأبت هذه الأخيرة على الترويج لسياساتها في مواجهة التطرف في الداخل والخارج، وصارت تستغل كل المناسبات للرد على الاتهامات التي توجّه إليها.
غداة بيان الحكومة الذي جدّدت فيه دعوتها لمكافحة التطرف وبعد رسالة نشرها السفير السعودي في بريطانيا محمد بن نواف آل سعود في صحيفة «ذي غارديان» لـ«دحض الادعاءات بأن المملكة تتبع الفكر الوهابي»، خرج مفتي السعودية عبد العزيز آل الشيخ، أمس، بالدعوة إلى قتل عناصر تنظيمي «الدولة الإسلامية» و«القاعدة»، معتبراً أنها جماعات «لا تحسب على الإسلام، كما أنها امتداد للخوارج».
الشيخ حذّر من «أفكار التطرف والتشدّد والإرهاب الذي يفسد في الأرض ويهلك الحرث والنسل»، مشيراً إلى أنها «ليست من الإسلام في شيء». وشدّد على أن الإرهاب هو «عدو الإسلام الأول، والمسلمون هم أول ضحاياه، كما هو مشاهد في جرائم ما يسمى داعش والقاعدة وما تفرع عنها من جماعات».
أما سفير المملكة في بريطانيا، محمد بن نوّاف آل سعود، فقد آثر من جهته الدفاع عن دولته بالالتفات إلى وجه آخر للاتهامات التي توجّه إليها.
ردّ بن نوّاف على مقال لريتشارد نورتون-تايلور في صحيفة «ذي غارديان»، انتقد فيه استمرار دعم بريطانيا لكل من إسرائيل والمملكة العربية السعودية رغم انتهاكهما لحقوق الإنسان. وفي رسالة إلى الصحيفة نفسها، دافع السفير السعودي عن موقف المملكة تجاه الحركات المتشدّدة، مسهباً في توضيح الفرق بينها بين فكر الشيخ محمد بن عبد الوهاب الشائع في المملكة.
وقال محمد بن نواف: «يدعي ريتشارد نورتون تايلور أن المملكة العربية السعودية تموّل الفكر الإسلامي الأكثر تشدّداً»، مضيفاً أنه «يدعي أن هذه الأفكار هي الفكر الوهابي، ولكن الاعتماد على الشائعات وقلة المعرفة هي أشياء خطيرة جداً». «الكاتب دعم حجته بمعلومات مستقاة من مقال لصحافيين في صحيفة أخرى»، أضاف بن نواف الذي أوضح أن «الوهابية ليست مذهباً من مذاهب الإسلام»، موضحاً في الوقت ذاته أن «المقصود بها هو تفسير محمد عبد الوهاب للنصوص، بعدما رأى ابتعاد المسلمين عن المنهج الصحيح للإسلام الذي جاء به النبي محمد».
وأكد محمد بن نوّاف أن «السعوديين لا يقبلون أن يطلق عليهم تسمية الوهابيين». وقال: «نحن مسلمون. وفي عام 2011، قال صاحب الأمير سلمان بن عبد العزيز (ولي العهد الآن)، إن بعض الناس يستخدم كلمة الوهابية لوصف رسالة من محمد بن عبد الوهاب من أجل عزل المسلمين السعوديين عن بقية العالم الإسلامي». وفي سياق دفاعه، تطرّق السفير السعودي إلى اتهام المملكة بدعم الحركات المتطرفة، وقال: «اسمحوا لي أن أوضح أكثر. فالحكومة السعودية لا تقوم بدعم أو تمويل القتلة الذين تجمعوا تحت راية الدولة الإسلامية، كما أننا لا نعترف بإيديولوجيتهم التي لا يعتقد بها الغالبية العظمى من المسلمين في جميع أنحاء العالم، سواء كانوا من السنة أو من الشيعة».
السياسة التي تروّج لها المملكة السعودية في محاربة الإرهاب والتي تعكسها التصريحات السابقة، تطرّق إليها «معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى» في تقرير نشر منذ يومين. وأشارت كاتبة التقرير لوري بلوتكين بوغارت، إلى أن الـ100 مليون دولار التي قدمتها السعودية لمركز محافحة الإرهاب التابع للأمم المتحدة في نيويورك. تعكس القلق السعودي من التهديد الإرهابي المتنامي من قبل المتطرفين السنة داخل المملكة وعلى حدودها الشمالية والجنوبية.
وقالت الباحثة إن «السعودية توسّع جهودها في سبيل مواجهة هذا التهديد وتخفيف الدعم الشعبي للمتطرفين السنة في الداخل والخارج».
(الأخبار)