بعرف في كتير ناس رح يقولولك خلصت الحرب على غزّة، وإنه هلق بلشنا بوقت السلم. يا زلمة وين بعدك! شو يعني وقت السلم؟ يعني غزة رح تبطل محاصرة؟ يعني خلص رح يفتحوا المعابر ونصير نروح وين ما بدنا؟ ولا نوكل شو مابدنا؟ ولا نشتغل حتى شو ما بدنا بغزة؟ أصلاً إنتو شو بتعرفوا عن غزة غير شكلنا وإحنا عم ننقصف؟ بتعرفوا وين بنروح كل يوم؟ ولا شو بنشتغل؟ بتفكروا إنكو بتعرفوا؟ لأ ما بتعرفوا.
بغزة إحنا بنوقف على المعبر مرات ساعات وساعات عشان بالآخر يسكروا المعبر من الميلة التانية ويقولولنا خلصنا اليوم، ما فيكو تمرقوا. بتعرفوا شو بيكون بدنا؟ بيكون بدنا مثلاً نروح على الحج. تخيلوا ممكن تلتغى سفرة الحج كلها بس عشان الضابط اللي على الجهة التانية قرر إنه ما يمرقنا ولا يسمحلنا نمرق لإنه شكلنا ما عجبه، أو يمكن يخلينا نقعد ننتظر وننتظر وبالآخر يلا «قحطوا». وصحيح رح تفكروا إنه عم بحكي عن الإسرائيلي، لأ، أنا عم بحكي عن أخوي: العربي المصري اللي بيكون على الحاجز. بعمري ما حبيت رجال الجيش ولا اللي بيخدموا بالجيوش، لإنه ما شفنا منهم إشي منيح من أول ما شفناهم. إجو على فلسطين وضاعت فلسطين، اجوا على غزة وضاعت غزة. على فكرة، ما ضاعت مرة واحدة: ضاعت 3 مرات، أول مرة ضيعوها جيوش العرب، بعدين الجيش العربي المشترك مرة تانية، والجيش الأردني آخر شي ضيعها. وبتعرفوا شو اللي رجعها؟ آه صح: المقاومة. المقاومة هي الشي الوحيد اللي رجع غزّة. من إيام غيفارا غزة اللي كان «مكعيهن» للصهاينة، من لما كان يخللي المدينة بالليل بس للفلسطينية لحتى اليوم اللي اجى فيه وصارت اسرائيل تخاف من مجرد ذكر غزة بالكلام.
كنا عم نحكي عن إنه خلصت الحرب، لأ ما خلصت بعد في كتير اشيا نعملها، واشيا لازم تصير وإلا الحرب ما خلصت ولا بتخلص ورح ترجع تبلش من أول وجديد وبكل فرصة. يعني اللي تدمر مين اللي بده يعمره؟ رح نرجع نبلش نمد ايدينا من أول وجديد وننتظر معونات؟ طيب ما احنا كمان ما بدنا بس مساعدات احنا بدنا نشتغل، نبني، نعمّر، نقدر نطّلع مصارينا الخاصين مش نضل كأننا بسجن كبير. طالما غزة محاصرة بهاي الطريقة بحياتنا ما بنصير شي منيح، ولا بحياتنا بنقدر نوقف على اجرينا، ولا بحياتنا حتى بنقدر نقول لأ للصهاينة ولا للعرب.
طالما غزة محاصرة زي كأنها سجن كبير والناس اللي بقلبها متروكين هيك ليحلوا مشاكلهم لحالهم كأنهم بواحد من سجون أميركا الجنوبية أيام الديكتاتوريات، رح نرجع نوصل لنفس النتيجة، احنا بننخنق وبالآخر بنخنق اللي عم يخنقنا، لإنه ما عنا حل تاني.
وما حدا يقولي إنه رح يبعتولنا إخوتنا العرب مساعدات: أنا شفت آخر بتعرفوا انهم بعتولنا مساعدات. طيب شو كانت؟ كانت أكفان وحبوب منع حمل.
آه مش عم بمزح عن جد. ما بعرف شو كانوا عم يفكروا بس والله هيك بعتولنا. ليش؟ ما بعرف، فيكو تسألوهن، بس إنه عن جد بعتولنا هيك شي. يعني يا إما احنا ما بنحس يا إما احنا ما النا قيمة بالمرة. انت هيك شوفها: لما أخوك يبعتلك هدية قليلة احترام ،شو بيكون بينظرلك؟ اما انت ما الك قيمة أو إنه بيشوفك كتير صغير وشحاد وبتقبل بأي شي. بس إنه معقول تعتبر «شعب» بأكمله هيك؟ كيف طيب؟ إنو شو بنعمل بحبوب منع الحمل؟ ما إنه اذا بطلنا نجيب ولاد من وين بدها غزة تعمر؟ من وين بدو هالشعب يستمر؟
بعدين مين إلو معنا؟ ليش ولادهم اللي عم تموت؟ بعدين مين قللهم إنه هادا اختيارهم هم؟ مين إله معنا؟ مش احنا عم نتحمل نتيجة اختياراتنا؟ يعني هما يكفوا عنا بلاهم واحنا والله بنعيش أحسن حياة. يفتحوا هالحدود من ميلة مصر وبلاها ميلة الصهاينة، مش هم بيقولوا إنهم اخوتنا؟ طيب يفتحولنا هالحدود من عندهم، ويخلونا نطلع، نشم ريحة هوا نظيف، نعمل علاقات تجارية مع المناطق اللي حوالينا نتبادل ثقافة، من دون ما نحس إنه احنا بسجن وهن السجانين مش الصهاينة!
لأ ما خلصت الحرب. وما بتخلص إذا ضلت الحالة زي ما هية. بيحكولك إنه في أنفاق، يا عمي ايه في انفاق، بس يعني اذا بدك تمرق حجّة لتروح على مستشفى بتنزلها بنفق؟ أو اذا بدك تودي عروس لعريسها بتنزلها بنفق؟ الأنفاق يا عمي للإشيا المستعصية، للصواريخ، للسلاح، لشي صعب تنقله من فوق عشان الكل بده يضربك عشانه. بس احنا والله مستعدين نمحي الأنفاق ونرميها ونهدمها ونبطل نستعملها كل عمرنا بس يخفوا علينا. انتو شايفين شي مرة تقعد تنتظر شي ما بيجي؟ بتتذكروه لهادا غودو اللي بالمسرحية اللي ما بيجي؟ إيه هادا هو نفسه بتقعد تنتظره على المعبر وما بيجي ولا بعمره رح يجي.
برأيكو بتخلص الحرب؟ بنرجع بنعمر اللي اتدمر؟ ولا بنرجع نعيد اللي كان؟ أنا شايف رح نرجع نعيد اللي كان! وكان، وكان!