القاهرة | بعد ثمانية أشهر من الحبس الاحتياطي، قررت نيابة الاسكندرية «تبرئة» المهندس شريف فرج، المعيد في «جامعة الاسكندرية»، من التهم التي وجهتها له سابقاً، في قضايا عنف. تهم اعتقلته على خلفيتها قوات الشرطة، في شهر تشرين الثاني الماضي.
ثمانية أشهر قبع خلالها فرج في غياهب السجن من دون أن يحال على محاكمة أو يخلى سبيله، وذلك على ذمة اتهامات برأته منها النيابة في ما بعد. لكن معيد «جامعة الاسكندرية» ليس وحده ضحية تعديل قانون الإجراءات الجنائية في ما يخص الحبس الاحتياطي، شأنه في ذلك شأن الآلاف ممن اعتقلتهم السلطة بعد عزل الرئيس محمد مرسي في تموز 2013.
وفي شهر تموز الماضي أصدر الرئيس المؤقت عدلي منصور قراراً بتعديل نصوص قانون الحبس الاحتياطي، يتيح لمحكمة النقض أو محكمة الإحالة حبس المتهم مدة 45 يوماً قابلة للتجديد، دون التقيد بالمدد المحددة المنصوص عليها في المادة 145 من قانون الإجراءات الجنائية، والتي كانت تحدد أن مدة الحبس الاحتياطي لا تتجاوز ستة أشهر في الجنح وثمانية أشهر في الجنايات، وسنتين إذا كانت العقوبة المقررة للجريمة هي السجن المؤبد.
وكان الاستثناء في هذا القانون خاصاً بالتهم التي تستوجب عقوبتها الإعدام، فكان يجيز لمحكمة النقض ولمحكمة الإحالة، أن تأمر بحبس المتهم احتياطياً لمدة 45 يوماً قابلة للتجديد دون التقيد بالمدد المنصوص عليها، وهو ما وَسَّعه التعديل الأخير لينسحب على الجرائم التي تكون عقوبتها المؤبد أيضاً.
ومع حلول الذكرى الأولى لفضّ اعتصامَي أنصار مرسي، في رابعة العدوية وفي ميدان النهضة، يتم توقيف بعض المعتقلين عاماً كاملاً داخل السجن، على ذمة قضايا، من دون أن يحالوا على محاكمة. ومن هؤلاء، المصور الصحافي محمود أبو زيد «شوكان» الذي قبض عليه أثناء تصويره لعملية فض الاعتصام. وجرى تجديد الحبس الاحتياطي له حتى بلغ عاماً كاملاً، من دون أن يعرض على النيابة، بحسب ما قال شقيقه محمد أبو زيد لـ«الأخبار».
وتتنوع التهم الموجهة إلى المعتقلين يوم «فض» اعتصام رابعة العدوية بين «الشروع في القتل»، و«مقاومة السلطات»، و«حيازة أسلحة بيضاء ونارية». ولم تكن قد أقرت القوانين التي تحظر جماعة الإخوان المسلمين وتصنفها «جماعة إرهابية» وتجيز اعتقال من ينتمي إليها، فضلاً عن قانون التظاهر الذي أقر في شهر تشرين الثاني الماضي واعتقل على خلفيته عدد كبير من الناشطين والمتظاهرين.
وفور تعديل القانون أبدت بعض المنظمات الحقوقية تخوفها من إساءة استغلاله، واستخدامه كعقوبة للتنكيل بالمعارضين من المنتمين إلى جماعة الإخوان المسلمين وغيرهم. وهي المخاوف التي تحققت في ما بعد، خصوصاً مع التوسع في اعتقال مواطنين طبقاً لخلفيتهم السياسية، سواء كانوا منتمين لـ«الإخوان» أو غيرها من الحركات السياسية المعارضة للسلطة. ويُتهم المعتقلون بالمشاركة في «أعمال عنف» و«إرهاب»، ويُسجنون لفترات طويلة، من دون إحالتهم على المحكمة.
ووفقاً لتقارير ما يسمى «ويكي ثورة»، وهي مبادرة يديرها عدد من المراكز الحقوقية، فإن ما لا يقل عن 41 ألف شخص تم اعتقالهم أو وجه إليهم الاتهام في الفترة ما بين تموز 2013 وأيار 2014.
أستاذ القانون العام ومدير «مركز القاهرة للدراسات القانونية والسياسية» الدكتور أحمد مهران اعتبر في حديث لـ«الأخبار» أن «الغرض من هذا القانون هو حبس كل معارضي النظام الحالي إلى حين أن ينهي النظام عمله في السيطرة على كل مفاصل الدولة». أضاف أن «استخدام القانون بهذا الشكل، والتوسع في حبس المعارضين مخالف للقوانين الدولية، وقوانين الأمم المتحدة، وعلى الدولة أن تتراجع عنه حتى تتحقق محاكمات عادلة».