القاهرة | مع بدء العدّ التنازلي للانتخابات الرئاسية المصرية المُقرَّرة مطلع العام المقبل، قدّم النائب السابق، أحمد طنطاوي، نفسه مرشَّحاً منافِساً للرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي يحقّ له، وفق الدستور الحالي، الترشّح لمرّة واحدة ثالثة وأخيرة، بموجب النصّ الاستثنائي الذي أُدرج في التعديلات الدستورية الأخيرة، والمتضمِّنة بند استمرار ولاية الرئيس لدورتَين فقط، مدّة كلّ منها 6 سنوات. وكان طنطاوي قد خسر انتخابات البرلمان في 2020، من جرّاء عمليات تزوير فجّة شهدتها لجان الفرز من أجل إسقاطه وإبعاده عن مجلس النواب، بسبب معارضته الشديدة للنظام ومجاهرته بانتقاداته الحادّة له ورفْضه محاولات ترويضه من قِبَل الأجهزة الأمنية. وفي الفترة التي تلت الانتخابات، تعرّض طنطاوي لمضايقات دفعته للسفر إلى لبنان من أجل الدراسة، قبل أن يفاجِئ الرأي العام بإعلان اعتزامه خوض الانتخابات الرئاسية مع عودته إلى بلاده مطلع أيار المقبل، قادماً من بيروت.ويأتي إعلان طنطاوي ترشّحه رسمياً عبر صفحته على «فيسبوك»، بوصفه ممثّلاً للتيّار المدني، في وقت يواصل فيه النظام مساعيه لاحتواء المعارضة من خلال «الحوار الوطني»، وتصدير خطوات إيجابية في مسار «البناء الديموقراطي» من طريقه، علماً أن هذا الحوار الذي انطلق في رمضان الماضي، لم يسفر سوى عن ثرثرات مطوَّلة، والإفراج عن العشرات من السجناء على ذمّة قضايا مفبركة، فيما جرى التعنّت مع آخرين ورفْض إخلاء سبيلهم. ومن هنا تَبرز واحدة من الصعوبات التي تعترض طريق طنطاوي، على رغم الأوضاع الاقتصادية السيّئة، والغضبة الشعبية ضدّ السيسي، إذ إن حالة الاحتواء تلك تحدّ من قدرة المرشّح البديل على حشْد قوى وتيّارات سياسية خلْف مشروع حقيقي قابل للتطبيق، بالنظر إلى أن الأحزاب والشخصيات العامّة التي يناورها النظام لن يَسمح لها بتجاوز الخطوط الحمراء الموضوعة.
يواجه ترشيح طنطاوي عقبات عدّة من بينها عدم رضى المعارضة عن شخصيته


كذلك، يواجه طنطاوي مشكلة أخرى مرتبطة بشخصيته التي يراها البعض صدامية أحياناً، وغير متّسقة مع متطلّبات العمل السياسي في منصب مِن مِثل رئيس الجمهورية. ويُضاف إلى ما تَقدّم، وجود منافسين محتمَلين له، على رأسهم محمد أنور عصمت السادات، رئيس «حزب الإصلاح والتنمية»، وهو المُعارض الذي أَسقط مجلس النواب عضويّته بعد اتّهامه بإرسال مخاطبات إلى «الاتحاد البرلماني الدولي»، «تُحرّض على البرلمان المصري، وتشوّه صورته»، وهو ما قد يكون عائقاً قانونياً أمامه في حال أراد تقديم أوراقه. أيضاً، يوجّه طنطاوي سهام انتقاداته إلى المعارضة والنظام على السواء، واصفاً الأولى بـ«البائسة» والثاني بـ«الباطش»، وهو ما سيوسّع قائمة رافضيه من خارج السلطة. إلّا أن الرجل يبدو متفهّماً ضيق بعض المعارضين منه في الفترة الماضية، وساعياً في استرضائهم، وهو ما يؤشّر إليه اعتزامه، في الأيام الأولى من وصوله، عقْد لقاءات مع عدّة شخصيات لمعرفة انطباعاتهم ورؤاهم للمرحلة المقبلة، علماً أنه لا يتمسّك بأن يكون هو المرشّح الوحيد للمعارضة، بل يبدي مرونة إزاء إمكانية خوض الانتخابات ضمن فريق يأمل الوصول إلى السلطة والإطاحة بنظام السيسي.
وينتقد طنطاوي السيسي شخصياً، ويُحمّله مسؤولية تردّي الأوضاع الاقتصادية خلال العقد الماضي، بسبب القرارات الفردية التي يتّخذها، وتجاهله الآراء العلمية، فيما يؤكد أنه قام بدراسة تجارب مماثلة للوضع في مصر حول العالم، واكتشف إمكانية الاستفادة منها لإنفاذ رؤيته التي تستهدف إحداث تغيير حقيقي في البلاد. ويرى طنطاوي أن التغيير من خلال الصناديق هو الأأمن والأسلم، كونه يُجنّب البلاد مخاطر كثيرة، في حين يواصل السيسي حديثه عن الرؤى المستقبلية، من دون التلميح حتى إلى الانتخابات التي يُفترض أن تكون في الربع الأوّل من العام المقبل. والجدير ذكره، هنا، أنه بخلاف الشروط الأساسية في ما يتعلّق بضرورة أن لا تقلّ سنّ المترشّح عن 40 عاماً، وحصوله على مؤهّل دراسي عالٍ، وعدم صدور حُكم قضائي ضدّه في جناية أو جريمة مخلّة بالشرف أو الأمانة، فإنه يجب، لكي تَقبل لجنة الانتخابات أوراق الترشّح، أن يكون صاحبها حاصلاً على تزكية 20 نائباً أو تأييد ما لا يقلّ عن 25 ألف مواطن يحقّ لهم الانتخاب من 15 محافظة، بتوكيلات تبرَم في الشهر العقاري، متضمِّنة جميع بيانات المؤيّدين، وهو ما قد يردع كثيرين عن تأييد مرشّح للمعارضة.