غزة | خلال جولة قصيرة لـ«الأخبار» على عدد من المنشآت الصناعية والزراعية في قطاع غزة، وخصوصاً في المناطق الشرقية والشمالية، عاينت دماراً واسعاً في المصانع التحويلية، فضلاً عن مزارع الأبقار والماعز، كما شمل الدمار مصنع الأدوات الكهربائية الشهير لشركة إبراهيم الجرو، وحوّله إلى كومة خردة. مزرعة أبقار «عفانة» على الطريق الموازي للشريط الحدودي الشرقي لاقت مصيراً مشابهاً، بعدما دمرت القذائف الصاروخية والمدفعية المكان فوق رؤوس الأبقار فأجهزت عليها. في هذا السياق، أكد رئيس اتحاد الصناعات الغذائية في قطاع غزة تيسير الصفدي، أن العدوان الإسرائيلي كبّد مصانع المواد الغذائية «خسائر فادحة تقدر بنحو 150 مليون دولار».

وقال، خلال جولة تفقدية على المصانع، إنه «دُمّرت أكبر مصانع القطاع وأرقاها، التي كانت توفر 70 في المئة من احتياجات السوق المحلية»، مشيراً إلى «تعمّد الاحتلال ضرب البنية التحتية للاقتصاد الوطني كليا، وقصف أكبر المصانع الغذائية كي تصبح غزة سوقاً استهلاكية لا منتجة».

قيمة الأضرار
والخسائر التي أصابت القطاع الزراعي بلغت 251 مليون دولار

وناشد الصفدي حكومة التوافق الوطني العمل على إنقاذ هذه المصانع ومساعدة أصحابها ورجال الأعمال الذين تضرروا، وذلك بإعادة بنائها «حتى لا تتفشى البطالة أكثر في القطاع، الذي كان يعاني من قبل نقصاً في إيجاد فرص العمل».
على صعيد الخسائر الزراعية، أكد المسؤول الإعلامي في وزارة الزراعة في غزة فايز الشيخ لـ«الأخبار» أن قيمة الأضرار والخسائر التي أصابت القطاع الزراعي بلغت 251 مليون دولار، «فيما تجاوزت القيمة التقديرية للأضرار غير المباشرة 150 مليون دولار». وعدّد الأضرار والخسائر التي طاولت القطاعات الزراعية المختلفة، موضحاً أنها «شملت الإنتاج النباتي بحوالى 131 مليون دولار، والتربة والري بحوالى 56 مليون دولار، والإنتاج الحيواني بنحو 55 مليونا، أما في قطاع الصيد البحري والثروة السمكية، فقد بلغت الخسائر 8 ملايين دولار».
ولا بد من الإشارة إلى أن القطاعين الصناعي والزراعي في غزة كانا يعانيان أوضاعاً كارثية، قبل بدء العدوان في السابع من تموز الماضي، بفعل الحصار وإغلاق المعابر التجارية وإبقاء معبر وحيد، يتحكم فيه الاحتلال بكميات البضائع الواردة وأنواعها. ووفق تقديرات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فإن «نسبة البطالة في غزة بلغت 41 في المئة»، مشيراً إلى أن «هناك أكثر من 180 ألف متعطلون عن العمل، نتيجة تفاقم أزمة الحصار وتوقف قطاع الإنشاءات»، كما لفت إلى أن «هناك حالة كساد تجاري وركود في الأنشطة الاقتصادية كلها».
في الإطار نفسه، لمّح قائمون على المنشآت الصناعية في غزة، في معرض حديثهم إلى «الأخبار»، إلى مخاوفهم من تجاهل الجهات الرسمية حجم خسائرهم، مشيرين إلى أن إعادة الإعمار بعد انتهاء الحرب ستنصبّ مباشرة على بناء المنازل المدمرة، فيما يُعطى القطاع الاقتصادي أولوية متأخرة.
في المقابل، أعلنت الحكومة الفلسطينية برئاسة رامي الحمدلله، تشكيل لجنة وزارية للإشراف على جهود الإعداد لإعادة إعمار قطاع غزة. وأوضحت الحكومة، في بيان، أن اللجنة المشكلة ستشرف على إعداد الخطط اللازمة للإنعاش المبكر لإعادة إعمار القطاع، والإعداد لمؤتمر المانحين المقرر عقده مطلع الشهر المقبل، بهدف حشد الدعم اللازم لجهود إعادة الإعمار، إضافة إلى دعم موازنة الحكومة.
من جهته، رأى الخبير الاقتصادي ماهر الطباع، أن «الحرب هذه المرة جاءت كي تعيد الاقتصاد الفلسطيني إلى النقطة الصفر، لهذا فإننا بحاجة ماسة إلى تشكيل هيئة خاصة مستقلّة لإعادة إعمار غزة، ممثلة من القطاع العام والخاص والجهات ذات الاختصاص، وذلك للتنسيق والإشراف على مشاريع إعادة الإعمار».
وأكد الطباع في حديث مع «الأخبار» أن «القطاع الاقتصادي مني هذه المرة بضربة مؤلمة، بسبب تكبده خسائر مالية تفوق 3 مليارات دولار»، مشيراً في السياق إلى «تدمير آلة الحرب الإسرائيلية عشرات المصانع، إضافة إلى إبادة مناطق صناعية عن بكرة أبيها، فضلاً عن الاستهداف المباشر للمناطق الزراعية ومزارع الدواجن والأبقار وميناء الصيادين».
ولفت الخبير الاقتصادي الانتباه إلى أن «غزة تتكبّد يومياً خسائر مباشرة تصل قيمتها إلى خمسة ملايين دولار، نتيجة توقف كل الأنشطة الاقتصادية، فضلا عن الخسائر غير المباشرة المتعلقة بالبنية التحتية».