انتقل الكباش الفلسطيني ــ الإسرائيلي من طاولة المفاوضات في القاهرة، إلى ميدان القتال. في الدقيقة الأولى بعد الثامنة من صباح أمس، ومع انتهاء هدنة الـ72 ساعة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، دوت صافرات الإنذار في المستوطنات المحاذية لقطاع غزة ومدينة عسقلان لتنذر بسقوط الصواريخ الفلسطينية. أعلنت الفصائل بالنار أنها لن ترضح للشروط الإسرائيلية، على غير ما كانت تتوقع تل أبيب.
حصيلة اليوم الأول ما بعد وقف اطلاق النار، سؤال إسرائيلي كبير، عبرت عنه التصريحات والمواقف، وسلسلة من الانتقادات الواسعة لقادة العدوان على غزة، وعلى رأسهم، رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، ووزير حربه، موشيه يعلون.
وفيما طالب وزراء من اليمين بتجديد الحملة البرية على قطاع غزة و«إزالة حماس عن الخريطة»، عبرت أوساط المستوطنين عن «اليأس والقلق من الآتي»، وطالب رؤساء البلديات والمجالس المحلية في مستوطنات غلاف غزة بحل سياسي سريع، وهاجموا يعلون و«فشله الذريع في تحقيق الامن للإسرائيليين».

الجيش الإسرائيلي عجز عن ردع الفصائل الفلسطينية التي لا تشعر بالهزيمة



واكتفى نتنياهو، رداً على استئناف اطلاق الصواريخ، وأيضاً على انتقادات المستوطنين، بتأكيد لمصدر سياسي إسرائيلي رفيع أمام المراسلين، بأن رئيس الحكومة أعطى أوامره للجيش بضرورة الرد بصورة واسعة على اطلاق الصواريخ، فيما أوضح مكتبه في بيان أمس، أن إسرائيل كانت قد أبلغت مصر استعدادها لتمديد وقف اطلاق النار لـ 72 ساعة قبل انتهاء مفعول الهدنة المؤقتة صباح أمس، الا أن «حماس تواصل اطلاق النار باتجاه الاراضي الإسرائيلية، بل وقامت بخرق وقف اطلاق النار قبل انتهائه».
وقال عضو المجلس الوزراي المصغر للشؤون الامنية والسياسية، وزير الاقتصاد، نفتالي بينيت، إن تجدد اطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل، هو «اختبار لقدرة الردع الإسرائيلية، وليس للآن وحسب، بل وأيضاً للسنوات المقبلة»، وأضاف أن «عملية الجرف الصامد لم تنته، اذ يجب أن نلحق الهزيمة بحماس، ويجب أن يشعر سكان إسرائيل بأنهم اقوياء».
ودعا وزير الاسكان أوري ارائيل من حزب البيت اليهودي لإنهاء حكم «حماس» في قطاع غزة، مشيراً إلى أن ما يجري الآن يتمثل في الآتي: «منظمة إرهابية قاتلة توجه إنذاراً إلى دولة سيادية تملك جيشاً من أقوى الجيوش في العالم، الامر الذي لا يمكن أن نسمح به، اذ لا يجب السماح لحماس بأن تقرر أصول اللعبة السياسية». اما وزير المواصلات، إسرائيل كاتس، فأكد بدوره أن «حماس لا تفهم سوى لغة القوة»، داعياً إلى وقف المفاوضات في القاهرة ورفض إجراء أي مفاوضات تحت النار.
وقال رئيس حزب العمل، يسحاق هرتسوغ، إن «إسرائيل سترد بقوة على اطلاق الصواريخ من قطاع غزة وعلى تهديد الشعب الإسرائيلي، ولا احد بإمكانه أن يلوم إسرائيل عندما تواصل حماس اطلاق النار ورفض الاقتراح المصري».
ودعا رئيس لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست، زئيف إيلكين، نتنياهو إلى الرد فوراً وبصرامة على «الاعتداءات الفلسطينية» المنطلقة من قطاع غزة، موضحاً أن اللغة الوحيدة التي تفهمها «حماس» هي لغة الضربات العسكرية، وبالتالي لا طائل من مواصلة المحادثات في القاهرة.
مع ذلك، رغم المواقف المتشددة والمزايدات على نتنياهو، أكدت وسائل الاعلام العبرية أن موقف تل أبيب الرسمي لا يتماشى مع دعوات التصعيد واستئناف القتال العنيف مع الفلسطينيين، وأشارت القناة العاشرة في تقرير في نشرتها المسائية أمس، إلى أن «إسرائيل الرسمية تمارس لغاية الآن ضبط النفس ولا تريد فتح الجبهة مع غزة».
بدورها لفتت القناة الثانية إلى أن الرد الرسمي الإسرائيلي لم يأت، و«هناك صمت ملحوظ»، رغم خرقه من قبل الوزير في المجلس الوزاري، نفتالي بينت، لكن «نتنياهو ويعلون يدرسان خطواتهما وما يجب القيام به، رغم التقدير بأن الجيش سيرد، من دون دخول بري إلى القطاع، بل فقط من خلال سلاح الجو، وعبر قصف اهداف محددة»، وأضاف مراسل القناة للشؤون العسكرية، أن «ما يحصل يشير بصورة واضحة إلى أن حماس لم ترفع الراية البيضاء ولم تستسلم، وما زالت قادرة على القتال لغاية الآن».
وكانت وسائل الإعلام العبرية قد نشرت أمس تقارير تحدثت عن حالة من القلق والغضب لدى المستوطنين، وبحسب موقع صحيفة «يديعوت أحرونوت»، فإن سكان مستوطنات الجنوب غاضبون من نتنياهو ويعلون، «اللذين قالا لنا أن نعود إلى منازلنا بعد أن عاد الهدوء، وها نحن الآن في حالة من الفوضى والبلبلة، ولا نعلم ما يجب أن نقوم به».
وشدد رئيس بلدية سديروت، ألون دفيدي، على أن يعلون فشل فشلاً ذريعاً في توفير الأمن لسكان المستوطنات في غلاق غزة. وأضاف أن «استئناف حماس والفصائل الفلسطينية الأخرى اطلاق الصواريخ، دليل لا يدعو للشك حول رواية هزيمتها، بل إن ذلك دليل على أنهم يملكون إرادة قوية لإدارة المعركة بخلاف ما يحصل عندنا في إسرائيل»، مشدداً على أن «الجيش الإسرائيلي عجز عن ردع الفصائل الفلسطينية، وهي لا تشعر بالهزيمة».
وكانت قيادة الجبهة الداخلية قد أعلنت أنه يجب اعادة فتح الملاجئ في التجمعات السكنية التي تقع حتى مسافة أقصاها 80 كيلومتراً من قطاع غزة. كذلك حظرت تنظيم تجمعات في المناطق التي تبعد حتى 40 كيلومتراً عن القطاع. وبحسب التعليمات لا يجوز اقامة نشاطات الا قرب الغرف المحصنة.