سُجّلت خسائر بشرية ومادّية نتيجة أسبوع من السيول التي تشهدها الأراضي الشمالية من سوريا. وإنْ كانت المحافظات الشرقية داخلةً ضمن خريطة المناطق المتضرّرة بحسب كمّيات الأمطار الهاطلة فيها، فإن عاصفة مطرية متوسطة الشدّة قد تُغرق مخيمات الشمال الغربي للبلاد في برك من الماء والطين بسبب سوء واقعها من الأصل. ووقف عدّاد الخسائر، إلى الآن، على تسجيل حالتَي وفاة لطفلَين في مدينة الحسكة، قضيا في نهر الخابور الذي وصل مستوى تدفُّقه إلى 110 أمتار مكعّبة في الثانية الواحدة، وذلك خلال ذروة طوفانه الذي نتج من تجمُّع مياه روافده الثلاثة: «جغجغ - جرجب - زركان»، فضلاً عن السيول، في مجراه الذي يظلّ في أجزاء كبيرة منه خاوياً من المياه طوال العام، علماً أنه لم يسبق أن شهدت المدينة مثل هذا الطوفان منذ موسم 2018 - 2019. وبلغ عدد الأُسر المتضرّرة ضمن المناطق التي تسيطر عليها الدولة السورية في المدينة، 60 عائلة تمّ إجلاؤها مؤقّتاً، بينما العدد ظلّ مجهولاً في مناطق نفوذ «قوات سوريا الديموقراطية» (قسد) على امتداد سرير النهر الذي جُمعت مياهه الفائضة في بحيرة السدّ الجنوبي، مع التأكّد من أن الفيضان الحالي لن يتسبّب بالوصول إلى الحدّ الأعظم للتخزين الذي يبلغ 605 ملايين متر مكعّب، إذ إن ذلك يحتاج، وفقاً لمصدر في مديرية الموارد المائية في المحافظة، إلى ثلاثة أشهر من التدفّق المستمرّ بالكميّات الحالية.أمّا في الرقة، فيبدو وجه الكارثة أكثر وضوحاً وقسوة، بعدما تسبّبت السيول بانهيار سبعة جسور تقع على مجاري الأنهار التي ترفد الفرات أو الأودية التي توازيه. ويقول محافظ الرقة، عبد الرزاق خليفة، في حديث إلى «الأخبار»، إن جسور الرقة مدمّرة أساساً بفعل الغارات الأميركية التي سبقت احتلال المدينة عام 2017، ضمن مرحلة سمّتها واشنطن آنذاك بـ«عزل الرقة». ومع عودة السيطرة السورية على أجزاء واسعة من المحافظة، تمّ ترميم بعض تلك الجسور، مثل معدان والشريدة، بشكل إسعافي لا فني. ويضيف خليفة إنه في كلّ مرّة تتسبّب فيها السيول بانهيار هذَين الجسرَين، يجري ترميمهما على عجل، مؤكداً أن جسر الشريدة موجود ضمن خطّة العام الحالي لإعادة بنائه بشكل فني ومستدام. وشهد شمال المحافظة انهيار أربعة جسور، اثنان منها ضمن محيط مدينة تل أبيض التي تحتلّها القوات التركية، فيما تسبّبت السيول في عزل المناطق القريبة من الشريط الحدودي بعضها عن بعض. كذلك، انهار جسران آخران في مناطق سيطرة «قسد»، ما أخرج الطريق الرابط بين الريف الشرقي للرقة ومركزها عن الخدمة. وبحسب إحصائيات حصلت عليها «الأخبار» من مصادر متعدّدة، فقد جَرفت المياه قطعان أغنام، ما تسبّب بنفوق 400 رأس على الأقلّ، وغمرت 4400 هكتار من الأراضي الزراعية، الأمر الذي تسبّب أيضاً بخسائر في موسمَي القمح والشعير.
تسبّبت السيول بانهيار سبعة جسور تقع على مجاري الأنهار التي ترفد الفرات أو الوديان التي توازيه في الرقة


وبالنسبة إلى المخيّمات الواقعة في الشمال الغربي، فهي تتعرّض سنويّاً لأضرار مادّية بفعل الأمطار والسيول، وذلك نتيجة إقامتها على أراضٍ زراعية أو بالقرب من الوديان ومجاري السيول المحتملة. وتقول المعلومات، التي حصلت عليها «الأخبار»، من مصادر أهلية في مناطق متفرّقة من شمال حلب وغربها وشمال إدلب، إن تعداد المخيّمات التي تضرّرت هذا الموسم بلغ 40 مخيّماً، بواقع 700 خيمة تهدّمت بشكل كامل أو جزئي، ليصبح سكّانها في العراء. وتعود أسباب المعاناة السنوية لسكّان هذه الخيم، إلى اختيار الموقع الجغرافي السيّئ، وسوء أو انعدام البنى التحتية، وعدم وجود قنوات لتصريف الأمطار أو حجب السيول، على رغم الموارد الضخمة التي تتلقّاها مكاتب «الائتلاف السوري» المعارض لهذا الغرض. وبحسب المصادر، فإن مشاريع المخيّمات الاسمنتية التي أُطلقت بعد الاحتلال التركي لمدينة عفرين، لم تشمل جميع السكّان، وإنّما عائلات عناصر الفصائل المسلّحة أو المقرّبين منهم. كما أن الخِيم التي أُقيمت بُعيد كارثة زلزال السادس من شباط الماضي، كانت الأكثر تضرّراً خلال اليومين الماضيين، ذلك أنها أُقيمت على عجل ومن دون أيّ مقوّمات، فيما يقول مصدر قريب من «الائتلاف»، في حديثه إلى «الأخبار»، إن المتضرّرين من الزلزال لن يكونوا الجهة الوحيدة المستفيدة من المنازل المسبقة الصنع التي وعدت بها قطر، إنْ وصلت، بل سيكون واقع توزيع تلك المنازل قائماً في جانب منه على المحسوبيّة، يبقى سكّان مخيّمات شمال غرب سوريا ضحايا تقلّبات المناخ، ومزاج قادة الفصائل.