فجأةً، توجهت بوصلتا «جيش الإسلام» وتنظيم «الدولة الإسلامية» إلى المطارات، بوصفها الهدف المقبل لكليهما. ورغم أن الطرفين يتبادلان عداءً مُعلناً، وصل إلى حد تبادل ارتكاب المجازر في الغوطة الشرقية، غير أن التزامن في اختيار هذه الأهداف يسترعي الانتباه، من دون أن يعني بالضرورة وجود تنسيق مباشر، أو ينفي احتمال قيام لاعبين إقليميين مؤثرين في سلوك التنظيمين بتوجيه البوصلتين «الجهاديتين».
مطار دمشق الدولي، بات منذ يوم أمس، هدفاً معلناً لأحدث معارك «جيش الإسلام»، الذي يقوده زهران علوش، والتي حملت اسم «معركة تطويق مطار دمشق الدولي». «جيش الإسلام» قال في بيان له إن المعركة تهدف إلى «تطويق المطار الذي يعد المصدر الأساسي لوفود المقاتلين الأجانب والمساعدات الإيرانية إلى نظام (الرئيس السوري) بشار الأسد». وخطوة لحصار دمشق «تمهيداً للقضاء على النظام في عاصمته». ووفقاً لمصادر «جيش الإسلام»، فقد بدأت المعركة ليل الأربعاء، و«لن تتوقف قبل السيطرة على مطار دمشق الدولي، مروراً بالغزلانية، وحتيتة التركمان». المصادر ذاتها، تحدثت عن «سيطرة المجاهدين على عدد من النقاط قرب مطاحن الغزلانية، وحصار المطاحن تمهيداً لاقتحامها». مصادر ميدانية سورية أكدّت أن المنطقة «تشهد اشتباكات عنيفة»، مشددة في الوقت نفسه على أن «الوضع تحت السيطرة التامّة». فيما قالت صفحات «جهادية» إن «قصفاً عنيفاً استهدف مواقع المجاهدين في الغزلانية ودير العصافير بالصواريخ والطيران الحربي».
بدوره، حدد تنظيم «الدولة الإسلامية» أهداف «غزواته» المقبلة، من دون أن يُعلن عنها رسميّاً بعد. ووفقاً لتسريبات حصلت عليها «الأخبار»، فإن المطارات العسكرية في كل من الطبقة (ريف الرقة)، ودير الزور، وكويرس (ريف حلب)، ستكون هدفاً لمعارك عنيفة، ومُتزامنة في الأيام القليلة المقبلة. وبطبيعة الحال، فإن مطار كويرس يرزح تحت حصار مستمرّ منذ شهور طويلة، وسبق أن شهد محاولات متكررة لاقتحامه، الأمر الذي ينطبق على مطار دير الزور.

أسقط «اللواء 93»
في قبضة «الدولة» في مشهد مكرر عن
مشهد «الفرقة 17»
وإذا صحت المعلومات الواردة من كواليس التنظيم، فمن المرجح أن يعمل التنظيم على تكرار سيناريو الاقتحامات المعهود ذاته، والذي طُبق بنجاح أمس في «اللواء 93» الواقع في عين عيسى (الريف الشمالي)، إذ سقط في قبضة «الدولة الإسلامية»، في مشهد بدا نسخة مكررةً من مشهد «الفرقة 17» (التي يتبع اللواء لها)، مع اختلاف جوهري، تمثل في سرعة سقوط اللواء في قبضة «الدولة»، خلافاً لما كانت عليه الحال في مقر الفرقة. ثلاث عمليات انتحارية، بواسطة ثلاث شاحنات مفخخة، كانت فاتحة الهجوم على اللواء. نفّذها في ساعات الفجر الأولى كلّ من أبو حذيفة التركماني، وأبو عبدو الشامي، والسعودي هاجر الجزراوي. ومع انتصاف نهار أمس، تمكن مسلحو التنظيم من السيطرة على أجزاء واسعة من اللواء، فيما استمرت الاشتباكات في أجزاء منه ساعات بعدَها. وتُرجح المعطيات الواردة من عين عيسى فرضية تنفيذ الجنود السوريين عملية انسحاب، على دفعات. ما دفع التنظيم إلى تحذير سكان المناطق والقرى الواقعة جنوب اللواء من مغبة «مساعدة عناصر النظام الفارين من اللواء». وجاء في التحذير المقتضب الذي تداولته صفحات «جهادية» غير رسمية أن التنظيم «يحذر أي شخص يقوم بتقديم أي مساعدة مهما كانت للعناصر الهاربين» تحت طائلة «المحاسبة». فيما نشرت صفحات تابعة للتنظيم المتطرف صوراً لجثث جنود سوريين، قالت إنهم سقطوا في معركة اللواء. وأتبعت ذلك بنشر صور أخرى لما سمته «جز رؤوس النصيريين». في المقابل، تداولت صفحات «مؤيدة» أنباء عن «أوامر بالانسحاب، ترافقت مع تغطية جوية كثيفة صاحبت انسحاب المئات من الجنود مع معداتهم الثقيلة». مصدر من داخل التنظيم، أكّد لـ«الأخبار» أن «الأيام المقبلة ستشهد اجتثاث الوجود النصيري من كامل ولاية الرقة»، في إشارة على ما يبدو إلى هجومٍ قريب يستهدف مطار الطبقة العسكري، الذي يُمثل آخر نقطة تمركز عسكرية للجيش السوري في المحافظة.
في سياق منفصل، استمرت المعارك على جبهة دير الزور المجاورة، بين مسلحي «الدولة الإسلامية»، ومسلحي عشيرة الشعيطات. مصادر مواكبة للتطورات الميدانية في المنطقة أكدت أن مسلحي الشعيطات «تمكنوا من أسر عدد من عناصر داعش». فيما «عمد مسلحون مجهولون الى إطلاق النار على دورية للتنظيم في مدينة البوكمال، ما أدى إلى إصابة عدد من العناصر»، وفقاً للمصادر ذاتها. بدوره، أكد مصدر من داخل التنظيم لـ«الأخبار» أنّ «كل المعارك التي دارت حتى الآن لا تعدو كونها مُقدمات للعملية الكبرى»، والتي تهدف وفق المصدر إلى «اجتثاث الغادرين تطبيقاً للشرع». المصدر أكّد أن «شرعيي الدولة أفتوا في هذا الشأن، انطلاقاً من أن غادري الشعيطات بايعوا، ثم غدروا وقتلوا المجاهدين. والحكم الشرعي يُلزم بقتل القتلة، ولو كثُروا». وبدا لافتاً أن المصدر أشار إلى أن «النظام يقف في صف المجرمين ويزودهم بالأسلحة عبر مطار دير الزور»، الأمر الذي يُعزز احتمال تحول المطار إلى هدف وشيك. ويتكامل مع ترويج عدد من الصفحات «الجهادية» ما قيل إنه «إحصاء للأسلحة الموجودة داخل المطار، والتي ستتحول قريباً إلى غنائم».





«حرب المفسدين» تحطّ في معرة النعمان

فصل جديد من فصول «حرب المفسدين» بدأ يوم الأربعاء في معرة النعمان (ريف إدلب). 14 مجموعة مسلحة، أعلنت بدء «ملاحقة المطلوبين والمفسدين». وأكدت المجموعات في بيان مشترك أن «كلاً من المحكمة الشرعية واللجنة الأمنية والمجلس العسكري، وجهوا الفصائل العسكرية بملاحقة المفسدين لتسليمهم إلى العدالة». وقال البيان إنّ «كافة الفصائل المقاتلة ستقوم بملاحقة المطلوبين حسب الأصول لتسليمهم إلى العدالة، وقد تم إلقاء القبض على بعضهم والبحث جار عن البقية». وأضاف: «لقد جمعنا بعض المعلومات بدقة، وبالأدلة القاطعة قبل القيام بهذه الحملة، التي ستريح أبناء معرة النعمان». يذكر أن «جبهة النصرة» و«حركة أحرار الشام الإسلامية» هما أبرز المجموعات المشاركة في الحملة.