عادت محافظة دير الزور إلى الواجهة من جديد. تنظيم «الدولة الإسلامية» لم ينعم طويلاً باستقرار «ولاية الخير» تحت سيطرته شبه المطلقة. اشتباكات عنيفة اندلعت في عدد من قرى الريف الشرقي، يقطنها أبناء عشيرة الشعيطات، وسط مؤشرات توحي بتصاعد وتيرة المعارك، واتساع رقعتها. الشرارة اندلعت في بلدة الكشكية، في ظل روايات متضاربة حول مسبباتها. رواية أنصار التنظيم أكدت أن أبناء الشعيطات كانوا «البادئين بالغدر»، حيث «هاجموا مجموعة من مجاهدي الدولة بغية إثارة الفتنة».
الرواية التي تداولتها صفحات «جهادية» على موقع «تويتر»، أكدت أن «بعض أفراد العشيرة المتنفذين كانوا يستفيدون من بيع النفط قبل سيطرة الدولة، وقد عملوا على تأجيج الوضع أملاً بالعودة إلى سابق عهدهم، وبدعم خارجي من المخابرات الكويتية والسعودية». في المقابل، أكّدت رواية الشعيطات أن «مسلحي داعش كانوا البادئين بالعدوان، فقاموا باعتقال ثلاثة من أبناء العشيرة، واستفزاز آخرين، بغية إذلال العشيرة فحسب». التوتر بين الطرفين وصل إلى ذروته في الساعات الأولى من فجر أمس. مسلحو الشعيطات هاجموا مقراً للتنظيم في بلدة الكشكية، و«دورية» في بلدة أبو حمام، ما أدى إلى مقتل عدد من أفرادها، والقبض على أحد «الأمراء الشرعيين» ويُعرف باسم أبو جلبيب الديري.

أنذر التنظيم «وجهاء الشعيطات» بـ«وجوب تسليم الغادرين»
وأتبعوا ذلك بنصب عدد من الحواجز وإعلان المنطقة خارجة عن سيطرة التنظيم الذي أنذر «وجهاء الشعيطات» بـ«وجوب تسليم الغادرين»، وأتبع ذلك بإغلاق معظم الطرق المؤدية إلى المنطقة، وتكثيف حواجزه بين البصيرة والغرانيج، ومحاولة اقتحام بلدات أبو حمام، والغرانيج، والكشكية. محاولة الاقتحام الأولى باءت بالفشل، ما استدعى حشد مزيد من التعزيزات، في وقت جدّد فيه التنظيم إنذار الوجهاء. ورغم أنّ صفحات «جهادية» تداولت أنباءً عن تمكن التنظيم من اعتقال 85 من أبناء الشعيطات، والسيطرة على الوضع، غير أن كواليس «الدولة» لا توحي بذلك. مصدر من داخل التنظيم قال لـ«الأخبار» إنّ «مجاهدي الدولة قادرون على تحويل المنطقة إلى خبر وذكرى. ولكنّ الدولة حريصة على حقن دماء أهلنا في تلك المنطقة». المصدر أكد أن «قلّة من الغادرين يحاولون جر المنطقة إلى الفتنة في سبيل مصالحهم، وهناك عدد كبير من أبناء الشعيطات مخلصون في ولائهم للدولة». وأضاف: «نتوقع من عقلاء القوم تسليم القتلة، لنيل القصاص العادل وحقن الدماء، وإلا اعتُبرت الشيعطات بأكملها ناقضة للعهد، ومتورطة في حماية قتلة ومجرمين اعتدوا على المجاهدين، فالدولة يحكمها الشرع لا العشائرية والقبلية».
في المقابل، أكّدت مصادر من أبناء المنطقة أن «أبطال الشعيطات أفلحوا في دحر المحاولة الثانية لاقتحامها»، وتوعدوا بتحويلها إلى «مقبرة لكل من يحاول العدوان عليها من خوارج داعش». المصادر تحدثت أيضاً عن «فزعة عشائرية»، حيث «وصلت حشود كبيرة من أبناء العشائر استعداداً للتصدي لأي ارتداد داعشي محتمل». أحد أبناء المنطقة أكد لـ«الأخبار» أنّ «دير الزور بأكملها على أبواب ثورة شعبية ضد مجرمي داعش، هلّت بشائرها من أبو حمام والكشكيه والغرانيج، وامتدت إلى أبو حردوب والجرذي والشويط». الأخيرة كانت قد شهدت ليل أمس معارك عنيفة، انتهت بانسحاب مسلحي «الدولة»، إثر مهاجمة مخفر البلدة الذي كان من أبرز مقارهم. ومن المتوقع أن تشهد المنطقة خلال الأيام المقبلة معارك طاحنة؛ فالتنظيم اعتاد الردّ على الحوادث المماثلة بعنف كبير، الأمر الذي ضمن له سابقاً استعادة التوازن في ريف حلب، وفي الرقة، بعد أن شنت «جبهة النصرة» وحلفاؤها حملة كبيرة ضده. وفي الوقت نفسه، يُتوقع أن تسعى أطراف عدّة لاستغلال الوضع المستجد في ريف دير الزور، بغية تقويض نفوذ التنظيم هناك. اللافت أن أوساط «النصرة» وحلفائها قد امتنعت عن التعليق على الأحداث، كذلك بدا لافتاً في الوقت نفسه أن الطائرات السورية قد استهدفت رتلاً للتنظيم قرب قرية الشنان، على الطريق الواصل بين حقل العمر وحقل التنك النفطي. وأكدت مصادر عدة أن الرتل كان متجهاً نحو منطقة الشعيطات.




«داعش» يحدد مواصفات «الحجاب الشرعي»

أصدر تنظيم «الدولة الاسلامية» تعليمات جديدة بشأن «اللباس الشرعي للنساء». ووزع التنظيم منشوراً في ريف دير الزور الغربي، قال فيه إنه يأتي «حرصاً على أعراض المسلمين». ونصّ المنشور على أنه «يمنع منعاً باتاً الكشف عن عيون الأخوات المنتقبات، وذلك للعمل بقول الله تعالى «ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين»». كذلك أكد على «منع لبس العباءة المفتوحة التي تكشف ما تحتها من الثياب الملونة»، أو «لبس العباءة المزينة بالخرز والبرق وما سواه». وشملت قائمة المنع «إظهار الحجابات والملافع الملونة تحت النقاب»، و«لبس الأحذية ذات الكعب العالي». وشدد المنشور على «الحرص على أن تكون العباءة فضفاضة»، إضافة إلى «الحرص على لبس الدرع المغطي لمفاتن المرأة». واختتم بالتحذير من أن «كل من يخالف هذا الأمر سيخضع للتعزير الشديد (العقوبة بغرض التأديب على معصية أو جناية لا حدّ فيها ولا كفارة، أو فيها حدّ، لكن لم تتوافر شروط تنفيذه)».