غزة | بعد يومين من عودة وفد حركة "الجهاد الإسلامي" من القاهرة، واختتامه مباحثات مع المسؤولين المصريين حول الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلّة وخاصة الضفة الغربية، بدأ وفد من حركة "حماس"، أمس، لقاءات مماثلة، وسط تأكيد الحركة أنها "لن تسمح بتجاوز الخطوط الحمراء" خلال الفترة المقبلة، ومطالبات منها لمصر بالضغط على دولة الاحتلال لوقف استفزازاتها تجاه الفلسطينيين. وبحسب ما علمته "الأخبار"، من مصادر "حمساوية"، فإن الوفد الذي يترأّسه رئيس المكتب السياسي للحركة، إسماعيل هنية، ويضمّ مسؤول العمل الحكومي في قطاع غزة عصام الدعاليس، وعضو المكتب السياسي روحي مشتهى، ناقش مع المخابرات المصرية، ممثَّلة في وزيرها عباس كامل، ومسؤول ملفّ فلسطين فيها اللواء سامح نبيل، "أبرز التحدّيات التي تواجه القضية الفلسطينية، خاصة في ظلّ الحكومة الإسرائيلية الجديدة".ووفق المعلومات، فإن المصريين نقلوا إلى "حماس"، وجود رغبة أميركية ودولية بالتهدئة في الأراضي المحتلّة، وأن إدارة جو بايدن تضغط حالياً على حكومة بنيامين نتنياهو لمنعها من اتّخاذ مزيد من الخطوات التي قد تؤدّي إلى تفجير الأوضاع واندلاع انتفاضة جديدة. ومن هنا، طالبت القاهرة، الحركة، بالتجاوب مع الطرح الأميركي الحالي، وإيقاف عملها في الضفة الغربية وداخل المدن المحتلّة عام 1948، طبق المصادر. لكن "حماس" ردّت على المخابرات المصرية بأن سياسة حكومة الاحتلال المتطرّفة هي التي تفرض التصعيد على مختلف الساحات الفلسطينية، لافتةً إلى أن الفلسطينيين يستشعرون حجم التهديد الذي تتعرّض له قضيّتهم في ظلّ تعمُّد العدو "تجاوُز الخطوط الحمراء"، مستعرِضةً جملة اعتداءات أقْدم عليها الاحتلال، وردّت عليها المقاومة، وأبرزها جريمة جنين التي جاء الردّ عليها بعملية القدس البطولية التي نفّذها الشاب خيري علقم.
بيّنت الحركة، للمصريين، أن إنجاز صفقة تبادل سيكون عاملاً مساعداً على الهدوء


وعليه، جزمت الحركة أنها لن تَسكت على تصرّفات الوزيرَين المتطرّفَين، إيتمار بن غفير ويتسلئيل سموتريتش، تجاه المسجد الأقصى والأسرى والضفة وفلسطينيّي الداخل المحتلّ، محذّرةً من أن تكرار ما جرى في مخيّمَي جنين وعقبة جبر لن يؤدّي إلى حالة من الهدوء، بل سيستتبع "ردود فعل كبيرة وقوية من قِبَل الفلسطينيين"، ومنبّهةً إلى أنها "لن تَسكت على مخطّطات تهويد مدينة القدس وطرْد المقدسيين وهدْم منازلهم"، وأن "ما ثبّتته خلال معركة "سيف القدس" لن يتمّ التراجع عنه". كما أكدت "حماس"، للمصريين، رفْضها الطرح الأميركي الذي يريد ضمان الأمن لدولة الاحتلال، من دون الأخذ في الاعتبار الحق الفلسطيني والجرائم الإسرائيلية ضدّ الفلسطينيين ومقدّساتهم، مشدّدةً على أن أيّ هدوء مرهون بوقف جرائم العدو واستفزازاته وخاصة في مدن الضفة المحتلّة، لافتةً إلى أن الاحتلال ما زال يرفض التوقّف عن اقتحام المدن الفلسطينية وعمليات الاغتيال والاعتقال، و"هذا الأمر سيؤدّي إلى مزيد من التصعيد". واعتبر الوفد "الحمساوي" أن المخطّط الأميركي يهدف إلى "ضرْب المقاومة في الضفة، وتقوية التنسيق الأمني مع الاحتلال، وهذا الأمر مرفوض من جميع الفلسطينيين"، موضحةً أنه "في ظلّ الجرائم الإسرائيلية، لا يمكن الحديث عن تهدئة الأوضاع في الأراضي المحتلّة".
وبخصوص ملفّ الأسرى، بيّنت الحركة، للمصريين، أن إنجاز صفقة تبادل سيكون عاملاً مساعداً على الهدوء، مستدرِكةً بأن استمرار التضييق على المعتقَلين "سيؤدّي إلى تفجُّر الأوضاع في أيّ لحظة داخل السجون أو خارجها". أمّا على المستوى الداخلي الفلسطيني، فشدّدت "حماس" على أن الحلّ الوحيد يتمثّل في "إعادة اللحمة إلى أبناء الشعب، عبر ترتيب البيت الفلسطيني، وإصلاح منظّمة التحرير، وإجراء الانتخابات"، مشيرةً إلى أن موقف رئيس السلطة، محمود عباس، بهذا الخصوص "لا يزال سلبياً، إذ لا يرغب أبو مازن في أيّ تقدّم في ملفّ المصالحة"، داعية إلى "استراتيجية وطنية فلسطينية لمواجهة التهديدات التي تفرضها حكومة الاحتلال المتطرّفة".
وفي ما يتعلّق بالأوضاع في قطاع غزة، ناقشت "حماس" مع المصريين العلاقات البَينية، وخاصة في المجالَين الإنساني والتجاري، مثنيةً على "الدور المصري في إعادة إعمار القطاع بعد حرب عام 2021"، إلّا أنها أشارت إلى وجود تأخير في تنفيذ بعض المشروعات، ومماطلة في إنفاذ تسهيلات لتحرّك المواطنين من وإلى قطاع غزة، مطالبة بتقوية "التعاون الإيجابي" بين الجانبَين.