غزة | «ابني مهدّد بالموت في أي لحظة... إسرائيل هدمت كل أحلامي في إنقاذ حياة ابني»، تشكو المواطنة أم سليمان أبو العلا حالها وهي تقف على أنقاض منزلها في بلدة بني سهيلا شرق مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة. تقول أبو العلا إن ابنها سليمان يعاني من فشل كلوي ويحتاج إلى عملية زراعة عاجلة في مصر. وبعدما بيّنت الفحوص المخبرية أن أنسجة كليتها تطابق جسده الصغير، استعدت للتبرع بها كي يعيش ولدها حياة طبيعية بعيداً عن ألم غسل الكلى.
بعد مساعدة من عدة جمعيات وأشخاص لأشهر، استطاعت أم سليمان أن تجمع المبلغ اللازم، لأن تحويلة السلطة الفلسطينية الطبية لا تشمل كل تكاليف العلاج كالإقامة والسفر، لكنها صُدمت كما كثيرون باستمرار إغلاق معبر رفح البري. اليوم يبدو أن هذا الحلم قد يؤجل أكثر بعد أن قصفت طائرات الاحتلال منزل العائلة في أول أسبوع من العدوان.

فقدت عائلة أبو العلا
منزلها وفرصة علاج ابنها
وزفاف بنتها

على عكس عادة هذه الحرب أو التي سبقتها، جرى تبليغ منزل أبو العلا بطريقة مختلفة، إذ لم يجر الاتصال بهم أو تحذيرهم بصاروخ من طائرات الاستطلاع. كل ما يذكرونه أن أحد جيرانهم نادى عليهم بصوت عال وهم يعدون طعام الإفطار، صارخاً بأن جيش الاحتلال اتصل به ليبلغه بضرورة أن يخلي جيرانه بيتهم بسرعة، لأنه سيُقصف. ثوان معدودة ارتدت فيها فتيات البيت غطاء الرأس وهربوا جميعاً، وما هي إلا عشر دقائق حتى سُوّي منزلهم بالأرض بعد استهدافه بثلاثة صواريخ.
تقول الأم: «المنزل الذي استهدف كان ثلاثة طوابق ويحوي 4 عائلات، وعددنا فيه 36 شخصاً معظمهم من الأطفال والنساء»، مشيرة إلى أن هذا الاستهداف تسبب في ضياع آخر أمل لها في علاج ابنها. وتضيف: «نعيش الآن في منزل جيراننا الذين منحونا إياه حتى إيجاد بديل، ولصغر المنزل ينام أولادي في المسجد، وزوجي عند شقيقته».
رغم كل ذلك تحمد أم سليمان الله على أنها لم تفجع في أحد من أبنائها، لكنها تنظر إلى رحلة المعاناة المقبلة من أجل توفير المال مجدداً.
في العائلة نفسها قصة أخرى؛ فقد كانت إحدى البنات ستزف إلى عريسها في الأردن بعد العيد، وجهّزت من أجل ذلك حقائبها للسفر بعد أن اشترت ما يلزمها من ملابس ومصاغ ذهبي، لكن كل ما جمعته صار تحت الركام. تضيف: «لا نستطع حالياً الاقتراب من المنزل لمعرفة ماذا بقي منه، خوفاً من وجود بقايا من الصواريخ».
وتبين أسماء (21 عاماً)، التي تغير لون وجهها وضاعت منها الابتسامة، أنها عانت كثيراً لجمع ما يلزمها، ذاكرة أنها عملت في تكسير الفستق حتى تورمت يداها كي تكمل ما ينقصها وأصبح اليوم رماداً.