بعدما سيطر على مدينة الحوطة، مركز محافظة لحج، قبل نحو أسبوع، تمكن تنظيم «القاعدة» من إسقاط مدينة عزان، ثاني أكبر مدن محافظة شبوة جنوبي شرقي اليمن. وعلى غرار سيطرته على المدن الجنوبية الأخرى، تمكن مسلحو التنظيم من الاستيلاء على عزان من دون مقاومةٍ تذكر، وفقاً لمصادر محلية. ومنذ بدء الحرب السعودية على اليمن، توسّع «القاعدة» في مدن المكلا في حضرموت، وزنجبار في أبين، والحوطة في لحج، فضلاً عن نفوذه وسيطرته الواسعة في مناطق عدن. وبسيطرته على عزان التي تقع على طريق تربط مدينة عتق عاصمة شبوة مع المكلا، يؤمّن التنظيم طريقاً داخلي في الجنوب اليمني، بعدما بسط سيطرة شبه كاملة على الشريط الساحلي الجنوبي، إلى جانب ما يسهّل له التوسع في شبوة من تأمين وجوده في مناطق وادي حضرموت، وصولاً إلى محافظة المهرة على الحدود مع سلطنة عُمان التي تحدثت معلومات في وقت سابق عن نية التنظيم التمدد نحوها، بعدما كانت المحافظة الجنوبية الوحيدة التي لا تزال بمنأى عن انتشاره.
أحبط الجيش و«اللجان الشعبية» محاولة تقدم للمجموعات المسلحة في مأرب
وصباح أمس، أفادت مصادر بأن «مسلحين ينتمون إلى تنظيم القاعدة استحدثوا نقاط تفتيش عدة في المدينة وعند مداخلها ومخارجها، وهم يرفعون أعلام تنظيم القاعدة، ويتمركز بعضهم في مقارّ حكومية»، في مشهد يذكّر بما جرى في المكلا في نيسان الماضي، حين «تسلّم» المسلحون المؤسسات الحكومية من القوات المؤيدة لـ«التحالف». ونقلت وكالة «فرانس برس» عن مسؤول محلي قوله إن «الدولة غير موجودة أصلاً، وبالتالي سيطرة التنظيم عليها شيء طبيعي في ظل هذا الفراغ»، مؤكداً أن «جزءاً من المسلحين الذين انتشروا في المدينة من أبنائها، ولم يأتوا من محافظة أخرى».
وفيما يتوسّع «القاعدة» في مناطق الجنوب من دون مقاومة أو رادع، تتواصل الأعمال الأمنية في عدن التي تكرّس واقع الفوضى السائد في المدينة الجنوبية منذ تموز الماضي، تاريخ سيطرة قوات «التحالف» عليها وانسحاب الجيش اليمني و«اللجان الشعبية» منها. وفيما لا تكاد تفصل ساعات قليلة بين اغتيال وآخر أو تفجير وآخر، اغتال مسلحون، يوم أمس، قائد الحراسة الخاصة بالشيخ القبلي صالح بن فريد العولقي، علي الداحمة العتيقي في مدينة المنصورة في عدن. وبالتزامن، اشتبكت حراسة العولقي مع المهاجمين، ما أدى إلى مقتل ثلاثة منهم. وكان منزل العولقي قد تعرض لهجوم بسيارة مفخخة، في 6 تشرين الأول الماضي، تزامناً مع التفجيرات التي استهدفت فندق القصر، مقر الحكومة اليمنية وقوات «التحالف» والتي تبناها «داعش».
على صعيد آخر، تستمر عمليات الجيش اليمني و«اللجان الشعبية» داخل الأراضي السعودية، حيث استهدفت القوات اليمنية تجمعاً للقوات السعودية في جيزان بقصف صاروخي، ما أدى إلى مقتل عدد من الجنود السعوديين. وقنصت القوات اليمنية عسكرياً سعودياً بالقرب من صحراء ميدي في جيزان، فيما فجرت دبابة «إبرامز» ومدرعة «برادلي» بعبوات ناسفة في قرية قمر في المنطقة نفسها. وتمكن الجيش و«اللجان» من إحراق أربع آليات سعودية وثلاث مدرعات «برادلي» شرقي مدينة الربوعة في عسكر، بالتزامن مع إحراق آليتين سعوديتين ودبابة «إبرامز» في قرية المجازة في المنطقة نفسها.
أما على صعيد المعارك الداخلية، فقد أحبط الجيش و«اللجان الشعبية» محاولة تقدم للمجموعات المسلحة المؤيدة لـ«التحالف» باتجاه منطقة الجعدر في محافظة مأرب. في هذا الوقت، يواصل طيران العدوان غاراته على مناطق متفرقة في اليمن، إذ استهدفت سلسلة غارات عدداً من المحافظات أدت إلى أضرار كبيرة في الأحياء السكنية. وجدد طيران «التحالف» القصف على منطقة السبعين وجبل النهدين في العاصمة صنعاء، وخزان الوقود في محطة المخا البخارية في محافظة تعز. كذلك استهدفت سلسلة غارات جوية محافظة صعدة، على مزارع المواطنين وممتلكاتهم في مديرية باقم ومنطقة طخية ومنطقة جبار في مديرية منبه ومديرية الظاهر ومنطقة القمع في كتاف وشبكة الاتصالات في جبل الشرفة في مران. شن الطيران السعودي 14 غارة على مديرية صرواح في مأرب و20 غارة على منطقة الجدعان ومفرق الجوف والفرضة والخانق والطريق العام الرابط بين صنعاء ومأرب. كذلك، استهدفت غارات العدوان محالّ تجارية في سوق العند التابع لمديرية سحار والجبل الأحمر في منطقة بني عوير في مديرية الصفراء.
وكان المتحدث باسم وزارة الصحة اليمنية قد أعلن أن 180 مرفقاً صحياً قد تضرر بفعل الحرب السعودية، بينها 42 دمّر بـ«شكل كامل»، فيما فاقت خسائر التجهيزات الطبية 90 مليون دولار جراء الحرب. وأضاف في تصريح أمس، أن عدد الأسر النازحة في محافظات اليمن بلغ أكثر من 380 ألفاً، فيما تخطّى إجمالي عدد الأفراد النازحين «المليونين». أما حصيلة المعوقين بفعل الحرب، فقد تجاوزت 23 ألفاً و 500 ضحية وجريح و1460، وذلك حتى 24 كانون الثاني الماضي.

(الأخبار، أ ف ب)